للتذكير عن قمّة اللاءات الثلاثة، نقول عنها وبأختصار هي القّمة العربية التي انعقدت في الخرطوم في29/8/1967، والتي تبّنتْ الالتزام بالثوابت الثلاث تجاه العدو الاسرائيلي، والثوابت هي : لا سلام ولا اعتراف ولا تفاوض مع اسرائيل قبل أن يعود الحق لاصحابه .
آنذاك، اعتاد العربي أن لا يقرأ وأنْ لا يسمعْ كلمة اسرائيل مالم يسبُقها وصفٌ، يدلُ على طبيعة العلاقة بيننا وبين اسرائيل، وكان مصطلح ” العدو الاسرائيلي ” او ” العدو الصهيوني ” هو السائد .
آنذاك ايضاً كان لاسرائيل سفارة في طهران .
اليوم، و بعد مُضي نصف قرن، على مؤتمر اللاءات الثلاث، ما أنجزه العرب تجاه اسرائيل هو حذف ” اللاءات ” ! فبدلاً من لا سلام مع اسرائيل، بدأنا معها بالسلام عام 1977، خلال زيارة السادات للقدس، وبدلاً مِنْ لا اعتراف بإسرائيل، تمَّ الاعتراف بها من قبل السلطة الفلسطينية وبموجب اتفاقيات اوسلوا، الموقعة في واشنطن عام 1993 . وبدلاً مِنْ لا تفاوض مع اسرائيل، تتسابق بعض الدول العربية مع الزمن من اجل التفاوض بالسّر وبالعلن مع اسرائيل .
ما هو مؤسف، ودال ايضاً على القدرة في تسويف حقوق الفلسطينيين والعرب هو الاستمرار في نهج التنازل لاسرائيل، وحذف اللاءات، الواحدة تلو الاخرى، “لا سلام ولا اعتراف ولا تفاوض ” رغم أمعان اسرائيل في انتهاك حقوق الفلسطينيين والعرب، والاستمرار في الاحتلال وفي التوسّع والاستيطان .
أتجه المسار العربي نحو اسرائيل اذاً، ومنذ قمة السودان، بعكس ثوابت القمّة وبتسلسل زمني وحدثي مدروس ومرسوم، حيث الاعتراف بإسرائيل ثُّم اتفاقيات السلام، ثُمَّ التفاوض معها الآن، وغاية المسار هَدفيّن: تصفية القضية الفلسطينية وضمان هيمنة اسرائيل، وهذا ما يشهد عليه الواقع وما نراه . فلسطين اليوم لم تَعُدْ قضيّة العرب المركزية الاّ في الحديث وعلى الورق، قضيّة فلسطين اصبحت همّاً على بعض العرب، وتراهم حائرون في كيفيّة تصفيتها . فلسطين اصبحت اليوم قضية ايران المركزيّة .
سياسة عقدْ القمم الثلاث، والتي بدأتها المملكة العربية السعودية، في مايس 2017، في الرياض، وكررّتها في 2019/5/30 في مكةّ المكرمة، حيث قمّة خليجية، ثُمَّ عربية، ثُّم إسلامية، مُتممة، للاسف، في مآلاتها لسياسة اللاءآت الثلاثة في مؤتمر الخرطوم عام 1967: قمّة اللاءات الثلاثة عام 1967 قادت الى الاعتراف بأسرائيل والسلام والتفاوض معها، بينما اهداف سياسة القمم الثلاث هو إسقاط صفة العدو عن اسرائيل وتأهيلها لعلاقة صداقة وتعاون امني وسياسي مشترك وجعل جمهورية ايران هي العدو في المنطقة .
أدانة وتنديد أيران، لا غيرهما، كانا موضوع واهداف القمة الخليجية والعربية التي انعقدت في مكّة المكرمة بتاريخ 2019/5/30.
في الوقت الذي يُتلى فيه البيان الختامي للقمة العربية مُندداً بايران، يبادر الرئيس الامريكي ترامب تجاه أيران بتصريح مفاده أنَّ ايران ممكن ان تزدهر في ظل قيادتها الحالية، وهو مستعد للتفاوض، وتلاه تصريح آخر لوزير الخارجية الامريكية يؤكد استعداد امريكا للتفاوض مع ايران دون شروط مُسبقة .
رغم العداء والعقوبات والتهديد الامريكي لايران، أمريكا، مع ذلك، تعلن استعدادها للتفاوض، بغض النظر عن نواياها، أليس غريباً غياب نيّة للتفاوض وللتفاهم بين دولتيّن اسلاميتيّن ( ايران والسعودية )، في منطقة جغرافية وسياسية واحده؟ .
ما سّرُ هذا القدر ؟ ولماذا الإصرار على المضي في مسار فاشل ؟
الوسومالقمتين جواد الهنداوي
شاهد أيضاً
كتب د. جواد الهنداوي: ماكرون في الخليج لبيع الطائرات و المبادئ…
غالباً ما تكون الشؤون الخارجية مخرجاً و حّلاً للمتنافسين أنتخابياً ، أملاً في تعزيز صورتهم …