قال نُوّاب المعارضة بمجلس نواب الشعب، إن تنقيح القانون الإنتخابي عن طريق تغيير فصل فيه يهم العتبة الإنتخابية لتصبح 5 بالمائة، عوضا عن 3 بالمائة، مردّه “فشل” أحزاب تعتبر نفسها “كبيرة” في الحكم ومحاولتها الترويج إلى أن هذا الفشل سببه النظام الإنتخابي.
فقد لاحظ النائب نزار عمامي (الجبهة الشعبية)، أن الأحزاب التي تريد الفوز بالحكم، عليها أن تحقق ذلك بالبرامج الحقيقية وليس عن طريق تغيير القانون الإنتخابي. وذكر أن الترفيع في العتبة الإنتخابية “إقصاء للإختلاف والتعدد داخل البرلمان وفي المشهد الحزبي”. وفي هذا الصدد قال عمامي: “إن البلدان الديمقراطية الكبرى مرّت كلها عبر العتبة الإنتخابية البسيطة وعملت بها لسنوات قبل أن تُغيّر نظامها”.
واعتبر النائب عدنان الحاجي (كتلة الولاء للوطن) أن الأحزاب الحاكمة “تعلّق فشلها على النظام الإنتخابي، لكن لولا أقليات كتل المعارضة لكان البرلمان والنظام السياسي اليوم نظاما مستبدا بأتمّ معنى الكلمة”، مشددا على أنه تنقيح يهدف إلى إقصاء مكوّنات أساسية في المجتمع تبحث عن طريقها للمشاركة في السلطة.
من جهته قال النائب غازي الشواشي (الكتلة الديمقراطية) إن مراجعة القانون الإنتخابي تتطلب وتستوجب بالمنطق مراجعة تمويل الحملات الإنتخابية ومراقبة المال السياسي ووضع القائمات الإنتخابية، فضلا عن مراجعة صلاحيات هيئة الإنتخابات وصلاحيات دائرة المحاسبات، مشيرا إلى أن “محاولة تنقيح العتبة الإنتخابية فقط، وفي هذا التوقيت بالذات، أمر غير مناسب وغير مقبول، سياسيا وأخلاقيا، نظرا إلى أنه يطرح خلال سنة انتخابية ويكشف عن نزعة إقصائية للأحزاب الصغرى وتكريس مشهد سياسي لا يدعم التجربة الديمقراطية في تونس”.
أما النائب المستقل فيصل التبيني، فقد اعتبر أن “كل التجارب التي حدّدت عتبة انتخابية فعلت ذلك لعزل أطراف سياسية معيّنة”، وقال في هذا السياق إنه “عندما حددت تركيا عتبة بـ 10 بالمائة ذهبت أكثر من 46 بالمائة من الأصوات هباء”.
وبيّنت مريم بوجبل (كتلة الحرة لحركة مشروع تونس) أنه “من غير المعقول أن يتم مناقشة القانون الإنتخابي، في ظلّ تواصل تعطيل تركيز المحكمة الدستورية”، مشيرة إلى أن “الحكومة تريد وأد المسار الديمقراطي ونسف التعدّدية”. ولاحظت أن الترفيع في العتبة الإنتخابية “لن يضمن بأي شكل من الأشكال تواجد نوّاب غير فاسدين”.
أما النواب المساندون لإقرار عتبة انتخابية ب5 بالمائة ، فقد دافعوا عن رأيهم بأن اعتبروا أن هذا الترفيع في نسبة العتبة الإنتخابية “سيُعقلن المشهد السياسي وسيساهم في الحد من التشتت الحزبي وانقسام المشهد السياسي، داخل البرلمان وخارجه”.
فقد اعتبرت هاجر بالشيخ أحمد (كتلة الإئتلاف الوطني) أن الأحزاب التي تطالب بالترفيع في العتبة “ليست ضد التعددية ولكنها ضد الإنقسام”. وقالت: “لدينا اليوم دكاكين سياسية موجودة على الورق فقط ولا تنشُط فعلا وهذا في حد ذاته أمر سلبي “.
وذكّرت بأن الوضع السياسي سنة 2011 فرض نظام الإقتراع الحالي وكان وقتها هو “الخيار الأنسب”، حسب رأيها، “بهدف ملء الفراغ السياسي وتجاوز مشكلة حكم الحزب الواحد، لكن السياق اليوم مختلف ومن المفروض أن الأحزاب السياسية قد هيكلت نفسها ونظّمت طرق عملها وبالتالي فإن الترفيع في العتبة لن يكون كارثة بالنسبة إليها”.
بدورها لاحظت كلثوم بدر الدين (كتلة حركة النهضة) أن مناقشة تنقيح القانون الإنتخابي مسألة قديمة، معتبرة أن هذا “التنقيح لا بد منه، من أجل فرض الإستقرار السياسي وترشيد الترشحات”.
وأضافت أن بعض أساتذة القانون أكدوا أن نظام النسبية “لم يعد ملائما للحياة السياسية في تونس ومن الضروري وجود أغلبية سياسية تحكم”، مشيرة إلى أن حزبها لم يذهب، على الرغم من ذلك، في هذا الإتجاه، لكنه يساند اعتماد عتبة 5 بالمائة في الإنتخابات التشريعية القادمة، لأنها تنظّم وتهيكل الأحزاب وتجعل الرؤية أوضح أمام الناخبين.
زميلها في الكتلة ذاتها، الحبيب خضر، قال إن كل الآراء التي تم الإستماع لها في لجنة النظام الداخلي، اتفقت حول مبدأ التعديل ولكن الإختلاف كان حول النسبة، مشيرا إلى أن الترفيع في العتبة الإنتخابية سيدفع إلى الإصرار على نضج أكبر للحالة الحزبية والديمقراطية ويمنع التشتت، ملاحظا أن العتبة ستفضي لمقروئية أفضل لورقة الإقتراع وستجعل التنافس حول الرؤى والبرامج.
يُذكر أن وفدا عن 29 منظمة وطنية ومبادرة مدنية وجمعية وشخصية مستقلة من الممضين على بيان 17 فيفري 2019 ضد المساس بالقانون الإنتخابي، يترأسه المختص في القانون الدستوري، الصادق بلعيد ويوسف الصدّيق وعدد من رؤساء وممثلي الأحزاب والمبادرات والجمعيات، قدموا صباح اليوم الثلاثاء إلى مجلس نواب الشعب وتحدثوا مع عدد من الكتل البرلمانية والنواب، للتعبير عن موقفهم الرافض لتغيير العتبة الإنتخابية والتنبيه من خطورة تمرير مشروع تنقيح القانون الإنتخابي.
وات