– في مثل اليوم قررت المقاومة التي يقودها حزب الله القيام بعملية أسر لجنود صهاينة لمبادلتهم بأسرى المقاومة لدى كيان الاحتلال، فقرّرت قيادة كيان الإحتلال شن حرب على لبنان وتدميره وصولاً لسحق المقاومة وقيادة حزب الله ونزع صواريخ المقاومة. وكانت المعادلة التي سخرت لها الإدارة الأميركية كل حلفائها في المنطقة ولبنان للضغط والتشويه والتشهير وإضعاف المعنويات، هي الوصول لتفاوض من موقع قوة مع إيران وسورية، للخروج من مستنقع الفشل في حرب العراق وما وصفته وزيرة الخارجية الأميركية يومها غونداليسا رايس بولادة شرق أوسط جديد.
– بعيداً عن تفسير الموقف الإنساني المسؤول الذي قال فيه سماحة السيد حسن نصرالله إنه لو كان يعلم حجم الدمار والدماء التي ستسقط في هذه الحرب لقاء مبادلة الأسرى لأعاد النظر بالعملية، أعلم من سماعي المباشر لكلام سماحة السيد نصرالله قبل عشرة أيام من الحرب في لقاء صرّحت بعده محذراً من خطر حرب إسرائيلية مقبلة بناء على رغبة سماحته بتظهير هذا الخطر الذي كان محور اللقاء، أنه كان لدى قيادة المقاومة يقين بأن «إسرائيل» تعد لحرب خلال شهور قليلة مقبلة، وأن قطع الطريق على ما تختزن هذه الحرب من خطر دمار وخراب ودماء باستعمال عنصري المفاجأة والجهوزية الكاملة، اللذين افتقدهما جيش الاحتلال في حرب تموز، سيكون من خلال عملية الأسر التي يجري التحضير لها على طريقة ما كان قد جرى في غزة قبل أسبوع، وذلك لفرض الخيار على قادة الكيان بين التفاوض لمبادلة الأسرى، وبالتالي صرف النظر عن خوض الحرب بعد شهور حكماً، أو تحويل قضية الأسر إلى حرب قبل موعدها والجهوزية لخوضها وسقوط عنصر المفاجأة فيها. وعندها فإن المقاومة، وفقاً لما تسنى لي سماعه من سماحته يومها، ولن أنساه ما حييت، فإن المقاومة قد أعدّت ما يلزم كي تذيق كيان الاحتلال وقادته وجيشه وعمقه ما لن ينسى على الإطلاق، ما سيفاجئ أقرب المقربين.
– انتهت الحرب بالفشل الذريع للخطة الأميركية الإسرائيلية، ورفعت المقاومة راية النصر خفاقة، وقررت واشنطن وتل أبيب ومن معهما من عواصم المنطقة أن المطلوب رأس هذه المقاومة لما تمثل من قيمة مضافة في معادلات قوة حلفائها، وما تمثله من خطر وجودي على كيان الاحتلال، فكانت العقوبات ولا تزال، وطالت العقوبات سورية وإيران للغاية نفسها، قطع شرايين الإمداد المالي والتسليحي عن المقاومة. وتم تعزيز التحالف الخليجي الإسرائيلي وزرعت الألغام المذهبية في العقول والقلوب، أملاً بفتنة سخرت لها المليارات، وخيضت الحرب على سورية بأمل إشغال المقاومة تبديد فائض قوتها وقيمتها المضافة، وعرضت الإغراءات على المقاومة وسورية وإيران بالسلطة والمال وكان الاتفاق النووي أحد هذه الإغراءات وفق القراءة الأميركية، والحصيلة هي ببساطة أن معادلة تموز التي كانت تحكم جبهة لبنان بوجه الاحتلال صارت تحكم المنطقة بوجه أميركا و»إسرائيل» ومَن معهما، وها هي المعادلة ذاتها تطل من اليمن، ومن العراق، وها هي سورية تتعالى، وفلسطين تنهض، ومن لم يقرأ معنى ان فلسطين موحدة لأول مرة، و»إسرائيل» تنقسم على ذاتها، وأن فلسطين تهدّد تل أبيب بصواريخها، وأن صفقة القرن تتهاوى، فتلك مشكلة الغباء بلا دواء.
– هذه المقاومة كلما حوصرت حاصرت حصارها وكلما عوقبت تعملقت، وكلما حوربت انتصرت، وكلما قرّر أعداؤها إضعافها ازدادت قوة، وسيعرف الذين يكابرون ويراهنون أن معادلات القوة التي باتت إطلالات السيد نصرالله أحد مفاصلها زادتها عقوبات الأمس على قادة حزب الله رسوخاً وزوّدتها بشحنات عاطفية ستجعل لقاء السيد مع جمهوره عبر الشاشة أشد حماسة وسحراً.