الخميس , 26 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

محاسبة الفاسدين أولوية.. نحو “الجمهورية الجديدة” !!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

الحال التونسية الراهنة، حيث يتقدّم الصراع، كلّ لحظة، خطواتٍ إلى الأمام، ليصل إلى حدّ غير مسبوق، أي على شفا اللّاعودة، أي شفا السقوط في الهاوية الأخيرة، هل ثمة مكان للأخلاق السياسية ، يمكن أن يُدعى إليه هؤلاء السياسيون والحزبيون والمحازبون، لنتجنب هذه الفاجعة التي لم تعد ترتسم في الأفق القريب، بل صرنا في قلب قلبها؟.. هل ثمة طريقة ما، يمكن أن نطالب هؤلاء للعودة إلى رشدهم ، لإنقاذ تونس و التونسيين من الخراب العظيم.. لا أعتقد ذلك ، لأنّ تلك المنظومة الساقطة ليست ساقطة سياسياً و شعبياً فحسب، بل هي ساقطة أخلاقياً أولاً وخصوصاً.. هذه الطُغمة السياسية الفاسدة تركت خيارا واحدا لا غير، هو خيار الرحيل وليس سوى الرحيل، الشعب لا ينتظر منهم حلا.. لقد صمّت الطغمة الفاسدة آذانها إزاء صوت الشعب الهادر المنتفض ، ولم تدرك ان لا عودة الى من اتبعوا نهج المحاصصة، وأن لا مجال للفاسد ومفاسده ولا مكان للفاشل ولا فرصة للأتباع والذيول و المتآمرون على وطنهم ، لن يمكن القبول ببقاء الطغمة الفاسدة واتباعها واذنابها متصدرين المشهد السياسي ، وهم من تسببوا في الازمات وانتجوها، إنّ الشعب لا ينتظر منهم سوى الرحيل و محاسبتهم .. نعم، الحل لم يبق بيد طغمة الفساد وعليها ان تعي ذلك، إنّما الحل بيد الشعب التونسي الذي لخص ذلك في خارطة الطريق، وفي التفصيلات التي بلورتها ساحات الاحتجاج وطرحتها بوضوح كامل، وهي تشدّد على رحيل منظومة الخراب و محاسبتها و لا شيء غير المحاسبة..

فشلت جميع محاولات قوى الردّة لضرب الدولة من الخارج، وأُحبِطت مخططاتهم لزرع فوضى تعزز أوهامهم بالعودة إلى السلطة.. فشل ترجمه لفظهم شعبيا عقب انكشاف مآربهم وسقوط أقنعتهم، غير أن هوس الحكم يعيدهم في كل مرة إلى ذات الدائرة القائمة على التحريض والتشويه ضد تونس و رموزها و أمنها واستقرارها.. نفس السيناريوهات و نفس المسرحيات الواهية و الهزيلة يتقمّص أدوارها نفس الشّخوص – الدّمى – تحرّكهم خيوط الثعالب السياسية الماكرة من الداخل والخارج ، مسرحيّة تبدأ بنشر الفتن و استجلاب الإنتباه بشتّى الوسائل اللاّ مشروعة و الخارجة عن منطق المعارضة حتّى يظهروا بمظهر الضحيّة ..مسرحيّة يحرّك خيوطها دعاة الإلتفاف على مسار الـــــ 25 جويلية، و طلاّب السّلطة المهزومين و المنبوذين و المطرودين فيجعلون من ذات الأسماء المكرّرة في المعارضة الفاشلة ديمقراطيّا و ساقطة سياسيا و أخلاقيا و شعبيا في صدارة المشهد ، و أصبحت بوقا للفتنة و التناحر تتحكّم فيه عصابة من المفسدين…و يتمّ تجنيد الإعلام و بيادقه و ذبابهم الإلكتروني و أذرعتهم من الداخل والخارج حتّى ينفخوا في صورهم و في أمنياتهم المزعومة و أكاذيبهم الفاجرة.. هؤلاء المراهقين سياسيّا و الحاقدين و العاملين على تقويض أمن و سلامة الشّعب فاتهم أنّ هذا الشعب الذي لا يدين لأحد منهم في ثورته التي صنعها بنفسه و لنفسه ، هذا الشعب يرفض كل وصاية من هؤلاء المتشدّقين بإسمه و الرّاكبين على إرادته و أنّ هذه المسرحيّات المفبركة و دموع التماسيح على مصلحة تونس انكشفت فيها ألاعيبهم و ظهر منها ما يكنّون فعلا ،نعم سقط القناع على هذه المعارضة الغوغائيّة الحاقدة و بالتالي فهي ساقطة سياسيا و أخلاقيا و شعبيا.. الفرز أوضح ما يكون اليوم بين النخب السياسية التي تعمل ضمن قيم الدولة وثوابتها ومصالحها العليا، وبين النخب الأخرى التي أثبتت مجاري الأحداث دجلها وسقوطها وزيف شعاراتها وأفكارها ومدى الخطر الذي تحمله على حاضر الدولة ومستقبل شعبها..

دائما يضرب الشعب التونسي أروع الأمثلة في الوطنية و الإنتماء ويؤكد أنه يعي ويدرك الأخطار التي تحيط بالوطن، ويتصدي للمخططات التي يدبرها أعداء الوطن وأهل الشر من جماعة قوى الردّة وأذنابها وحلفائها، التي تستهدف النيل من الدولة التونسية وزعزعة استقرار الوطن، و تحاول وتخطط لإشعال الفوضى وإثارة البلبلة، من خلال نشر وبث الشائعات والأكاذيب والمعلومات المغلوطة، و تسخر إعلامها المضلل والمزيف ومواقعها وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي لضرب استقرار وأمن المجتمع، والتحريض ضد الدولة التونسية ورموزها،إن هذه الجماعة المارقة أصبحت مستهترة و مرتبكة وفقدت الوعي والإحساس لأنها لازالت تتصور أن سعيها الشيطاني في كل ممارساتها لإحداث الفوضى مرة أخرى بالدولة سواء من خلال نشر الأكاذيب والشائعات و المسرحيات و سياسة التجويع و سياسة الأرض المحروقة، هذه الطغمة السياسية الظالمة والساقطة تتوهم أن بإمكانها إغتصاب إرادة الشّعب مرة ثانية أو إفشال مسار الـــــ 25 جويلية و العودة إلى الوراء لإقتسام الغنيمة و الحكم ، ولكن كل هذه المخططات فشلت لأن الشعب التونسي يقف لها بالمرصاد، ولا يصدق أكاذيبها وأساليب خداعها، كما أن الشعب التونسي يقف ويصطف خلف مؤسسات الدولة والقيادة السياسية، من أجل بناء جمهورية جديدة.. إن للتونسيين مطلب واحد، هو : رحيل الطغمة الفاسدة و محاسبتها وبناء تونس من جديد بروح جديدة بعيدة عن تلك الاحزاب التي أكلت الأخضر واليابس وتربعت على كرسي السلطة بكتم انفاس شعوبها وذبح آمالهم وأحلامهم..

إنّ مسيرة التونسيين من أجل استعادة جمهوريّتهم المتهالكة والتي دمّرتها مطامع فئة فاسدة خطفت الدّولة وأهدرت ثرواتها ، في ظلّ صمتٍ سياسي رهيب واستشراء الزبائنيّة والمحسوبيّات لابدّ أن تستمر نحو تحقيق حلم بناء دولة كل التونسيين و القطع مع عشريّة الدمار والخراب.. تونس اليوم على الطريق القويم، وإن كان طريقاً صعباً، و الإستثـناء التونسي، سيتغلب مرة ثانية على صعوبات الولادة القسرية، مهما تعاظم الألم، و نجاح الإستثناء التونسي، وتحقيق حلم الجمهورية الثالثة ، مطلب مستحق لشعب كريم، وأفضل ما يمكن عمله هو تفهّم هذه الرغبة واحترامها التام..إنّ مسار الـــــ 25 جويلية لم يحقق كل أهدافه ولذلك لا بد من الضغط حتى تتحقق بكل الوسائل الممكنة.. اليوم لا بدّ من الحسم و المحاسبة، لا بدّ من فتح كل الملفات، لا بدّ من الضرب بيد من حديد على يد القتلة و المجرمين و اللصوص و المتآمرين و العابثين بقوت الشعب، لا بدّ من الحزم لإيقاف نزيف الاقتصاد و إعادة عجلته للدوران ، لا بدّ بالخروج بسفينة الوطن إلى برّ الأمان، انتهت اللعبة و انكشف الخداع و الخيانة و ما على الشعب إلاّ أن يقف في وجه القتلة و الفاسدين و العملاء و اللصوص و استرجاع مكتسبات الوطن ممن نهبوها طيلة أكثر من عشرة سنوات.. هؤلاء الفاسدين و ناهبي المال العام و بائعي الوطن لا يمكن أن يكونوا منّا أو نكون منهم ، لابدّ من تعديل أو تغيير دستورهم الملغّم و نظامهم الهجين لمصلحة تخدم تونس و الشعب و معالجة مخلفات الدمار الذي أصاب الاقتصاد ، اليوم لابدّ من الإصطفاف خلف الرئيس والدولة بقوة و مساعدة الوطن على النهوض من كبواته ، اليوم يجب أن تتم المحاسبة و محاربة الفاسدين بكل قوة و دون تراجع و لابدّ من رفض التدخل الأجنبي في الشأن الداخلي التونسي..

لابدّ أن يدرك الشّعب التونسي بأنّ لا فائدة تُرجى بعد ؛ إلّا بأن يتّحد التونسيون جميعاً في رفض ومواجهة هؤلاء الفاسدين المفسدين وأن يقطعوا الطريق على من يريد لهم أن يواجهوا بعضهم بعضاً وينجرّوا إلى الفوضى التي يسعى إليها الكثير من الطامعين والمفسدين من الداخل والخارج ، وأن يعلموا يقيناً بأن لا حل ولا دواء يخرج تونس من محنتها و أزمتها الحالية إلّا بأن يُحاسَب الفاسدون جميعاً على كلّ جرائمهم وانتهاكاتهم ونهبهم وسرقاتهم ، من أيّ موقع كانوا ولأيِّ جهة انتموا..فتونس يجب أن تنتقل من الجمهورية الثانية إلى الجمهورية الثالثة، فالإصلاح لا ينفع إطلاقًا، إذ تحتاج تونس إلى تغييرٍ شامل يبدأ بـ4 نقاط أساسية: تغيير الدستور، وتغيير نظامه السياسي، و محاسبة الفاسدين و كل من أجرم في حق تونس و شعبها.. أيها الشّعب انت الآن سيّد نفسك و سيّد الموقف إنتصر لبلدك ولنفسك ومستقبلك، لا ترضى بغير ديمقراطية حقيقية في دولة الحق و العدالة و القانون التي تكفل لك الحرية والمواطنة والعدل والكرامة والمساواة لتنال حقوقك السياسية والإقتصادية والإجتماعية كاملة.. وإن لم تفعلوا ذلك فعلى تونس والتونسيين السلام !!..

عاشت تونس حرّة مستقلّة
عاش الشعب التونسي العظيم

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024