الخميس , 21 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

نظام السيسي ومزيد من الممارسات الديكتاتورية…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

البعض رأى في مجيء السيسي الى السلطة في مصر على انه الخلاص من حكم الاخوان المسمين وسقوط لمشروع الإسلام السياسي ليس في مصر لوحدها، بل في المنطقة ككل حيث كانت المخطط فرض هيمنة الاخوان المسلمين او ما سمي بالإسلام السياسي وبشتى السبل سواء من خلال صناديق الاقتراع كما حصل في مصر وتونس الى حد ما بعد هروب الرئيس زين الدين عابدين الى السعودية او بالقوة كما حصل من محاولات في ليبيا وسوريا. وربما كان هنالك شيء من الصواب في هذا التحليل فضرب معقل تنظيم الاخوان المسلمين في مصر عقر دارهم كان له تأثير كبير على تنظيم الاخوان المسلمين في المنطقة ككل. 

 ولكن السؤال الذي بقى وسيبقى مطروحا هل كان مجيء حكم العسكر في مصر لصالح الشعب المصري والدولة المصرية على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحرية التعبير والديمقراطية …الخ الى جانب استعادة مصر للدور الريادي في المنطقة. كل متتبع للوضع في مصر مع مجيء شخصية مطمورة عسكرية الى سدة الحكم يستطيع ان يستخلص ان نظام السيسي لم يكن بأفضل من حكم تنظيم حركة الاخوان المسلمين التي تركت لتحكم لفترة وتبين فشلها في معالجة الأوضاع المزرية في مصر وخاصة الاقتصادية منها لسنحت الفرصة لأحزاب المعارضة الوطنية واليسارية بلملمه صفوفها وخوض الانتخابات وإتاحة الفرصة للمجيء الى الحكم بناء علا ائتلاف أو جبهة وطنية لأول مرة في تاريخ مصر. انا لا ادعي ان هذا كان من المؤكد حصوله، ولكن ربما كانت هنالك فرصة لتحقيق ذلك لو سنح الوقت وحشد الطاقات وخاصة بوجود شارع غاضب على السلطة ومصادرة حقوق الجماهير الغاضبة وتحركها سواء من تنظيم الاخوان المسلمين أو العسكر على حد سواء هذا الى جانب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة لأغلبية الشعب المصري والتي في مجملها شكلت حالة ثورية متميزة وقوة حقيقية لإحداث التغيير.

مجيء العسكر الى مصر تحت ادعاءات كاذبة من أن الجماهير التي خرجت الى الشوارع ضد تنظيم الاخوان المسلمين بعد فترة من الانتخابات وأد التحرك او الطريق الى تحقيق اية محاولة لإشاعة أي نوع من الديمقراطية ولو بحدودها الدنيا أو وصول وجوه مدنية وحتى تلك التي تتبنى الليبرالية الجديدة في منظومتها الفكرية.

فمجيء العسكر ومرشحها السيسي الى السلطة بعد ان خلع بزته العسكرية لخوض “انتخابات” فاقعة ومهينة للشعب المصري استتبعها قمع المعارضة المصرية خارج اطر تنظيم الاخوان المسلمين وتم احتجاز الكثير من الشباب اللذين شاركوا في التظاهرات وشددت الرقابة على الصحافة ومزيد من خنق الحريات للتعبير وتمديد حالة الطوارئ والتي استخدمتها الأجهزة الأمنية لقمع اية معارضة لحكم العسكر وبغض النظر عن لون هذه المعارضة وشكلت المحاكم الاستثنائية وتوغل النظام على أجهزة الدولة ليعزز من سيطرته على الأوضاع الداخلية واتخذت الإجراءات الغير قانونية لفرض مزيد من قمع الحريات واصبح اسفر الى خارج البلاد للسياسيين وحتى من رجال “مجلس الشعب” مرهونا بالحصول على موافقة الأجهزة الأمنية. و[اختصار أصبحت وما زالت مصر تدار بالشكل التي كانت تدار به دول أمريكا عندما كانت ديكتاتوريات الفرد المرتبطة بأجهزة المخابرات المركزية الامريكية تهيمن على الحياة السياسية بها. 

الجهاز القضائي المصري ولغاية فترة ليست بالبعيدة كان ينظر اليه على انه الجهاز الرسمي الذي يتمتع بنوع من الاستقلالية والنزاهة والشفافية وعلى انه غير مرتبط الى حد كبير بالسلطة. ويبدو ان نظام السيسي وبعد ان احكم سيطرته على أجهزة ومفاصل الدولة المصرية أصبح لديه شهية للتوغل على ربما آخر جهاز في الدولة الا وهو الجهاز القضائي لإلحاقه كلية واخضاعه لسيطرة النظام.

هكذا يجب ان نفهم الخطوة غير المسبوقة في تعيين أكبر قاضي عسكري في البلاد من قبل السيسي للانضمام الى المحكمة الدستورية العليا في مصر على طريق السيطرة وإخضاع أعلى جهاز قضائي في البلاد. والطريق التي تم فيها الإعلان عن تعيين هذه الشخصية تنم بشكل واضح عن هذا الغرض. فمن ناحية الوقت تم الإعلان عن تعينه في فترة عيد الأضحى المبارك وهي فترة أعياد ولا يتم الانتباه الى مثل هذه الأمور الا من قبل القلة القليلة من المتابعين. وثانيا أدرج الخبر في معظم الصحف كخبر غير رئيس على الاطلاق وخبر مدفون كما يقال ببعض السطور ولم يتم عرض السيرة الشخصية وهو ما درجت عليه الصحافة عند تعيين أي شخص جديد الى المحكمة الدستورية العليا. والى جانب ذلك تم لإخفاء اسم العائلة لهذه الشخصية في الإعلان وذلك في عملية تمويه مخطط لها حتى لا يثير الشبهات على خلفيته العسكرية. 

هذا بعض من غيث للممارسات الديكتاتورية لهذا النظام على الداخل المصري التي تكون عادة غائبة او مغيبة عن وسائل الاعلام المحلية والإقليمية ولا نراها او يشار اليها الا في وسائل إعلام غربية متخصصة يا للأسف الشديد. 

كاتب وباحث اكاديمي فلسطيني

شاهد أيضاً

هُنا حفلةٌ، وهُناكَ مَذْبحةٌ !!… بقلم محمد سعد عبد اللطيف

جريمة اخلاقية كاملة الاركان. كيف يمكن الجمع بين الاثنين في عاصمة المعز لدين الله الفاطمي/وقلب …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024