من ذاكرة الفايسبوك… “خطاب للرئيس الفرنسي”

 من ذاكرة الفايسبوك… “خطاب للرئيس الفرنسي”

لعل أهم ميزة أو خاصية يتوفرُ عليها موقع التواصل الاجتماعي ” فايسبوك ” فضلا عن  وضعه فرصة التعبير الحر والمباشر أمام مئات الملايين من الناس في مختلف أصقاع العالم والقضاء على احتكار بعض وسائل الإعلام التقليدية لفضاءات التعبير، هي ميزة الذاكرة القوية التي تُسِّجل يوم الحدث وتعيد تذكيرك بما كتبته في السنة أو السنوات الماضية ، وعملية التذكير هذه تعطيك فرصة حقيقية لمراجعة أقوالك ومواقفك ، والوقوف بنفسك على مدى صحة رؤيتك للأمور في الماضي القريب، ومدى التزامك بما كُنْتَ قد أعْلَنْتَهُ للناس حول هذه القضية أو تلك، وقد ذكرني ” الفايسبوك ” مشكورا بمنشور كنت قد كتبته يوم الثالث من شهر جويلية 2017 حول خطاب ألقاه الرئيس الفرنسي أمام برلمان بلاده، ويومها كتبت على صفحتي في الفايسبوك معلقا على خطاب الرئيس الفرنسي :

” الرئيس الفرنسي اليوم وفي خطاب مباشر ورائع أمام الهيئة التشريعية الفرنسية، أي غرفتي البرلمان ، طالب بضرورة إحداث إصلاحات برلمانية ، وإرساء دعائم ” نهج جديد تماما ” ، الرئيس الفرنسي قال من ضمن أشياء أخرى بأنَّه يجب خفض عدد النواب في البرلمان الفرنسي إلى حدود الثلث، وهوما يُعيد إلى الأذهان ما يطالب به العديد من المواطنين الجزائريين منذ سنوات خلت من ضرورة خفض عدد النواب سواء في المجلس الشعبي الوطني (462 نائبا ) أو في مجلس الأمة(144 ديناصورا )، أي أن المجموع هو( 606) ! !؟ ؟؟ والذي يرى عدد أعضاء البرلمان الجزائري يتساءل ، هل نحن إمبراطورية عظمى تحكم عشرات الدول والشعوب ؟ وهو على أية حال عدد مهول وفائض عن الحاجة ، وغير مجدي ومكلف للغاية .

…وكم كان محقا الرئيس السينغالي عندما بادر إلى إلغاء مجلس الأمة وتخصيص الأموال التي كانت تنفق على هؤلاء النواب والديناصورات وامتيازاتهم ، لبناء كليات ومستشفيات طبية…

.نرفع نداءنا إلى السلطات الجزائرية بضرورة التفكير الجدي وضمن جدول زمني دقيق في التخفيض إلى أبعد حد ممكن من عدد النواب أو الشيوخ للوصول إلى عدد معقول يتسم بالفعالية ، كما نرفع نداءنا إلى نفس السلطات بضرورة إيجاد معايير موضوعية وصارمة فيمن يترشحون للبرلمان……العملية السياسية في الجزائر في حاجة إلى تجديد عميق بما فيها وضع حد للعبث الحزبي ، ماذا تفعل الجزائر بأكثر من ستين حزب سياسي ؟ الرئيس الفرنسي في خطابه طالب أيضا بإلغاء محكمة عدل الدولة، لكي يتساوى الوزير مع المواطن العادي في الوقوف أمام القضاء دون امتيازات خاصة ؟ هل نحتاج إلى القول بأننا في الجزائر في أمس الحاجة إلى إلغاء ظاهرة الامتياز في التقاضي، أو تقليصها وتضييقها إلى أدنى الحدود…..نحن في حاجة إلى ” نهج جديد تماما ” كما قال الرئيس الفرنسي عن بلاده، علينا أن نتعلم من حيوية الشعوب وقدرتها عل تجديد نفسها والمضي في طريقها…” .

 هذا ماكتبته يوم الثالث من شهر جويلية من سنة 2017 تعليقا على خطاب الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون ” أمام البرلمان الفرنسي، وفي تلك الفترة كانت الجزائر تعيش على وقع تجاذبات سياسية وتطلعات شعبية مافتئت أن أعربت عن نفسها يوم 22 فيفيري 2019 في حراك شعبي وطني عظيم، بقي أن نتساءل : هل استطاع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يجسِّد ما تحدث عنه في خطابه المذكور وما طالب به من ” نهجٍ جديد بالتمام ” ؟ لا أدري ولكن من المهم في عالم اليوم ، أن نكون يقظين لما يُطرح في مختلف أنحاء العالم من رؤى وأفكار في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة، وأن نعرف كيف نفهم ونحلل هذه الأفكار، ليس لتطبيقها حرفيا أو الاكتفاء بالإشادة بها وإعلان إعجابنا بمضمونها، ولكن على وجه أخص لكي لانكون بمعزل عمَّا يدور حولنا ، إذ ليس أخطر على الشعوب والأمم من أن تضع نفسها أو يجري وضعها في عزلة عن سياقات الراهن الإقليمي والدولي، لا للانعزال والعزلة، ونعم للانفتاح والتفاعل ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا..” من الآية 13 من سورة الحجرات، والتعارف يقتضي التفاعل مع الناس كأشخاص وكجماعات ( شعوبا وقبائل ) وكأفكارٍ، وكم نحن في حاجة إلى الأفكار…؟

                                  

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023