لم تنتهي الإمارات ولا السعودية عن جرائمهما بحقّ الشعب اليمني، ولم يخجلا من سلطتيهما المعتمدتين على أمريكا، مهما كانت مبرراتهما معا – وهما ظاهرا حليفتان في الشرّ وغريمتان في افتراق المصالح وإن كانتا يحويهما مجلس تعاون واحد – لم يمنعهما من مواصلة عدوانهما السّافر بطائراتهما العسكرية، لتستمرّ سلسلة الغارات الجويّة الجبانة، مستهدفة الشعب اليمني استضعافا له وإخضاعا لإرادته، وهو في طريقه الثوري الإستحقاقي، عدوان جاء ليكشف عورات من جنّدوا أنفسهم، لخدمة المشروع الأمريكي الصهيوني، في الهيمنة على المنطقة.
كما لم يخْفَى على أتباع الحق، وإن قلّوا في هذا الزمن المليء بالباطل وأهله، أن العدوان الذي بدأ على اليمن هدفه الأساس، السيطرة على مضيق باب المندب الهامّ تجاريا وعسكريا، الدّافع الذي غفِل الكثيرون عن موقعه الجغرافي الإستراتيجي، زيادة على أن القائمين بالثورة أنصار الله – عُقدةُ آل سعود وال نهاين وآل صهيون – كانوا قد أعلنوا مبادئهم الإسلامية، ورفعوا شعاراتهم الفخورين بها، والتي لا تقبلها قوى الغرب المتصهينة، لم يسبقهم إليها سوى الإيرانيون بثورتهم الإسلامية سنة 1979، عدوان نفّذته أنظمة عربية، لم يكن أبدا فيه مصلحة واحدة للشعب اليمني، بعدما هلك عميلهم علي عبد الله صالح، وذهب إلى بارئه بسجلّه الثقيل في العمالة، دخل اليمنيون مرحلة الثورة وبناء سلطة شعبية، تستجيب لطموحاته المشروعة، وتُحقِّقُ مطالبه المستقبلية، في العيش الكريم بعزّة وإباء.
لقد كان من الطّبيعي أن يستفزّ عداء أنصار الله للكيان الصهيوني، مشاعر حاميته أمريكا وبريطانيا ودول أخرى غربية، اصطفّت إلى جانب المشروع الصهيوني، للسيطرة على مقدّرات المنطقة، فجاء الإيعاز الأمريكي لتأسيس تحالف شرّير، شاركت فيه أغلب الدول العربية، أهونها تونس التي وقّعت اتفاقا للتعاون العسكري مع السعودية في ديسمبر 2015 (1)
أرسلت عددا من جنودها لحماية حدود وبدأ العدوان على اليمن ” في 26 مارس 2015م باشرت الولايات المتحدة الأمريكية عبْرَ هؤلاء عدوانها على اليمن، بقصد ضرب الثورة اليمنية واجهاضها قبل أن يلتفّ حولها الشعب اليمني بأسره، ومن واشنطن جاء أعلان السفير السعودي لدى أمريكا عادل الجبير العدوان على اليمن، وكان للإعلان من واشنطن دلالة هامة وواضحة، بأنه عدوان أمريكي الهوية والإرادة والاستمرار، ومازال كذلك مستمرّا حتى اليوم، بعدما دخل عامه السابع، رغم تعاقب ثلاث حكومات الأمريكية، واليمن يعيش تحت العدوان.
في ذات المساء، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، أن الرئيس الأميركي ” باراك أوباما Barack Obama” أقر تقديم الدعم اللوجستي والاستخباري “دعماً للعملية التي تقوم بها قوات مجلس التعاون الخليجي”. في بيان صدر عن “برناديت ميهان Bernadette Meehan” المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي.” (2)
من هنا نفهم أن مسألة إيقاف العدوان على اليمن من إستمراره، مُرتهِنٌ بالقرار الأمريكي فقط، وما يجري على الميدان من عدوان سافر، فاقد لأبسط القِيم الإنسانية، تنفّذه دول معروفة بولائها لأمريكا، قد سلّمت مقاليدها إلى إدارة البيت الأبيض الأمريكي، وقد عبّرت الدّول المعتدية عن استعدادها، لأن تكون منضوية تحت قيادة إسرائيل نفسها إذا اقتضى الأمر، ومن كان يعتقد أن القيادة العسكرية في هذه الحرب العدوانية على اليمن، بيد السعوديين أو الإماراتيين فهو واهم، إنّما هي مُدارة أمريكيا وصهيونيا، والهدف الغير مُعْلن القضاء على حركة أنصار الله هناك، بما تمثّله من خطر على الإستكبار والصهيونية.
إذًا يقصف اليمن بمختلف الأسلحة، بما فيها المحرّمة دوليا، ولا معترض ولا مندّد من الدّول العربية، التي كلما تأذّت السعودية أو الامارات من ردّ فعل يمني مشروع دفاعا عن النفس، سارعت إلى التنديد به، كأنّ ما أصاب اليمن منذ سبع سنوات من دمار وقتل جائزا عليهم ومقبول، وبقاء اليمنيين مكتوفي الأيدي، يتلقّون الضربات الصاروخية والقنابل المدمّرة قدرٌ عربيّ، يجب عليهم الإمتثال له، والرّضا به حتى تتحقق أهداف العدوان عليه، وهذا ما كان يأمله المعتدون، وهيهات أن يحصل ذلك، طالما بقي في اليمن رجال مقاومون.
من عجائب الحرب العدوانية على اليمن، أن تتّحد مواقف وتصريحات الحكومات العربية مع إسرائيل، مبرّرة العدوان ومؤيّدة له، ما يكشف للشعوب ألعربية والإسلامية مدى الوهم الذي عاشوا فيه من قبلُ، فقد تعرّت النوايا وانكشف المستور، واتضح جليّا أن حكوماتهم في واد، وشعوبهم في واد آخر، بخصوص الموقف الذي كان موحّدا من كون الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين عدوّا، والذي انصرمت أواصر جدّيته ليصبح مجرّد كلام مُسْتهلَكٍ على المنابر، وشعارات تطلقها طلائع الشعوب في كل مناسبة، ثم تذهب أدراج الرّياح، ويتحوّل النظام الإسلامي الإيراني صاحب الفضل في احياء واحتضان فصائل المقاومة، وصاحب مشروع تحرر المستضعفين من المستكبرين، وحامل لواء تحرير القدس وكنس الكيان الصهيوني نهائيا من أرض فلسطين.
هذا وقد ” أفادت صحيفة jewish press بأن “دولة الإمارات، العضو المؤسس في اتفاقية أبراهام للسلام، تسعى إلى زيادة عدد أنظمة الدفاع الإسرائيلية المضادة للطائرات بدون طيار في ترسانتها”. واضافت الصحيفة إنه “في الوقت الحاضر، لدى الإمارات العربية المتحدة أحد هذه الأنظمة التي اشترتها بالفعل من إسرائيل في العام الماضي “.وقال إتزيك هوبير، الرئيس التنفيذي لشركة Skylock Systems الإسرائيلية، إنه “نظرا للحادث الذي وقع هذا الأسبوع (الهجوم الذي تبنته حركة أنصار الله الحوثية على منشآت في إمارة أبو ظبي)، فإنهم يسألوننا الآن، عما يمكننا تزويدهم به في أسرع وقت ممكن من قائمة طويلة من الأنظمة”.(3)
ومن غير المستبعد هنا، أن تنْضمّ هذه الدّول من أجل أموال الإمارات المعتدية، فتعود إلى مشاركتها عدوانها من جديد على اليمن المظلوم، ولا عجب إذا ما زادت الأوضاع على ذلك، بإنضمام هذه الدّول إلى معاهدة أبراهام الرّباعية ( الولايات المتحدة / الهند/ اسرائيل/ الإمارات)، فتورّط شعوبها في نزاعات لا ناقة لهم فيها ولا جمل، ومن اجل عيون اسرائيل يُرادُ لليمن ان يكون كبش فداء، فمن الذّابح يا تُرى إنّها الأنظمة العربية الرّسمية قد اجتمعت على مذبح اليمن، لكن هل تتمّ لها الغاية؟ يبدو أن المعادلة أصبحت اليوم صعبة بل مستحيلة.
المصادر
1 – تونس والسعودية.. نياشين تعاون تزين علاقات تاريخية
https://al-ain.com/article/tunisia-saudi-arabia-cooperation-relations
2 – لعدوان الأمريكي العلني المباشر على اليمن 26 مارس 2015م
https://www.saba.ye/ar/news3136027.htm
3 – تقرير: الإمارات تسعى لزيادة تكنولوجيا الدفاع الإسرائيلية بعد الهجوم الحوثي على منشآت مدنية https://arabic.rt.com/middle_east/1316318-