تتعاقب السنوات ويبقى يوم 7 مارس من كل سنة تاريخا خالدا وذكرى عظيمة لكلّ التونسيين ولأهالي بن قردان بالخصوص، وعنوان فخر واعتزاز ورمز شجاعة وحب للوطن والذود عنه دون هوادة، فتاريخ ملحمة 7 مارس 2016 يمثل محطة مضيئة في تاريخ الحرب على الارهاب والانتصار عليه في بن قردان أين خطط تنظيم داعش لبداياته فكانت نهايته التي رسمتها بواسل تونس من جيش وأمن ومدنيين عزل.
واليوم تمر 7 سنوات على هذه الملحمة التي مثّلت منحى نوعيا في الحرب على الارهاب، التحمت فيها ارادة الشعب مع شجاعة الجنود والامنيين ليكونوا سدّا منيعا أمام مجموعات إرهابية باعت ضمائرها وتنكرت للوطن من اجل تنفيذ مخطط خيّل لهم أنّه سيجد حاضنة له في بن قردان فكانت له مقبرة تكبد فيها هزيمة ساحقة.
اعتقد هؤلاء الارهابيون ان ما تعانيه بن قردان من تهميش واقصاء سيكون حافزا لابتزازهم والمساومة على حرمة الوطن لينفذوا مخطّطا يجعل منها حاضنة لإمارة داعشية، لكن يقظة الاجهزة العسكرية والامنية ووحدة الشعب كانت كافية لان تحبط المخطط الارهابي وتسحق الارهابيين فتقضي على اكثر من 50 منهم.
في فجر يوم الاثنين 7 مارس 2016 لم يسمع في بن قردان سوى صوت الرصاص وقذائف الار. بي. جي التي دوّت بمقرات حساسة بالمدينة في محاولة من المجموعات المتسلّلة السيطرة عليها وبسط نفوذها منها، لكن واجهتها مقاومة شرسة اثبتت جاهزية عالية للجهاز الامني والعسكري فتكبّدت هزيمة مدويّة، لكن الثمن كان غاليا حيث سقط 21 شهيدا من أمنيين وعسكريين ومدنيين اصغرهم طفلة الـ14 عاما سارة الموثق.
واليوم تحتفل المدينة نصرا وفخرا وتحتفل عزة وشموخا وتحتفل انتصارا للحياة ضد قوى الظلام والخراب، تحتفل بن قردان اليوم رسميا بهذه الذكرى الخالدة في الاذهان التي اعتبرها البعض احتفالا بالاستقلال الثاني لتونس وذلك بتلاوة الفاتحة على ارواح الشهداء والترحّم عليهم بمقبرة سيدي خليف وبساحة تضمّنت صورهم التي تروي بطولاتهم وشجاعتهم في الذود عن الوطن.
وكدأبها، تختتم بموكب رسمي فعاليات الاحتفال بذكرى ملحمة بن قردان التي انطلقت منذ يوم 2 مارس وتضمنت عدة فقرات ثقافية ورياضية وفنية جمعت بين المسرح والموسيقى والشعر وندوات فكرية ومعارض وعدة تظاهرات اخرى أحيت المدينة وادخلت عليها فسحة من الحركية.
ولم تحجب احتفالات المنطقة بهذه الذكرى العزيزة على قلوب ابنائها نقاطا تستوجب الاهتمام بها وخاصة ضرورة ارساء منوال تنموي خصوصي بالمناطق الداخلية والحدودية المهمشة التي يدخل منها الارهاب وتتسلل عبرها العصابات التي قد تستهوي وتستقطب ضعاف الحال والنفوس المريضة، وفق الناشط الحقوقي ورئيس المرصد التونسي لحقوق الانسان مصطفى عبد الكبير.
وقال إنه من المهم وضع رؤية حقيقية لتنمية المناطق الحدودية لصدّ كل أبواب الحاجة التي يمكن ان يدخل منها اعداء الوطن، والعمل على وضع استراتيجية وطنية لتنمية المناطق الحدودية وحمايتها من الارهاب، مؤكدا على ضرورة الكشف عن الحقيقة في ما يتعلق باحداث بن قردان، وصدور الاحكام القضائية بشكل نهائي، خاصة وان مدة انتظار المواطنين قد طالت، لمحاسبة من قتل وروع وشرد أبناءهم وعبث بأرضهم.
من جهة أخرى، عبّر عبد الكبير عن استغرابه من استثناء شهداء 7 مارس من مؤسسة “فداء”، بما يجعلهم مجرد مواطنين فارقوا الحياة فحسب، وفق تعبيره.
ورغم أن هذه الذكرى لا تعتبر مناسبة للمطلبية، إلّا أنه من الضروري التأكيد على ضرورة تنمية المنطقة والنهوض بها، وفي هذا الصدد، جدّد الاتحاد المحلي للشغل في بيان اصدره مؤخرا مطالبته بالاسراع في انجاز المنطقة الحرة للانشطة اللوجستية والتجارية، والمنطقة الصناعية، ومحطة تحويل الضغط العالي، الى جانب انجاز مشروع اعادة هيكلة مركز التكوين والنهوض بالعمل المستقل، ومحطة تحلية المياه، واعادة هيكلة المركب الثقافي، والقسط الثاني من المركب الشبابي والرياضي الشهيدة سارة الموثق، مع فض النزاعات حول الاراضي الموضوعة لدى مؤتمن عدلي لاستغلالها في احداث مشاريع تنموية وغيرها من المطالب.
وعبّر الاتحاد، في ذات البيان، عن استيائه وانشغاله لتواصل التنمية الهشة بالجهة، وازمة القطاع الفلاحي في ظل الجفاف ونقص الاعلاف، وتدهور القطاع الصحي الذي وصفه بالكارثي رغم نداءات الاستغاثة التي اطلقها الاتحاد.