بقلم الدكتور بهيج السكاكيني-كاتب وباحث فلسطيني |
الاساءة للاسلام والصور المشينة التي تنال من النبي محمد صلعم من قبل الرئيس ماكرون والمدرس الذي عرض هذه الصور بدأت تاخذ أبعادا على المستوى الاقليمي والعالمي وبدأ البعض يستغلها في حساباته السياسية والانتخابية وغيرها. ولا بد ان نشير في هذا الاطار الى أن الامور بدأت تأخذ منحى يجير لصالح القوى الظلامية الارهابية التي تريد أن تجر الجميع الى مواقفها وهذا ما يجب ان نرفضه قلبا وقالبا كما انه أصبح يجير ايضا لصالح حركة الاسلاموفوبيا المنتشرة في أوروبا والتي عمل على تغذيتها طرفان اساسيان أولهما هي المجموعات الفاشية والاحزاب اليمينية المتطرفة التي بدأت تتصدر المشاهد والسياسات والافعال ضد المهاجرين من اصول أفريقية أو عربية أو اسيوية بشكل عام والطرف الاخر هو المجموعات الارهابية وخاصة تلك التي عادت الى جحورها بعد ان قاتلت الى جانب المجموعات المصنفة دوليا بأنها إرهابية مثل داعش والنصرة القاعدية. فهنالك وبحسب المخابرات الغربية الاوروبية أعداد كبيرة تقدر بالمئات إن لم تكن بالالاف قد غادرت فرنسا والمانيا وغيرها من الدول الاوروبية للقتال الى جانب المجموعات الارهابية في سوريا وتحت أعين أجهزة مخابرات هذه الدول. كما ,ان اجهزة مخابرات هذه الدول كانت تقوم بتدريب هؤلاء الارهابيين في معسكرات أقيمت في تركيا قبل دخولهم الى الاراضي السورية. ولقد قام بعض أفراد هذه المجموعات بأعمال إرهابية وإجرامية داخل بعض المدن الاوروبية الرئيسية سابقا.
كما ويجب أن نشير بموضوعية أيضا الى الدور الذي لعبته المساجد الممولة من قبل السعودية في العواصم الاوروبية لنشر الافكار الوهابية وهي أفكار تدعو لعدم تقبل الاخر وتجيز حتى قتل كل من لا ينتمي الى هذا الفكر الظلامي حتى لو كان مسلما. وهذا ليس تجني بل هو حقيقة قائمة ومن يريد ان يجادل في الموضوع فليعد الى قراءة الوهابية ونشأتها في الجزيرة العربية وعلاقة الوهابية بآل سعود قبل وبعد قيام المملكة العربية السعودية. ونشر الفكر الوهابي لم يقتصر على العواصم والمدن الاوروبية بل تعداه الى دول اخرى مثل باكستان التي أقيمت فيها المدارس الدينية التي تمولها السعودية والتي شكلت الحاضنة الرئيسية لرفد تنظيم القاعدة في أفغانستان بالمقاتلين لقتال القوات الروسية في سبعينات القرن الماضي. وهو نفس التنظيم الذي إنتقل للقتال في سوريا بالالاف وغيرها من الدول الاسيوية في ماليزيا والفلبين على سبيل المثال لا الحصر.
ما اود الاشارة اليه ويؤسفني هذا القول بأن هنال الكثيرين قد وقعوا في فخ القوى الظلامية سواء عن وعي او بدون وعي كما هو واضح من الكم الهائل من التعلقيات التي وردت في شبكات التواصل الاجتماعي خاصة. القوى الظلامية هدفها هو إثارت الفتن ونشر التعصب الديني ولا شك ان هذه القوى قد ركبت الموجة. وأشعر انه من واجبنا ان نشير الى هذه النقطة وأن نحذر من الوقوع في هذا الفخ.
من واجبنا الاخلاقي والديني والانساني ان نشجب وندين بأقسى العبارات التهجم على الانبياء والاديان لان هذا لا يدخل على الاطلاق ضمن مفهوم حرية التعبير التي يريدنا ماكرون او زبانيته أو اليمين المتطرف والعنصري الصاعد في الدول الاوروبية وغيرها ان نتبناها. وفي نفس الوقت وعلى نفس المستوى ندين اي عمل إرهابي تقوم به المجموعات الارهابية أو الافراد اللذين يقومون بمثل هذه الاعمال مدفوعين من تعصب ديني وعدم تقبل الاخر. ويجب ان نشير الى ان هذه المجموعات الارهابية قد قامت بقطع رؤوس وأكل الاعضاء البشرية والاتجار بالاعضاء البشرية في سوريا وليبيا هذا الى جانب تفجير المساجد والكنائس في سوريا والعراق وقتل رجال الدين المسلمين والمسيحيين على حد سواء. وكل هذه الاعمال الاجرامية لا تمت الى الدين الاسلامي كما نعرفه من القران الكريم بصلة والسنة النبوية.