لا أبالغ إن قلت بأنه كانت لدي قناعة تلامس حد اليقين بان إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب التي سارعت إلى إرسال اربع بوارج حربية وطائرة الى البحر الكاريبي بهدف معلن وهو إعتراض خمس ناقلات نفط ايرانية محملة بالبنزين متجهة لمساعدة الشعب الفنزويلي على مواجهة الحصار الامريكي المفروض على بلاده لن تجرؤ على فعل ذلك وستضطر إلى لحس تهديداتها وترك تلك الناقلات تواصل طريقها إلى هدفها.
والمسألة هنا ليست بحاجة إلى ذكاء فالناقلات الإيرانية وصلت بالمعنى المجازي الى الموانئ الفنزويلية منذ ان أسقطت الدفاعات الجوية الإيرانية المتطورة طائرة الاستطلاع الاكثر تطوراً والاغلى ثمناً في سلاح الجو الامريكي العام الماضي من طراز (جلوبال هوك) ولم تجرؤ ادارة ترامب خوفاً من الرد الايراني على الرد .
ووصلت عندما دكت الصواريخ الباليستية الإيرانية القسم الامريكي من قاعدة عين الاسد الجوية الامريكية في العراق رداً على إغتيال قائد قوة القدس في الحرس الثوري الايراني الشهيد قاسم سليماني واوقعت خسائر بشرية ومادية كبيرة بها تكتمت عليها واشنطن لكي لا تضطر للدخول في حرب مع ايران .
وعليه فإن دخول آولى ناقلات النفط الإيرانية الخمس المحملة بالبنزين والتي انطلقت من إحدى الموانئ الإيرانية في وقت سابق من العام الجاري الى المياه الإقتصادية الإقليمية لجمهورية فنزويلا البوليفارية اليوم الأحد لمساعدة الشعب الفنزويلي على كسر الحصار الغاشم الذي تفرضه واشنطن على بلادهم هو بلا شك إنتصار إستراتيجي كبير مزدوج لكل من جمهورية ايران الإسلامية وجمهورية فنزويلا البوليفارية على الولايات المتحدة الامريكية.
نقول إنتصار إستراتيجي كبير ولا نبالغ لأنه سيكون بداية لتفكيك الحصار الأمريكي المفروض على الدولتين اولاً ولانه سيضعف من هيبة الاخيرة على المستوى الكوني ثانياً ولانه سوف يفتح شهية قوى إقليمية ودولية اخرى لتحدي الغطرسة والعربدة الامريكية والتصدي لها ثالثاً وسيشجع دول آوروبا كانت مترددة في كسر الحصار عن هاتين الدولتين بسبب خوفها من ردود فعل إدارة ترامب على التناغم مع مصالحها وتخفيف الحصار على ايران وفنزويلا رابعاً.
لا احد يستهين بقوة الولايات المتحدة الامريكية ولابمقدرتها على ممارسة القرصنة والتخريب وتنظيم المؤامرات والانقلابات وتسليح المعارضات الموالية لها للقيام التدخلات عسكرية ضد الدول المستقلة المناوئة للسياسة الامريكية .
ولكن امريكا تعربد وتستعرض عضلاتها عندما تواجه خصوماً ضعفاء وتتعامل مع أنظمة تابعة وبحاجة الى حماية من شعوبها مثل معظم دولنا العربية والإسلامية ولكنها عندما تدخل في صراع مع دول قوية وقادرة مثل إيران تعرف نقاط ضعفها وقوتها فهي تصبح مثل ربيبتها إسرائيل اوهن من بيت العنكبوت..
بقي القول بأن تموضع أيران في فنزويلا يعني انها باتت على مبعدة ٢٥٨٩ كم من شاطئ ولاية ميامي الامربكية فيما كانت قبل هذا التحول الإستراتيجي على بعد ١١٦٥١ كم من الولايات المتحدة الامريكية.
وهذا الإقتراب الجغرافي ينطوي على اهمية سياسية و عسكرية كبيرة لأنه سيوسع محور المقاومة من ناحية كما أنه سيسرع وهذا هو الاهم في تشكيل عالم متعدد الاقطاب على أنقاض عالم القطب الواحد الامريكي الذي تشكل عام ١٩٩١ من القرن الماضي عندما تفكك الاتحاد السوفياتي السابق من ناحية ثانية.