بعد معركة كرامة جديدة، خاضها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال متسلحين بأمعائهم الخاوية، واستمرت 15 يوما، ذاق فيها المضربون عن الطعام شتى أنواع التنكيل، رضخت إدارة سجون الاحتلال التي تملك القيد والبندقية والزنازين لمطالب الأسرى، المتمثلة بتطبيق بنود اتفاق سابق، ينص على إزالة “أجهزة التشويش” المسرطنة، من فوق رؤوسهم.
وظل الأسرى الذين كانوا يستعدون لتصعيد فعاليات الاحتجاج، من خلال زيادة رقعة الإضراب، وإغلاق أقسام السجون بشكل كامل وإعلان العصيان، ظلوا مستمرين في خطواتهم الاحتجاجية التي تمثلت بإضراب 140 أسيرا في المرحلة الأولى، ورفضوا التنازل عن مطالبهم في هذا الاحتجاج الذي أطلقوا عليه “إضراب الكرامة 2″، رغم حدوث تدهور على حالة الكثير من المضربين، حتى خضعت سلطات السجون لمطالبهم، رغم إعلانها رفضها طوال الأسبوعين الماضيين.
وأبلغت سلطات السجون قيادة الحركة الأسيرة بالموافقة على شروطها ليل الأربعاء، على أن تبدأ خطوات التنفيذ الخميس، وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، بأن الاتفاق تم بين قيادات الحركة الأسيرة واستخبارات سجون الاحتلال، تعهدت خلاله إدارة السجون بالبدء بتنفيذ مجموعة من مطالب الأسرى المضربين ضد “أجهزة التشويش” منذ 15 يوما.
وقالت الهيئة، إن الاتفاق يقضي بعودة كافة الأسرى المضربين الى السجون التي خرجوا منها، والمباشرة بمعالجة وتخفيض أجهزة التشويش التي تؤثر على صحة الأسرى وعلى ترددات الراديو والتلفزيون، والبدء بتركيب وتشغيل أجهزة الهواتف العمومية خمسة أيام أسبوعيا بدءا من الأحد المقبل.
وأضافت أن من بين بنود الاتفاق، السماح لأسرى غزة بالانتقال لسجن النقب، ورفع كافة العقوبات عن الأسرى المضربين منذ 15 يوما، والبالغ عددهم أكثر من 100 أسير، الذين تم نقلهم من سجون ريمون وايشل والنقب وغيرها إلى سجن نفحة وعزل سلمون وغيرها من السجون.
وهذه خطوات تتبعها دوما إدارة السجون مع المضربين للتأثير عليهم وكسر عزيمتهم، حيث ترهق عمليات النقل التي تتم بواسطة عربات غير مهيأة، الأسرى الذين يواجهون الاحتلال بأمعاء خاوية.
وبينت الهيئة، أن الأسرى المضربين سيواصلون إضرابهم الخميس، لضمان التزام إدارة السجون بتنفيذ بنود الاتفاق وعلى رأسها تخفيض وإزالة “أجهزة التشويش”.
وقالت قيادة الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال في بيان لها: “بعد جولة كبيرة خضناها مع قوى الظلم، متسلحين بوحدة مصيرنا وصلابة موقفنا وقوة قرارنا.. نؤكد لكم أننا أنهينا الإضراب، الذي كان امتدادا لمعركة الكرامة الثانية، بما يحقق مطالبنا، ويلزم إدارة سجون الاحتلال بتنفيذ استحقاقات معركة الكرامة الثانية”.
وحذرت قيادة الحركة الأسيرة الاحتلال من عدم التنفيذ، وقالت: “إن راوغت أو تملصت، كما حاولت (إدارة سجون الاحتلال)، فلن نتوانى في إعادة المشهد لما كان عليه وبصورة أوسع، فنحن لا نقبل المساومة على كرامتنا وحقوقنا ومكتسباتنا.. فالأرواح دونها”.
وكان الإضراب الأخير الذي انتهى بعد رضوخ الاحتلال من جديد لمطالب الأسرى، جاء بسبب عودة سلطات السجون لموقفها الرافض لإزالة “أجهزة التشويش” المسرطنة، حسب اتفاق أبرم في أبريل الماضي.
في السياق قال حازم قاسم، الناطق باسم حركة حماس “إن أسرى الحرية استطاعوا، كما في كل مرة، أن يفرضوا إرادتهم على السجان الظالم، وصولا للهدف الأكبر بكسر القيد عنهم”، مؤكدا أن الإنجاز الذي حققه الأسرى في معركتهم الأخيرة، يعد “تجسيدا عمليا لقدرة شعبنا الفلسطيني على قهر المحتل وهزيمته، برغم ضعف الإمكانات”.
وشدد على أن قضية الإفراج عن الأسرى من سجون الاحتلال، ستظل إحدى الأولويات المركزية لحركة حماس، وستعمل بلا كلل حتى تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي.
يشار إلى أن فصائل العمل الوطني والإسلامي حذرت في وقت سابق الاحتلال الإسرائيلي من مغبة الاستمرار في المماطلة بإزالة تلك الأجهزة المسرطنة، وقالت متوعدة “إن لغة التصعيد ستكون السائدة في داخل وخارج السجون”.
في السياق يواصل خمسة أسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من المحكومين إداريا، إضرابهم المفتوح عن الطعام، رغم تردي أوضاعهم الصحية، والأسرى هم طارق قعدان القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، والمضرب منذ 58 يوما، وأحمد عبد الكريم غنام المضرب منذ 75 يوماً، والأسير إسماعيل أحمد علي المضرب منذ 65 يوماً.
وإضافة إلى هؤلاء الأسرى، هناك الأسير منير صوافطة، المضرب لليوم السادس على التوالي، والأسير مصعب هندي الذي يواصل الإضراب لليوم الثالث على التوالي.
ويصر هؤلاء الأسرى على تنفيذ سلطات السجون الإسرائيلية لمطالبهم المتمثلة بإنهاء اعتقالهم الإداري، الذي يجري تجديده بشكل متواصل، ويتم بدون محاكمة وبدون توجيه أي تهمة لهم، حيث يتخذ القرار بناء على أمر من قائد عسكري.
ويستمد الأسرى المضربون عزيمتهم من زملاء سابقين لهم، أنهوا إضرابهم وآخرهم قبل أيام، بعد رضوخ سلطات الاحتلال لمطالبهم، وتحديد يوم لإطلاق سراحهم.
وكانت محكمة للاحتلال رفضت الأربعاء الاستئناف المقدم من عائلة الأسير المضرب عن الطعام أحمد غنام ضد تثبيت اعتقاله الإداري.
وكالات