كلما عُقدت قمة لجامعة الدول العربية لعنتْ أختها، ويستمر الانحدار الذي صاحب هذه الجامعة منذ تأسيسها، لم تنفع عربياً ولم تُسمن من جوع، مطحنة كلامٍ منذ عشرات السنين، ولا شيء غير الكلام. صراخ، هتاف، شتائم، لعنات منصبّة، زد عليها شتائم ولعنات الشعب العربي، من “بغدان” (وبغدان هي بغداد) إلى “تطوان” عليها وعلى مَن جمعت وتجمع من زعماء إلا من رحم ربي، وهم قليل.
لا تحتاج إلى انتظار ما سيصدر عن القمة من بيان لتكتب من وحيه، فجمَلُ القمة ما زال يجترّ البيان نفسه من قبل النكبة والنكسة إلى ما بعد “ثورات” الربيع العربي، وما أفرحَ الجملَ بعشب هذا الربيع، وما أسعده به، وإن كان مسمومَ العشب قاتلاً فتاكاً.
نام بعض الزعماء المشاركين في القمة العربية، ربما من الإرهاق الذي أصابه وهو يعالج مشاكل الأمة، وحضرَ بعضهم لبعض الوقت وغادر، لعل الوجبة الأساسيّ على المائدة لم تعجبه، وتمطّى ثالث، وتثاءب رابع، لكن المقعد الوحيد الذي فخرَ على كل المقاعد الأخرى كان مقعد الجمهورية العربية السورية، الخالي من الرئيس السوري أو من يحل محله، لأن أهل الحل والعقد في أمر القمة كانوا أجبن من دعوة الرئيس السوري في ظل سيف الغضب المسلط فوق رؤوسهم يحمله سيدهم الأميركي الكبير.
كأن صقور الجامعة العربية – صقور بمناقير حساسين دون تغريدها الجميل – جاؤوا إلى القمة بعد أن وُزّع عليهم ما يجب أن يقولوه في ما يتعلق بإيران وحزب الله، فجعجعوا ما شاء لهم الوقت والهمّة، ونحمد الله أن لم تساعد الهمم، فإذا إيران وحزب الله سبب بلاء الأمة ربما منذ عصر الديناصورات، سبحان خالق الأشباه، حتى أن الأمين العام للجامعة، صاحب التاريخ السياسي المعروف في العروبة، لا يذكر “إسرائيل”، اضحك علينا على الأقلّ واذكرها، إلى جانب إيران وتركيا، حين تحدث عن الدول الجارة التي “فاقمت من تعقد الأزمات وأدت إلى استطالتها، بل واستعصائها على الحل”.
“القمة في تونس والعروبة في سورية”، هذا ما نشره صديق عزيز في صفحته على فايسبوك، فأجاد وصدق، فلولا كلام الأمير الكويتي المعتدل نحو إيران، ولولا كلام وحضور الرئيس اللبناني، لخلت القمة من أي فائدة، كحال أخواتها القمم السابقات، المليئة بالكثير من الكروش والخالية من مفيد الدسم.
متى تنتهي هذه المهزلة؟ متى تؤمَّم هذه الجامعة العربية فتصير جامعة الأمة، جامعة العرب لا جامعة الزعماء العرب؟ أو فلنسأل من الآخر: متى تعلنون وفاة الجامعة؟
المصدر: شاهد نيوز