الأحد , 22 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

من يحكم من إسرائيل / أمريكا ؟…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

السردية السائدة في الصحافة الرسمية الغربية بما يخص العلاقة بين نتنياهو وكيانه وإدارة الرئيس بايدن هي أن نتنياهو داهية يستطيع أن يتلاعب بهذه الإدارة منتهزا ضعف بايدن الى جانب أن أمريكا في خضم معركة الانتخابات الرئاسية. وهذه السردية قائمة على انه في العديد من المناسبات منذ بدء عملية طوفان الأقصى يظهر نتنياهو انه متوافق مع مواقف واشنطن من الناحية النظرية، ولكنه يعمل بالضد من هذا على أرض الواقع. هذا سواء في قضية وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين لدى المقاومة في غزة أو المحاولة الأخيرة لترتيب وقف إطلاق النار لمدة 21 يوما على الجبهة الشمالية مع المقاومة اللبنانية وفي هذه الحالات مجتمعة ظهر بايدن عاجزا. وهنالك تساءل من الكثيرين ملخصه من يحكم من بمعنى هل إسرائيل /نتنياهو يحكم أمريكا أم أمريكا تتحكم في إسرائل /ننتياهو.

في تقديري المتواضع أن السردية واتساءل تحملان في طياتهما خطأ كبيرا. فالسردية خطأ لأنه ببساطة يستطيع البيت الأبيض أن يرسل أمرا الى البنتاغون بإيقاف شحنات الأسلحة الى إسرائيل وبدون إمدادات الأسلحة بشكل مستمر يجبر إسرائيل بوقف عمليات القصف البربرية على قطاع غزة بعد نفاذ القنابل والصواريخ الامريكية من المخازن الإسرائيلي وكذلك يتم التوقف عن توجيه الضربات الى سوريا واليمن ولبنان في غضون أيام إن لم نقل ساعات.

ولكن بدلا من إجراء مكالمة للبنتاغون فإن طاقم البيت الأبيض المسؤول عن ملف الشرق الأوسط من بلينكن الى برت ماك جورك وعاموس هوشتين الذي يعتبره البعض محقا الجندي في “جيش الدفاع الإسرائيلي” كانوا وما زالوا يحثون نتنياهو بالاستمرار في حملات الإبادة والعدوان على جميع الجبهات. وكل من هوشتين وماك جورك وغيرهم من المسؤولين عن الامن القومي الأمريكي يعتبرون أن عمليات الجيش الإسرائيلي على الجبهة اللبنانية تشكل لحظة تاريخية حاسمة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط لصالح الولايات المتحدة لحماية مصالحها في منطقة ذات أهمية جيوسياسية بامتياز وإبعاد أو محاصرة التأثير أو النفوذ الروسي والصيني في عالم لم تعد فيه الولايات المتحدة الامر الناهي على الساحة الدولية وبروز عالم متعدد الأقطاب.

ويرى هؤلاء أنه من الضروري انتهاز الفرصة الان بعد عمليات الاغتيالات التي طالت قيادات مرموقة من الصف الأول وبعض رموز الصف الثاني وخاصة بعد ان وصلت الاغتيالات الى رأس الهرم القيادي ممثلا بسماحة السيد حسن نصر الله. وتبعا لهذا الثلاثي وغيرهم في الإدارة الامريكية والبنتاغون أن هيكلية الحزب القيادية السياسية والعسكرية قد تضررت الى حد بعيد ويجب التصرف الان قبل أن يعيد الحزب بناء هذه الهيكلية.

وفي الاجتماع الأخير للمسؤولين في البيت الأبيض مع الرئيس بايدن لتقييم الأوضاع تبنى معظم الحاضرين على أن الأوضاع القائمة حاليا يمكن أن توفر الفرصة لتقليص ومحاصرة النفوذ الإيراني في لبنان والمنطقة. واستخلص المجتمعين على ان نتنياهو يقوم الى حد كبير بما تريده إدارة بايدن. ومن هنا نرى تلاقي في الأهداف والمصالح بين الطرفين الإسرائيلي والامريكي. فأمريكا ستحصل على ما تريد إن نجح جيش الكيان الصهيوني في سحق المقاومة اللبنانية (وهذا حلم ابليس في الجنة، ولكن هكذا يفكرون) ويحقق نتنياهو تحقيق حلم الدولة اليهودية التوراتية بعد عملية تهجر وتطهير عرقي على الجبهة الفلسطينية واللبنانية وتتمدد الغدة السرطانية (وعد ترامب لنتنياهو في حالة نجاحه في الوصول الى البيت الأبيض) وينصب نفسه ملك إسرائيل. وفي حالة فشل نتنياهو وجيش الكيان في تحقيق الحلم التوراتي تخرج أمريكا الذي استخدمت كيانه الوظيفي لتتخلص من نتنياهو وتتبرأ منه وكأنها لم تكن شريكة فعلية وعملاتية في حرب الإبادة.

وهذا ربما يفسر السياسة الجديدة للولايات المتحدة التي لم تعد مهتمة في إيقاف إطلاق النار على الجبهة الشمالية وإعطاء الأولوية في تحركاتها الدبلوماسية لانتخاب رئيسا للجمهورية في لبنان هذا الى جانب التنسيق بين البيت الأبيض والكيان الصهيوني حول طبيعة الأهداف الإيرانية التي من الممكن أن تقوم الطائرات الإسرائيلية بضريها. ومن أجل ذلك سيزور وزير الحرب الإسرائيلي غالانت واشنطن كما وأرسلت واشنطن قائد القيادة المركزية الأمريكي الى الكيان لمناقشة الخطط العسكرية الإسرائيلية النهائية بهذا الخصوص. وفي هذا الإطار وقبل فترة تم نقل رسالة الى القيادة الإسرائيلية عن طريق المبعوث هوشتين بأن الولايات المتحدة تؤيد استراتيجية نتنياهو بنقل الثقل العسكري للتركيز على الجبهة الشمالية مع لبنان على أمل أن يتمكن جيش الاحتلال من “سحق” المقاومة اللبنانية وإخضاعها للشروط الصهيو-أمريكية. هذا السيناريو والشعارات التي طرح عام 2006 لتغيير الشرق الأوسط الجديد ورأينا ماذا كانت النتيجة.

وكما سقط مشروع الشرق الأوسط الجديد عام 2006 سيسقط هذا المشروع ثانية وتتبدد أحلام المحافظين الجدد مرة أخرى بصمود محور المقاومة.

كاتب وأكاديمي فلسطيني

 

 

 

 

شاهد أيضاً

هدنة لبنان…ليست نهاية المعركة…بقلم ميلاد عمر المزوغي

التحق حزب الله بطوفان الاقصى في يومه الثاني, في محاولة منه لتخفيف الاعباء عن غزة …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024