إن لم تكن الولايات المتحدة وراء أي عملية انقلابية تحدث في أي بقعة على مساحة العالم، فيمكن أن تكون أي عملية انقلابية بمثابة ذريعة للتدخل الأمريكي، وذاك التدخل تفرضه بطبيعة الحال الجغرافية السياسية وحتى الاقتصادية لساحة العملية الانقلابية.
ما إن حدث الانقلاب العسكري في ميانمار، حتى سارعت الإدارة الأمريكية الجديدة إلى إدانته والتهديد بإعادة فرض عقوبات على نايبيداو، فصحيح أن الإدانة لم تأتِ فقط من واشنطن فكان هناك العديد من الإدانات الغربية، ولكن لابد من التوقف عند الإدانة الأمريكية بالتحديد ودوافعها.
موقع ميانمار الإستراتيجي شرق آسيا إضافة إلى ثرواتها الطبيعية من غاز ونفط ومعادن يجعل منها إحدى حلبات التنافس الدولي، من هنا فإن أسباب الإدانة الأمريكية:
..أولاً: تريد واشنطن التمهيد لتدخلها وإيجاد موطئ قدم هناك بدعوى إعادة “الأمن والاستقرار” وإعادة “الديمقراطية”، والذي ما يقود لـ ثانياً: المتعلق بالصين، فميانمار –شمال شرق الصين- تعد عمقاً إستراتيجياً لاستقرار الصين ومنطقة حيوية وسوقاً تجارية مهمة وكبيرة بالنسبة لبكين، أي إن الغاية تتمثل في إيجاد موطئ قدم أمريكي في المحيط الإقليمي للصين يكون بمثابة الانطلاق لزعزعة أمن واستقرار الصين، تماماً كما تعمل على ذلك واشنطن من خلال تايوان والتيبيت وهونغ كونغ وغير ذلك..
..إذاً يمكن اعتبار الانقلاب العسكري فرصة وبوابة جديدة لواشنطن لإزعاج الصين، وكما يمكن أن يكون إحدى أداوت التنفيذ الفعلي لإستراتيجية الاستدارة نحو آسيا التي كانت في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما ويحييها اليوم الرئيس جو بايدن إذ إن العداء للصين والسعي “لاحتواء” صعودها المتنامي يعد من الأولويات الأمريكية.
مراراً وتكراراً تكيل أمريكا بمكيالين عبر “خوفها على الديمقراطية” في أعقاب الانقلاب، بينما كانت هذه الديمقراطية مغيبة في قضية الروهينغا.. أليس احترام العقائد الأخرى من “الديمقراطية” فأين كانت عندها؟!
الغريب أن “الديمقراطية” التي تنشدها اليوم أمريكا، حاربتها في فنزويلا عندما التف الشعب حول قيادته واعتبرت المعارضة المنبوذة شعبياً “هي من يمثل الديمقراطية”، وحاربتها أيضاً في بوليفيا وكوبا وفي كل مكان يناهض أمريكا.