بعد أكثر من 16 عامًا على سحب القوات الأمريكية من الأراضي السعودية، وافقت الرياض على استقبالها من جديد في إطار “الدفاع عن أمنها واستقرارها”. وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إرسال قوات وموارد إلى المملكة لتقديم “رادع إضافي” في مواجهة “تهديدات جدية ناشئة”، دون أن تذكر موقع تمركز هذه القوات وتلك المعدات.
يأتي ذلك في خِضم التوتر المُتصاعد منذ أكثر من شهرين بين واشنطن وطهران بشأن سلامة خطوط الملاحة البحرية في مِنطقة الخليج، مع تزايد الهجمات ضد ناقلات النفط قُرب مضيق هرمز الاستراتيجي، الذي يُمثّل المعبر لخُمس إنتاج النفط الخام العالمي وتُهدد إيران بإغلاقه.
كانت الولايات المتحدة الأمريكية عزّزت وجودها العسكري في مِنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي منذ حرب الخليج عام 1991، بهدف حماية مصالحها في هذه المنطقة بالغة الأهمية، وأصبحت أوسع انتشارًا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، ثم غزو العراق عام 2003، ومن بعدها الحرب على تنظيم داعش الإرهابي.
وتنتشر نحو 750 قاعدة عسكرية أمريكية ونحو 350 ألف جندي فيما لا يقل عن 130 دولة حول العالم، تتنوّع مهامها المُعلنة بين القيام بالواجبات العسكرية المباشرة أو أعمال الدعم والإسناد اللوجستي أو القيام بعمليات “حفظ السلام” تحت مِظلة الأمم المتحدة، وفق موقع “ميليتري” المعني بالشؤون العسكرية.
السعودية
استضافت السعودية ما لا يقل عن 6 قواعد عسكرية أمريكية شبه دائمة منذ حرب الخليج عام 1991، منها قاعدة سرية كانت تُديرها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) لإطلاق طائرات بدون طيّار “درونز” بهدف مُراقبة مياه الخليج، بحسب تقرير سابق نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
إضافة إلى قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران، وهي القاعدة الأم لجميع القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط، التي استُخدمت من قِبل القوات المسلحة الأمريكية بهدف حماية المملكة من أي تهديد داخلي أو خارجي.
وتمركز 5 آلاف جندي تابعين للجيش وسلاح الجو الأمريكي، ارتفع عددهم إلى 10 آلاف جندي خلال غزو العراق، داخل قاعدة الأمير سلطان الجوية بمدينة الرياض، مع أكثر من 80 مُقاتلة أمريكية، وفق (بي بي سي).
استُخدِمت هذه القاعدة في إدارة الطلعات الجوية لمراقبة حظر الطيران خلال فترة العقوبات الدولية على العراق إبان حُكم الرئيس السابق صدّام حسين، كما كانت تعمل مركزًا للتنسيق بين عمليات جمع المعلومات والاستطلاع والاستخبارات الأمريكية في المنطقة.
لكن في أفريل 2003، أنهت الولايات المتحدة وجودها العسكري في السعودية بنقل مركز العمليات القتالية الجوية الأمريكية من قاعدة الأمير سلطان الجوية إلى قاعدة “العُديد” في قطر، وخفضت قواتها من4500 إلى 400 جندي ضمن مهام التدريب والتعاون العسكري، متمركزين فيما يُعرف بـ”قرية الإسكان”، بحسب صحيفة “الجارديان” البريطانية.
جاء ذلك بعد أن رفضت السعودية السماح للطائرات الأمريكية باستخدام مطاراتها لشن ضربات جوية خلال غزو العراق، الأمر الذي أغضب القادة العسكريين الأمريكيين.
وفي ماي الماضي، وافقت السعودية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي، على طلب من الولايات المتحدة لإعادة انتشار قواتها العسكرية في مياه الخليج العربي، وعلى أراضي دول خليجية.
ونقلت شبكة “إن بي سي” عن مسؤولين أمريكيين وصفتهم بالمُطلعين، قولهم إن الأسابيع المُقبلة ستشهد انتشارًا للقوات الأمريكية في قاعدة الأمير سلطان الجوية، يشمل طائرات حربية وأنظمة دفاع صاروخي بعيدة المدى، بهدف مواجهة التهديد الإيراني.
وأفادت الشبكة الأمريكية بأن صواريخ باتريوت وصلت بالفِعل إلى القاعدة الجوية السعودية، على أن تبدأ في العمل منتصف جويلية، فيما يُتوقع وصول الطائرات الحربية في أوت.
ويتواجد حاليًا مئات من أفراد الخدمة الأمريكية في موقع المنشأة، جنوب الرياض، والتي يسيطر عليها سلاح الجو الملكي السعودي، وهو رقم تُرجّح الشبكة الأمريكية أن يزداد إلى أكثر من 500 بعد وصول القوات الإضافية.
الإمارات
أقامت الولايات المتحدة 4 قواعد بحرية في موانئ “زايد وجبل علي ودبي والفجيرة” الإماراتية، لأغراض الدعم اللوجيستي، بموجب اتفاق عسكري بين البلدين عام 1994.
وتُمثّل قاعدة “الظفرة الجوية” في أبوظبي مركز الوجود الرئيسي للقوات الأمريكية في الإمارات، حيث تضم الفرقة الجوية الأمريكية رﻗم 380، ويوجد على أراضيها مِنصات انطلاق طائرات استطلاع “يو- 2″ وطائرات إعادة التزوّد بالوقود.
ووفق بعض التقديرات، يتمركز 5 آلاف جندي أمريكي في قاعدة الظفرة الجوية، وتنتشر بها طائرات أمريكية بدون طيار من نوع” جلوبال هوك” وطائرات الإنذار المُبكر المعروفة اختصارًا بـ”الأواكس”.
كما يمتلك الجيش الأمريكي قواتًا وسفينة حربية كبيرة في ميناء “جبل علي” سفينة حربية كبيرة، الذي تستخدمه قوات مشاة البحرية الأمريكية (المارينز)، ويضُم قاعدة جوية ومستودعات متعددة لأغراض الدعم اللوجيستي، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
البحرين
تُعد البحرين من أقدم الدول العربية والخليجية التي تعاونت عسكريًا مع الولايات المتحدة؛ ففي 1971 وقعّ الجانبان اتفاقية قدّمت خلالها البحرين تسهيلات للبحرية الأمريكية. وفي 1991 وقّعا اتفاقية للتعاون الدفاعي نصت على “تقديم تسهيلات اكبر للقوات الأمريكية ومنحها الحق في التموضُع المُسبق لمعداتها وعتادها”.
ويتمركز نحو 3 آلاف عسكري أمريكي في قاعدة “الجفير” العسكرية القريبة من المنامة، التي تضم ميناء سلمان وقاعدة الشيخ عيسى الجوية ومطار المحرق، إلى جانب الأسطول البحري الخامس. وتشمل عملياته منطقة الخليج، وخليج عُمان، وبحر العرب، وخليج عدن، والبحر الأحمر وأجزاء من المحيط الهندي.
يخدم في الأسطول الخامس 7 آلاف جندي أمريكي، ويضم حاملة طائرات أمريكية وعددًا من الغواصات الهجومية والمُدمرّات البحرية وأكثر من 70 مقاتلة، إضافة إلى قاذفات القنابل، والمقاتلات التكتيكية، وطائرات التزوّد بالوقود المُتمركزة بقاعدة الشيخ عيسى الجوية، بحسب مجلة “فوربس” الأمريكية.
وتحتضن قاعدة الشيخ عيسى الجوية طائرات قتالية من طراز “إف- 16” و”F/A-18″، وطائرات مراقبة بحرية مضادة للغواصات من نوع “بي- 3”.
الكويت
تستقبل الكويت أكبر تجمّع عسكري أمريكي في الخليج، بواقع أكثر من 16 ألف عسكريًا، بحسب تقرير سابق لمجلة “نيوزويك” الأمريكية.
ويتمركز الجنود الأمريكيون في قاعدتين أساسيتين هُما؛ معسكر الدوحة غرب العاصمة الكويتية ومعسكر عريفجان، بجانب عدة قواعد ومعسكرات أخرى منها مُعسكري “بيوري” و”فيرجينيا”، وقاعدتيّ علي السالم وأحمد الجابر الجويتين.
وتضم هذه القواعد 2200 آلية عسكرية مُقاومة للألغام، وطائرات شحن عسكرية من طراز “سي-17″، مُخصّصة لعمليات نقل تكتيكية واستراتيجية للعسكريين والعتاد، وطائرات “سي-130″ القادرة على الإقلاع والهبوط على مُدرجات غير مُجهّزة، وأكثر من 80 مُقاتلة، وبعض وحدات القوات الخاصة سريعة الانتشار.
وكانت الكويت عقدت اتفاقا مع واشنطن عام 1987 تحمي الأخيرة بموجبه 11 ناقلة نفط كويتية تعرّضت للتهديد من البحرية الإيرانية فيما سُميت بـ”حرب الناقلات”. وفي 1991، بعد الغزو العراقي للكويت، أُعلِن تمديد فترة بقاء القوات البرية الأمريكية في الكويت.
عُمان
تقدم سلطنة عُمان للقوات الأمريكية تسهيلات عسكرية عبر استخدام المرافئ والمطارات العُمانية، بموجب اتفاقية أبرمتها مع واشنطن في أبريل عام 1980.
وقبل أحداث 11 سبتمبر 2001، تمركزت في سلطنة عُمان 5 قواعد أمريكية تابعة للقيادة الوسطى الأمريكية، كما أُبرِمت اتفاقات سمحت للولايات المتحدة باستخدام 24 مرفقًا عسكريًا عمانيًا.
ووفق تقارير محلية، تقلّص الوجود الأمريكي كثيرًا في السلطنة ولم يعُد يتجاوز الـ2000 عسكري. وفي مارس الماضي، وقّعت مع الولايات المتحدة اتفاقية بهدف تعزيز العلاقات العسكرية بين الجانبين.
وتسمح الاتفاقية للقوات الأمريكية بالاستفادة من التسهيلات المُقدّمة في بعض موانئ ومطارات السلطنة، لاسيّما في ميناء الدقم (على بُعد نحو 600 كيلومتر إلى الجنوب من العاصمة مسقط) وصلالة (ثاني أكبر مدن السلطنة، وتقع على بُعد 1000 كيلومتر جنوب مسقط).
قطر
تضم قاعدتين أمريكتين؛ هُما قاعدة العُديد التي شيّدتها قطر عام 1996 على بُعد 30 كيلومترًا جنوب غرب الدوحة، وتُعد أكبر قاعدة جوية أمريكية خارج الولايات المتحدة، وواحدة من أهم قواعدها العسكرية بالخليج.
استخدمتها الولايات المتحدة بشكل سري عام 2001 خلال الحرب على أفغانستان، وبعد عام أُعلِن رسميًا عن تمركز القوات الأمريكية في القاعدة بموجب اتفاق تم توقيعه بين الدوحة وواشنطن في ديسمبر 2002.
وجرى توسيع القاعدة مع مرور الوقت وباتت تضم عددًا كبيرًا من المنشآت مثل مراكز القيادة المتطورة ومخازن أسلحة ووقود وورشات صيانة للاسلحة والطائرات.
يتمركز بها نحو 11 ألف عسكري، غالبيتهم من سلاح الجو الأمريكي، وتضم المقرات الرئيسية لكل من القيادة المركزية للقوات الجوية، والمركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية، والجناح الـ379 للبعثات الجوية.
ويوجد بها أكثر من 120 طائرة وقاذفات “بي 1″ وطائرات استطلاع وقاذفات بعيدة المدى، مثل” بي 52 “، وطائرات تموين بالوقود في الجو، بجانب وحدات دعم وإسناد ومخازن أسلحة وذخيرة.
كما تضم أطول ممر للهبوط الجوي في منطقة الخليج بطول 5 كيلومترات. وتنطلق منها طائرة كل 10 دقائق تقريبًا وعلى مدار الساعة لشنّ غارات جوية ضد أهداف في سوريا والعراق.
تسضيف “العُديد” حاليًا أكثر من 10 آلاف من القوات الأمريكية وآخرين من قوات التحالف الدولي. وتحتوي على أحدث المرافق السكنية والخدمية والعملياتية الداعمة لأعمال التحالف لمحاربة الإرهاب ولاستقرار المنطقة.
وإلى جانب قاعدة “العُديد”، تستخدم الولايات المتحدة قاعدة “السيلية” جنوب الدوحة، التي افتٌتِحت عام 2000، وكانت مركزًا للقيادة الوُسطى الأمريكية عام منذ الحرب على العراق عام 2003. وتُستخدم كمستودع للمُعدات العسكرية الأمريكية لتخزين أسلحة وآليات وذخائر.
رنا أسامة-مصراوي