محاولة في قراءة الانتخابات البلدية 2018

صلاح الدين المصري |

النتائج النهائية للانتخابات البلدية تتضح و يحسم توزيع عدد المقاعد يمكننا أن نضع بعض الاستنتاجات و نتفاعل مع رؤى و ارقام تم تداولها:
-1-تختلف الانتخابات البلدية عن الانتخابات التشريعية و الرئاسية، البلدية ذات طابع محلي و اهلي و فيها امكانيات كبرى للقوائم المستقلة ذات الطابع المحلي المطلق،يمكن لابناء حي او ابناء عرش او رجل اعمال ان يشكلوا قايمة انتخابية و و الارقام الكبيرة التي بلغتها هذه القوايم تعكس هذه الحقيقة و هذه الفرصة الجديدة اذا نجحت و شعر التونسي ان الديمقراطية المحلية تنجح و تحقق تغييرا في مدينته فانه سيكون للانتخابات البلدية دور كبير في اعادة بناء الثقة في المسار الديمقراطي المتعثر و السلبي.
،-2- ان الظاهرة السابقة تجعل الربط بين نتائج انتخابات 2011 و 2014 و 2018 امرا غير ممكن و علينا الا نثق كثيرا بدلالات المقارنات لتأكيد تراجع هذا الطرف السياسي او صعود هذا الطرف الاخر، و يبقى السؤال مطروحا عن مصير هذا الكم الهائل من اصوات القوائم المستقلة ؟
-3-كانت النتائج متوقعة جدا من حيث حصول النهضة على المرتبة الأولى و النداء على المرتبة الثانية، فكل متابع يعرف ان حقيقة المنافسة ودية بين الدساترة و الاخوان بعد المصالحة التاريخية التي انجزها الباجي قايد السبسي و راشد الغنوشي في اوت 2013 بباريس، و ان المنافسة تريد حفظ الجمهور و حفظ الثنائية المتصدرة،و ان الفارق الايجابي النهضة انما صنعه الانقسام الذي شهده نداء تونس بعد رئاسية 2014، و الحالة التنظيمية لحركة النهضة و الشعور العام لدى التونسيين بان حركة نداء تونس هي المسؤول الأول عن اخفاقات السنوات الأربع.هذا على المستوى الوطني،اما على المستوى المحلي فكانت هناك احتمالات مفتوحة و حدثت الكثير من حالات الخرق حيث فازت قوائم مستقلة و قوائم احزاب المعارضة.
-4–ان صعود عدد كبير من مرشحي المستقلين سيفقد الكثير من قيمته عند عودة التنسيق بين النداء و النهضة،لان هذا التنسيق سيعيد توزيع الاغلبية في مجالس البلديات كلها تقريبا و يضعها جميعها تحت سلطة الثنائي الحاكم.و يربط مصيرهما معا. هل هناك هندسة تريد ذلك و قد نقلت التعاون من اامستوى المركزي في الحكومة و مجلس النواب الى مستوى الجماعات المحلية.كيف ستتعامل الجبهة و حركة الشعب و التيار الديموقراطي مع هذا الواقع المحلي و المركزي؟ هل يمكن ان نرى حوارات قادمة تفرضها الضرورة الإنتخابية ؟ الجميع يطلب ذلك خاصة بين الشعب و الجبهة.
-5-اما نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية 2018 و التي استقرت عند 33٪ بعدما ظهرت في التصريحات الاولى انها في حدود 22٪ فهي تؤكد رغبة التونسيين في الاصلاح رغم الازمة الاجتماعية و السياسية والاقتصادية و رغم النتائج السلبية للمسار الديمقراطي و التي تبلغ احيانا حد الكارثة الاجتماعية. و تعتبر هذه النسبة الذهبية اخر فرص الانقاذ بالنسبة للطبقة السياسية الحالية،
حيث استكملت عملية الانتقال السياسي حلقاتها بانتخابات محلية. و التي يمكنها أن تعيد بناء الثقة و تعيد ترميم المشهد.
ضمن جدلية واقعية و ضمن رغبة في حفظ البقاء يمكن للمجالس البلدية المنتخبة ان تحقق الحد الأدنى و تضمن اقامة انتخابات 2019 التشريعية و الرئاسية في جو ايجابي و اذا فشلت في القيام بتثبيت لحظة التفاؤل فانها تطلق اشد رصاصة على المسار المتعثر.
-6- اين الاقليمي و الدولي من انتخابات 2018، من اهم علامات الحضور المكثف للعامل الدولي هو سرعة الموقف الذي اعلنه راشد الغنوشي بكون التنسيق و التحالف مع نداء تونس سيستمر حيث يبدو الثنائي ضروريا بمرحلة استقرار هش تمر به تونس و المنطقة،

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023