السبت , 28 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

ملامح المشهد السياسي الجديد.. هل تنجح حكومة الرئيس..؟ بقلم محمد إبراهمي*

المشهد السياسي التونسي بعد الإنتقال الديمقراطي والإنتخابات التشريعية نتج عنها برلمانا فسيفسائيا مشتتا أكثر من اللازم وليس لأي حزب أية أغلبية، ولهذا السبب لا يمكن التعويل عليه في تشكيل أي حكومة.
البرلمان كان مقسما دون حسم الأغلبية المطلقة لأحد الأحزاب مما سيتوجب مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية وتحتاج أي حكومة إلى 109 مقاعد كحد أدنى لنيل الثقة، رغم ان الأمر ليس باليسير وفيه تعقيدات كبيرة، بما ان حركة النهضة تملك أغلبية مريحة في البرلمان وكتل صغيرة غير قادرة على قيادة تشكيل الحكومة ولا قيادة المعارضة.. المسؤولية على عاتق حركة النهضة في اختيار من سيقود الحكومة الجديدة ومن سيتولى اختيار وزرائها، وتسعى النهضة الى البحث عن حزام سياسي يقي مرشحها شر سقوط في البرلمان..
تولى الرئيس قيس سعيد تكليف السيد الحبيب الجملي المقترح من طرف حركة النهضة الفائزة في الانتخابات التشريعية بتشكيل الحكومة، ووقع الجملي في مأزق تشكيل حكومته بعد المشاورات مع الكتل البرلمانية حول الإتفاق على حكومة حزبية لكن فشل في المفاوضات وإنتقل لتشكيل حكومة كفاءات مستقلة التي تم إسقاطها ولم تحظى بنيل ثقة البرلمان وتأتي هذه السابقة الدستورية في تاريخ البلاد، بعد شهرين من المشاورات التي أجراها الجملي مع مختلف مكونات المشهد السياسي التونسي وتخللتها تجاذبات كثيرة حول إستقلالية الحكومة وكفاءة أعضاءها،
بعد إسقاط حكومة الجملي يتم اللجوء إلى ما جاء في الفصل 89 من الدستور والذي ينص على أن رئيس الجمهورية مطالب في أجل 10 أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر، بما يسمي ب ” حكومة الرئيس” في هذه الأجال تقدم الاحزاب بعد التشاور بينها اسماء للرئيس ليختار من بينها، في الأثناء طرحت العديد من التساءلات حول الشخصية التي ستحظى بثقة الرئيس وثقة البرلمان وحول إستقلاليتها.. رئيس الجمهورية كلف السيد إلياس الفخفاخ الوزير الأسبق تم إقتراحه من طرف كل من تحيا تونس والتيار الديمقراطي، علما وأن الفخفاخ ينتمي لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وهو حزب غير ممثل في البرلمان.
أعتقد أن إختيار وتكليف السيد إلياس الفخفاخ لتشكيل حكومة الرئيس يعتبر عقاب للطبقة السياسية المفلسة والأحزاب التي تتصارع على التموقع السياسي وتملي شروطها وغلبت مصالحها على مصلحة الدولة .. وأعتقد أن حكومة الفخفاخ ستحظى بأغلبية مطلقة في البرلمان، لأن سقوطها يقابلها حل البرلمان وهذا ليس في صالح النواب وبالتالي ستمر الحكومة من باردو إلى القصبة، ولهذا لابد من المصالحة الوطنية لبناء تونس الجديدة بعيدا عن التجاذبات السياسية فالبلاد غير قادرة تحمل المزيد من الأزمات..
أرى أن الإنقسام بين رافض ومؤيد للحكومة سيزيد في تعقيدات المشهد السياسي وإرباكه والآن حصل ما في الصدور وعلى الطبقة السياسية تجاوز خلافاتها.. الوضع الراهن بالبلاد بحاجة لتشكيل حكومة مصلحة وطنية مصغرة تراعي مصلحة البلاد وبعيدة عن المحاصصة الحزبية والتوظيف الحزبي والأنانية والمصالح الضيقة..
ويبقى السؤال مطروحا هل ستتمكن حكومة الرئيس والأحزاب الداعمة لها من توفير حزام سياسي لتصمد أمام التجاذبات والأزمات، وبالتالي يبقى مشهد تشكيل الحكومة وسط توقعات مفتوحة على فرضيات النجاح والإخفاق..

*ناشط سياسي

 

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024