لم يَغِبْ عن قوى الغرب وهي في حربها الناعمة، التي ما فتئت تشنّها على إيران في تشويهها، وصْفٌ سيّء ولا نعتٌ رديء ولا تُهمةٌ باطلة إلا ألصقتها بها، وهي على يقين تامّ بأنها مزيّفة ومفبركة من أجهزتها الوقحة، المتفنّنة في قلب وتزييف الحقائق، وتحويلها بقوّة أدواتها ووسائلها الإعلاميّة الخبيثة، لتصريفها في العالم أخبارا زائفة، حاجبة الوجه الحقيقي لإيران الثورة الاسلامية، بما احتملته من قيم وشخصيات جديرة بالتقدير على جهودها الخيّرة، مثّلت الجانب النموذجيّ لمشروع الإسلام السياسي، القائم لحدّ الآن بجدارة في عالمنا العربي والإسلامي.
وعندما تصف إسرائيل الرئيس الإيراني الجديد، السيد رئيسي بـ(جزار طهران)(1)، وأن خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بانه مليء بالأكاذيب ومثير للسخرية، نزداد تأكّدا من كذب هذا الكيان الغاصب لفلسطين والقدس، وأنّ ما صرّح قادته بشأنها كلّ مرّة، جاء من باب الحقد والكراهية، ونفهم ويفهم منه كذلك جميع عقلاء العالم، بأن حالة العداء القائمة بين هذا الكيان والنظام الإسلامي الإيراني، مبدئية وعقائدية لا تزول، إلّا بزوال هذا الكيان تماما من أرض فلسطين، فهي إذا عقيدة ثابتة غير طارئة، ولا تتبدّل بتبدّل السّاسة في إيران.
وعندما يتظاهر العشرات من الإيرانيين – العملاء – أمام مبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة، تنديدا بإلقاء الرئيس الإيراني السيّد رئيسي خطابا باسم بلاده على منبرها(2)، فبالتأكيد أن من تجمهروا، وهم عشرات كما صرح بذلك، موقع الحرة الإلكتروني، هم خليط من المطلوبين في إيران بقضايا إرهابية، ودليل يُساق على تورّط أمريكي بإيواء هؤلاء المجموعين كالغنم في ليلة دهماء، وتجميعهم أمام مبنى الأمم المتحدة، فيعتقدهم المشاهد طلبة إيرانيين، جاؤوا للدراسة في الجامعات الأمريكية، أو سوّاحا قصدوا زيارة بلد عدوّ لبلادهم، إنّهم فقط عناصر منافقي خلق الارهابية، كان قد وقع طردهم من معسكر أشرف بالعراق، تحت ضغط أحرار العراق، ولم يجدوا من يأويهم غير من شغّلهم من الأمريكان والأوروبيين والصهاينة، يستعملونهم اليوم في واجهة تزييف وتشويه النظام الإسلامي، بتقديمهم كمعارضين له، بينما هم زُمرة من المجرمين، المتورطين في جرائم إرهابية بحق بلادهم، ومن آووهم يدركون ذلك جيّدا لكنهم، ولأجل المُضِيّ في مخططاتهم التشويهية يُبْقُون عليهم لغايتين:
الغاية الأولى: استعمالهم عناصر إرهابية، لكما سنحت لهم فرصة بذلك، استهدافا لأمن إيران الداخلي، فليس أشقّ على هؤلاء من استقرار إيران، وبقاؤها آمنة من الدّاخل.
الغاية الثانية: دعوتهم كل مرّة لإقامة تظاهرات معادية للنظام الإسلامي، على أنّ هؤلاء يمثّلون جزءا من المعارضة الإيرانية، التي لا يرتفع صوتها من الدّاخل بلغة التشويه، مع أنّ المعارضة الحقيقية في إيران، تمارس عملها السياسي بكل حرّية، وتشارك في الإنتخابات الإيرانية بأنواعها، فهي معارضة بنّاءة وليست هدّامة.
ولو أنّنا أحصينا ما جنّده محور أعداء إيران الإسلامية، المؤلّف من الغرب والصهاينة وطابور النفاق الرسمي العربي، من فضائيات ومواقع الكترونية، وصحف ومجلات وإذاعات وكتابات قدّموا أصحابها على أنهم خبراء وبحّاثة أساتذة ودكاترة – إن صحت ألقابهم- فمن الصّعب أن نقف على العدد الرّسمي لهؤلاء، مثال على ذلك قناة الحرّة وموقعها الإلكتروني، قد أطنبا في نشر كل ما يسيء لإيران، بما يلفقانه من تزييف حقائق بحقها، وهي في الحقيقة أداة أمريكية صِرْفة، وإن كان يعتقدها المشاهد أوّل مرة، خصوصا بعد سقوط بغداد بسنة(3) بأنها قناة عراقية، سيبطل العجب عندما تَعرِف أنّ مقرّها في مكان ما بأمريكا، وتأسست بتمويل وتخطيط أمريكي، لأجل نشر ما يتماشى والإستراتيجية الأمريكية الموجهة للعراق وللعالم العربي ضد إيران، بدأت البث في 14 فبراير، 2004 وتَصِلُ إلى 22 بلد عبر الشرق الأوسط، والقناة ممنوعة من البث في داخل الولايات المتحدة نفسها – عجبا – بسبب قانون (سميث موندت 1948)، بشأن بث الدعاية الدبلوماسية، وهذا مثال على الديمقراطية الأمريكية المزيفة.
أمّا ميزانية قناة الحرّة في سنتها الأولى، فقد كانت 62 مليون دولار أمريكي، وأكثر من 40 مليون دولار أمريكي لقناة خاصة بالشأن العراقي، تُعرف باسم (الحرة عراق) في 2006، طُلبت ميزانية أخرى، بقيمة 652 دولار أمريكي، للتغطية التي تشمل العرب والأوروبيين، ذكرت (دافانا لينزنر) أن دافعي الضرائب الأمريكيين، دفعوا 500 مليون دولار تقريبًا لتمويل القناة.(4)
قنوات أخرى تخصصت لتشويه إيران الإسلامية منها على سبيل المثال: إيران انترنشيونال، وايران اليوم بالعربية، وفرنسا 24، والعربية والحدث السعوديتين، ومئات القنوات الموجّهة إلى داخل إيران والتي تبث باللغة الفارسية والكردية والبلوش، هدفها غسل أدمغة الإيرانيين الناطقين بهذه اللغات، بتقديم معلومات وأخبار زائفة عن النظام الإسلامي الإيراني، من أجل ذلك اتخذت السلطات الإيرانية موقفا حازما، منعت بموجبه إلتقاط الفضائيات الحر منعا باتّا، وفي المقابل سمحت بنظام التقاط القنوات المنتخبة عن طريق الكابل، حجبا لتلك القنوات من التشويش على عقلية بعض المواطنين، وتحصينا لهم من أن يقع استغلالهم بالأكاذيب التي تبثها تلك القنوات.
خطر الإعلام لا يقل ضررا على الحرب العسكرية، بل لعلّه أشدّ تأثيرا، فعن طريقه يمكن تغيير عقلية المشاهد أو القارئ إلى 180 درجة معاكسة، وتحويله من صفّ إلى آخر، ومن صاحب فكرة مقتنع بها إلى معاد لها، بقوّة الإعلام المزيّف، وهذا ما وضعه النظام الإسلامي بعين الإعتبار، وعمل على تحصين الشأن الدّاخلي في إيران، بما يزيد من تماسك وحدة نسيجها العرقي والطائفي، وقد نجح إلى حدّ اليوم في ذلك، وباءت جهود أعدائه بفشل ذريع، رغم الإنفاق السخيّ بمئات ملايين الدولارات، لأجل أن تأتي حربهم الناعمة على إيران بنتيجة يأملونها، وفي كل مرّة يخيب سعيهم، (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)(5)
المصادر
1 –https://www.alhurra.com/iran/2021/09/22
جزار طهران”.. إسرائيل تنتقد الرئيس الإيراني وخطابه في الأمم المتحدة
2 – خلال كلمة رئيسي.. تظاهرات للمعارضة الأيرانية أمام مبنى الأمم المتحدة
https://www.alhurra.com/arabic-and-international/2021/09/21/
3 – سقوط بغداد https://ar.wikipedia.org/wiki/
4 – قناة الحرّة https://ar.wikipedia.org/wiki/
5 – سورة الأنفال الآية30