تنتقم الولايات المتحدة الأمريكية من القوى المناهضة لهيمنتها بشتى الوسائل سياسياً وعسكرياً واقتصادياً، ولطالما كانت العقوبات سلاحاً جاهزاً وحاضراً عند نفاد جميع محاولاتها لجعل تلك القوى تحت جناحها، لكن رغم العقوبات وتأثيراتها السلبية حتماً على الدول والشعوب، أثبتت التجربة فشلها.
..من هنا جعل الاكتفاء الذاتي في المجال الطبي كوبا المحاصرة بمثابة الملجأ للكثير من الدول للمساعدة في مكافحة فيروس «كورونا»، فما كان من إيطاليا إلا الاستعانة بالخبرات والقدرات الطبية الكوبية – مع الاستعانة بكل من فنزويلا والصين، وهذا وحده اعتراف بإمكانيات هذه الدول ومايمكن أن تقدمه رغم الحصار ودليل على عدم تمكن العقوبات الأمريكية من تحقيق كامل أهدافها.
حوّلت العديد من الدول مثل كوبا وإيران وروسيا وفنزويلا وغيرها العقوبات الأمريكية إلى فرصة للتطور والتقدم والتنمية
حوّلت العديد من الدول مثل كوبا وإيران وروسيا وفنزويلا وغيرها العقوبات الأمريكية إلى فرصة للتطور والتقدم والتنمية وهي وإن تعثرت في مجالات بفعل الحصار، فإنها سجلت نجاحاً لافتاً في مجالات أخرى دون أن تتمكن العقوبات من تكبيلها وتقييد نموها المتصاعد، وإن كان للعقوبات تأثيرات سلبية، فإيجابيتها لدى تلك الدول هي الالتفات إلى صناعتها ومنتجاتها الوطنية وتحفيزها، فمثلاً 50 مليار دولار حجم الخسائر الروسية من العقوبات الأمريكية عليها، عوضتها موسكو بحفز منتجاتها محلياً، كما تحولت لأكبر دولة في العالم مصدرة للقمح.
..وفي إيران رغم تأثيرات الحظر سلباً ولاسيما راهناً في أزمة «كورونا» لكنها طورت قدراتها الدفاعية كما طورت صناعاتها الدوائية وغيرها، ومدى التطور في كوبا يُلتمس في اللجوء الإيطالي إليها بعدما تخلت العديد من الدول الأوروبية عنها في محنتها، بينما أمريكا تعمد راهناً إلى الاستحواذ على دواء محتمل لعلاج «كورونا» للاستثمار به سياسياً.
العقوبات الأمريكية وعن غير قصد طالت الدولار الأمريكي ذاته، إذ دفعت الدول المعاقبة للبحث عن آليات مالية للتعامل وإيجاد اتفاقيات تعاون وشراكة فيما بينها، وحتى مع دول أخرى رافضة للسياسات الأمريكية قائمة على استخدام العملات الوطنية في تعاملاتها وفي هذا ضربة لهيمنة الدولار.
بالتنيجة تنال أمريكا حصتها من آثار سياساتها العدائية وإن كانت بدرجة أقل عن غيرها، بينما الدول الأخرى تحاول تخطي العقوبات بالاعتماد على الذات.