إذا كان تهريب العميل الصهيوني وعميل المخابرات المركزية الامريكية بمروحية انطلقت من السفارة الامريكية في لبنان قد تم بصفقة وهذا أغلب الظن كما كان الحال بالقرار الذي اصدره القضاء اللبناني بوقف ملاحقته ومهما كانت الاسباب والذرائع لهذه الصفقة فإنها وبكل المقاييس هي صفقة ووصمة ذل وعار ليس فقط للعهد أو القضاء اللبناني العسكري او المدني بل هذه وصمة عار يتحملها كل اللبنانيين والسكوت على هذه الصفقة وعدم فضح المتورطين فيها على الملأ يعني السكوت والهرب الى الامام منعا للمواجهة مع الاطراف التي تجر لبنان أكثر فأكثر الى مواقع تصل الى حد الخيانة والذي يبدو ان ملازمة السكوت تحت شعار الحفاظ على السلم الاهلي هو الذي شجع العديد من الاطراف اللبنانية العميلة بالتمادي اكثر فأكثر في هذا المجال للوصول الى حد الخيانة والتنكر للشعب اللبناني وأسراه وشهدائه الذين ضحوا من اجل تحرير الجنوب من رجس الصهيوني المحتل واللذين تصدوا ومنعوا وصول جحافل داعش والقوى الظلامية الى الداخل اللبناني. ومن المؤكد لو كان الرئيس السابق اميل لحود في قصر بعبدا لم يكن هذا العار قد لحق بلبنان.
إذا ما كان هنالك من بقية كرامة للعهد أقل ما يمكن ان يتخذ هو طرد السفير الامريكي من لبنان الذي يتصرف وكأنه بريمر العراق فنحن لا نجد اي فارق بين الاثنين. والذي يبدو ان السفير الامريكي قد تطاول وبشكل وقح في السابق وعدة مرات دون رادع وها هو الان يتمادى اكثر واكثر ويتصرف بشكل وكأن لبنان جمهورية الموز او الحديقة الخلفية للولايات المتحدة وهو يدير السياسة العدوانية الامريكية في المنطقة ولا شك ان هنالك قوى محلية منبطحة للارادة الامريكية لا بل وتقوم بتنفيذ اوامرها في الداخل اللبناني. ولكل من يقول ان وضعنا لا يسمح لنا بالتصدي خوفا من العقوبات التي قد تفرضها أمريكا نقول ان من يبدأ في التساقط والخنوع لن يكون لهذا السقوط حدا ولنا في التجربة الفلسطينية والمباحثات وتقديم التنازلات هنا وهناك الى ان وصلنا الى حالة يرثى لها.
المجرم ترامب تفاخر في مؤتمر صحفي له قائلا “اننا اليوم نستقبل مواطنا أمريكيا قادما من لبنان وهو مصاب بالسرطان” ليبدي وربما ليغطي على الطبقة السياسية اللبنانية التي ساعدت بإسقاط التهم عنه وتهريبه الى خارج لبنان وليعطي الانطباع ان هنالك قضية إنسانية استدعت هذه الطبقة الفاسدة والقرصنة الامريكية التصرف بهذا الشكل السفر والوقح. هذا الذي يدعي “الانسانية” يقتل شعب فنزويلا وإيران يوميا من خلال العقوبات الجائرة واللاخلاقية واللاشرعية.
جميل ان نرى الشعب اللبناني في التظاهرات من اجل لقمة العيش ومكافحة الفساد ولكن الأجمل ان نرى مثل هذه التحركات ومثل هذا الاصرار والثبات بالتصدي للهيمنة الامريكية على لبنان لان هذه الهيمنة هي جزء اساسي من مصائب لبنان السياسية والاقتصادية ويبقى لنا ان ننتظر, لنقاتل جانب اساسي من جوهر المصائب وليس إفرازاتها. ولا بد أن يطالب الحراك الشعبي في لبنان من ملاحقة كل من تواطىء قضائيا وسياسيا وسهل وساعد في تهريب هذا العميل الخائن للوطن لان هؤلاء جزءا لا يتجزأ من الفساد الذي ينخر المؤسسات اللبنانية.