الأحد , 17 نوفمبر 2024
Breaking News

من يقف وراء مؤامرة توطين الأفارقة في تونس !؟…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

وُصفت العشرية السوداء بالفترة التي كثرت فيها الدسائس و المؤامرات من داخل الدولة وخارجها فمع صعود منظومة 2011 انذلك للحكم شهدت تونس طفرة غير مسبوقة من توافد الاجانب وخاصة النازحين الافارقة من جنوب الصحراء وبدأت هذه الموجات تتطور يوما بعد يوما بأعداد اكبر وهي اليوم بحسب الاحصائيات الرسمية الاخيرة وتدارس وتيرة الوضع الحالي للبلاد أصبحت مصدر قلق يهدد الأمن القومي و الديمغرافي ،لعل اهم ما يمكن الحديث عنه و الاشارة اليه في ظل تعالي الاصوات و احتدام الراي العام الوطني منادية بترحيل هؤلاء المهاجرين هي ان المشكلة قد تفاقمت و تشعبت حتى باتت مدار مناكفات سياسية مشبوهة اضافة الى تدخل بعض الاطراف السياسية و منظمات هناك شبهات تحوم حول ارتباطها بأجندات اجنبية مشبوهة تتربص سوءا بالدولة اين تحاك لها الدسائس و المخططات بيد اجنبية خبيثة، لذلك يجب ان الا تكون تونس ارض ميعاد و توطين من أي جنسية تشكل خطرا وقنابل موقوتة.. ويرى مراقبون أن هذا الوضع غير الطبيعي، كان بفعل مؤامرة و ترتيب إجرامي تمّ إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس كان من ورائها جهات تلقت أموالا طائلة بعد سنة 2011 من أجل توطين المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء في تونس.. و النقطة التي أفاضت الكاس في هذه المؤامرة هو قانون العنصرية الذي يشبه قانون معاداة السامية في فرنسا بمعنى كل محاولة للتصدي لهذا الموضوع تدخل تحت طائلة القانون الجزائي و التهمة هي العنصرية فهو أساسا حق اريد به باطل تم تزويقه بدعاية خارجية و لعبت عبره بعض الجمعيات المتباكية دورا فاعلا في كسب تعاطف طيف واسع من المجتمع المدني و الأحزاب و هي كلها مراحل تمهيدية تصب في خانة ادماج الافارقة صلب المجتمع التونسي وصولا إلى حق الإقامة و الجنسية..

فهل هي سيناريوهات خارجية بإخراج اوروبي تضع تونس موضع حارس السواحل في اطار صفقة استهدفت الدولة التونسية في فخ مصادق عليه منذ سنة 2014 ام هي تأليب للراي العام الوطني لخلق موجة من الفوضى بين التونسيين والجاليات الافريقية قد توصف بحرب اهلية وبالتالي ازمة دبلوماسية لتونس و الدول التي ينتمي لها هؤلاء المهاجرين في وقت توصف فيه دولتنا بقلب القارة الفرنكوفونية حيث تسعى تونس الى جلب الاستثمار الافريقي ؟ ام هي مشروع استيطان يصطدم بسيادة تونس في عقر دارها متى تستباح لمن يوصفون بالميليشيات التي قد تسعى الى فرض مشروعها الاستيطاني؟

من الواضح أنّ سياسات الهجرة الأوروبية والقيود التي تفرضها على الوصول إلى أراضيها تلعب دورا كبيرا في تنامي هذه الأزمة التي تعيش على وقعها تونس وبعض دول شمال أفريقيا ، ولم تعُد تقتصر هذه السياسات على منظومة التأشيرة أو الأحكام الإلزامية التي تفرضها أوروبا على الممارسة الحدودية لدول شمال أفريقيا من ضبط وقمع للمهاجرين غير النظاميين، بل صارت تمتاز أيضا بطابع عُنصري..، تكشف المفاوضات الجارية بين الدول الأوروبية والدولة التونسية عن الوجه الحقيقي للسياسات الأوروبية القائمة أساسا على عدم الاعتراف بالآخر والتعامل معه إلا فيما يتعلق بالمصالح الأوروبية الصرفة، فبعد أن كانت السفن تخرج من الموانئ الأوروبية لاستجلاب الأفارقة وبيعهم كعبيد داخل الأسواق للعمل في الفلاحة والزراعة والأشغال الشاقة بدون مقابل ،هاهي أوروبا اليوم تتصدى بكل الوسائل لتدفقات الهجرة من افريقيا وشمالها عبر البحر الابيض المتوسط وهي التي تنهب ثرواتها إلى اليوم، من خلال بحث كل الوسائل السلمية منها والعنيفة لمنع الهجرة الغير نظامية، وإذ يأخذ هذا الملف اليوم على الصعيدين الإفريقي والأوروبي والتونسي بالأساس حيزا إعلاميا على المستويين الدولي والوطني فمرد ذلك إلى كون جوهر الاتفاق يتعارض مع جوهر حرية التنقل ويحول تونس إلى حارسة حدود لأوروبا وموطنا للأفارقة الفارين من النزاعات، وذلك من خلال تحويل تونس إلى منطقة استقرار ومكان للعيش والعمل ومكان للغربلة للأفراد الذين يسمح لهم بالعبور إلى الأراضي الأوروبية بما يعني أنه وفق هذه المقاربة فإن الموقف من الأفارقة اليوم ليس موضوع حقوق إنسان ولا حقوق مهاجرين تساء معاملتهم بقدر ما هو موضوع التصدي لمشروع أوروبي يهدف إلى توطين الأفارقة في تونس وعملية استيطان لهم فوق أراضينا .. و تحويل الدولة التونسية من منطقة عبور إلى منطقة استقرار، وثانيا توسيع حدود أوروبا افتراضيا بحيث أصبحت تشمل دول شمال أفريقيا وذلك دون أن يتمتّع مواطنو هذه الدول بامتيازات التواجد في المجال الأوروبي، وعلى الرغم من أنّ الخطاب الرسمي لأوروبا يزعم تبنّيها لسياسات تتماشى وحقوق الإنسان الكونيّة كما القانون الدولي إلاّ أنّ واقع الحال يفنّد هذه المزاعم ويُؤكّد أنّ أوروبا ليست عنصرية ورافضة للآخر فحسب بل أنّها تعمل بشكل ملموس على تصدير عُنصريتها هذه إلى المُجتمعات التي تُمثّل حزامها الأمني.. ونخلص، إذاً، إلى أنه لا مفرّ من تقييم ومراجعة الترسانة القانونية الشاملة والردعية التي أقرّها الاتحاد الأوروبي للحدّ من الهجرة غير الشرعية، وأفردها بهياكل ومؤسّسات مندمجة وتمويلات ضخمة، في حين ثبت يقينا أن هذه الخيارات والسياسات لم تؤت أكلها، ولم تحقّق أهدافها، بل ساهمت في تأجيج نيران الهجرة وقوارب الموت، وأماطت اللثام عن انتهازية مُفرطة، وعن “الوجه البشع” لأوروبا التي لطالما تشدّقت بحماية حقوق الإنسان..

يخشى الأوروبيون الحديث عن الأسباب الرئيسية وراء الهجرة غير النظامية حتى لا تتم إدانتهم وتحميلهم مسؤولية ذلك، ويرون في تحميل دول الجنوب مسؤولية هذه الظاهرة أفضل سبيل للتخلص من هذا المأزق، فإن اعترفوا بمسؤوليتهم عما يحصل سيخسرون العديد من الامتيازات هناك، فهم فقط يرون تنامي أعداد المهاجرين، أما أسباب ذلك، فلا داعي للحديث عنها وفق تصورهم، ذلك أنها دليل إدانة لهم، فهم المسؤولون عن هذه الظاهرة التي تهدد وجودهم، عمل الأوروبيون طيلة سنوات احتلالهم للدول الإفريقية على نهب ثرواتها ومصادرة قرارها السيادي، والأمر متواصل إلى الآن، ورغم استقلال كل الأفارقة ظاهريًا، فإن الاحتلال متواصل بطرق ملتوية ويمارس نفس الممارسات السابقة، هذه الممارسة أدت إلى تفقير الأفارقة وتنصيب مسؤولين غير أكفاء على رأس دولهم ودعم أنظمة استبدادية، همها الوحيد كنز الثروة ومواصلة الحكم إلى الممات وبعدها توريثه للعائلة والحاشية، كأن البلاد ملكية خاصة لهم، يقومون فيها بما يريدون وما يخدم مصلحتهم الأولى بعيدًا عن مصلحة الشعوب، لم يعد الأفارقة يجدون مقومات العيش الكريم داخل بلدانهم نتيجة نهب ثرواتهم من الدول الغربية وعملائها في الداخل، ما دفعهم إلى خوض المغامرة واجتياز الحدود البرية والبحرية علّهم يصلون إلى البر الأوروبي والتمتع ببعض خيراتهم المنهوبة..القارة التي استُعمرت ونُهبت وتُركت للحروب والنزاعات والفقر لم تعُد مكانا يُحتمل بالنسبة لكثير من سُكانها، وموجات الهجرة على اختلاف أسبابها ودوافعها ستبقى وتتواصل مهما حاولت أوروبا والدول المتواطئة معها منعها، ولا مجال لتحميل تونس وحدها مسؤولية نقائص أو تواطؤ دول الجوار التي تتغاضى عن جحافل المهاجرين التي تقطع آلاف الكيلومترات على ترابها للوصول الى تونس و الحال أن جارتي تونس تتمتعان بإمكانيات هائلة مقارنة بتونس التي تعاني أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة.. و على الدول الأوروبية ان تعي ان التهديد لا يأتي من تونس بل من دول المنشأ الأفريقية و دول العبور إلى تونس .. فما تونس إلا الحلقة الأضعف و الأخيرة و أكثر أعذارا لعدم تحمل مسؤولية هذه الموجة الجارفة..ولعلنا لا نبالغ اذا اعتبرنا أن كل التصريحات الديبلوماسية المعمقة والاغراءات لايمكن أن تخفي جسامة هذا الملف الذي يستوجب من السلطات التونسية الكثير من الحذر ولكن أيضا الكثير من الدهاء السياسي لقراءة ما بين السطور …فلا شك أننا ازاء شريك موحد في صفوفه وأهدافه وخياراته وهذا للأسف أمر غير قائم في الحالة التونسية لاسيما في غياب أدنى توافق بين دول المنطقة المغاربية وانعدام أي فرص لتغيير قواعد اللعبة.. و يبقى ملف الهجرة غير النظامية من أعقد وأخطر الملفات التي سيتعين على السلطات التونسية التعاطي معها بكل جدية تجنبا لأي اتفاق يمكن أن يحمل البلاد والعباد ما لا طاقة لها به…ندرك جيدا أنه عندما يتعلق الأمر بمثل هذه الاتفاقات تغيب العاطفة وتحضر قوى الحكمة والقرار الصائب الذي يجعل كل طرف يبحث عن دعم وحماية مصالحه باعتماد كل الطرق المتاحة من الدبلوماسية الناعمة الى الديبلوماسية الحاسمة…رفض توطين و إستيطان الافارقة الجنوب صحراويين بتونس ليس من منظور عنصري و انما بسبب المؤامرة الأوروبية التي تهدف لجعل تونس مستقرهم الأخير تعويضا على الهجرة لأوروبا ، إنّ ملف المهاجرين الأفارقة ليس موضوع حقوق إنسان ولا حقوق مهاجرين، بقدر ما هو أصبح مصدر قلق يهدد الأمن القومي.. و رغم الإكراهات التي تمر بها الدولة فإن تونس ليست مضطرة لتتحول إلى شرطي يحرس المياه الأوروبية..

 

عاشت تونس حرّة مستقلّة

 

Check Also

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024