الثلاثاء , 26 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

نهاية دور أمريكا العالمي

ترجمة وتصرّف: محمد الرصافي المقداد |

نشرت المجلة الأمريكية (فورين أفيرز Foreign Affairs is the leading magazine) عددًا خاصًا (مارس ابريل 2020) حول (ثمن التفوّق: لماذا لا يجب أن تهيمن أمريكا على العالم The Price of Primacy Why America Shouldn’t   Dominate the World)، مقالا لStephen Wertheim المدير المساعد للأبحاث وتخطيط السياسات، في معهد كوينسي للحكم Quincy Institute  المسؤول وباحث في معهد أرنولد أ.سالتزمان التابع لجامعة كولومبيا.

بحث فيه عن اسباب تراجع قوة الهيمنة للولايات المتحدة عبر العالم، عزاه إلى السياسات الخاطئة التي انتهجتها الإدارة الأمريكية، تجاه عدد من القضايا والملفات الدولية، وعلى رأسها مسألة مكافحة الإرهاب، بالأسلوب والمنطق الأمريكي، الذي عمل إعلاميا وأمنيا وعسكريا، على قلب مفهوم الإرهاب وتجاهل حقيقته، ليصبح عنوانا لكل ما هو معارض لسياساتها، سواء كان شخصا أو حزبا أو نظاما، ودعا الادارة الأمريكية إلى إنهاء سياسة (مكافحة الإرهاب)، وبالأسلوب العدائي السافر، تجاه بلدان رآها الكاتب من وجهة نظره أنها لا تحتاج لأن تكون لها عداوة مع واشنطن، لا سيما الدول الضعيفة التي لا تشكل لتهديدا لأمريكا مثل كوبا وفينزويلا.

موقف امريكا العدائي، لم يقتصر على هذين البلدين، بل امتدّ الى بلدان اخرى، مثل كوريا الشمالية، ودعاها الى أن تتخلى عن الوهم والهاجس الساكن في عقول المسؤولين الأمريكيين، بأن نظام كيم جونغ أون سيختار نزع السلاح النووي الكامل تحت ضغط خارجي، مقترحا بدلاً من ذلك ، أن تسعى الإدارة الأمريكية إلى تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية، وإعادة السلام إلى شبه الجزيرة الكورية.

كما رأى الكاتب في إيران عدوا آخر، يستحق أن لا ينظر إليه بالأسلوب الأمريكي، الذي أثبت عقمه على مر الزمن، يجب على الولايات المتحدة إنهاء التنافس مع إيران، من خلال رفع العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية، والعودة إلى “خطة العمل المشترك الشامل”. كما هو حال الملف النووي الإيراني، المتفاوض عليه مع مجموعة الدول 5+1، بما فيه أمريكا، التي وقعتها مع إيران، مدلّلا أن الدبلوماسية والتفاهم والتعاون الدولي، ليست ممكنة مع إيران فحسب، بل أنها الطريقة الأكثر فاعلية لحل التوتّرات الثنائية.

ونسب الكاتب القوة الدافعة، وراء سياسة الولايات المتحدة البادية الآن تجاه إيران في إدارة ترامب، إلى التعطش الأمريكي للانتقام، وهي سياسة عدوانية، وراء دفعها الكيان الصهيوني، ليس لها فائدة حقيقية للولايات المتحدة، مقترحا بدلا من ذلك، بأنه يجب أن تلتزم سياسة واشنطن، تجاه الدول الأخرى في الشرق الأوسط، بمبدأ: لا يوجد أصدقاء أو أعداء دائمون، مشيرا الى  أنه يجب في المقابل على الولايات المتحدة، أن تخفض مستوى علاقاتها مع شركائها، مثل المملكة العربية السعودية، بالعمل على أن تتحمّل المملكة مسؤولية الدفاع عن نفسها، دون الحاجة الى أمريكا، وما سيترتب عليه من إغلاق جميع قواعدها العسكرية تقريبًا في المنطقة.

كما ألفت ستيفن النظر، الى وجوب أن تتوقف الولايات المتحدة عن لعب دور تحالفي في نزاعات، مثل الحرب في اليمن، والصراع الصهيوني الفلسطيني، إذا كانت الولايات المتحدة تريد المساعدة في حل هذه الصراعات، فإن الطريقة الأنسب هي اختيار الدبلوماسية المحايدة.

هنا انتهى المقال، وان كانت عقلية كاتبه من صنف الأمريكيين، الذين وعوا بعض حقائق وأخطاء النظام السياسي الأمريكي، فإنه بقي بعيدا عن وضع إصبعه على من يدير تلك السياسة، وهو اللوبي الصهيوني الحاكم الفعلي  والمتصرّف فيها، فأمريكا قد تتراجع عن بعض اجراءاتها الظالمة لكنها لن تتخلى عن سياساتها المعدّة بحكم عقلية الاستكبار التي طغت على عقول صنّاعها، وهم أساسا صهاينة بأتمّ معنى الوصف.

تاريخ أمريكا تأسيسا وهيمنة على العالم، مليء بالجرائم بحق الانسانية، أسود كسواد قلوب ساستها، الذين برهنوا على أنهم خرجوا من إنسانيتهم، إلى حالة من الشيطنة مستعصية العلاج، وتحكمها اليوم في العالم بالإثم والعدوان، عرّض أغلب دول وشعوب العالم إلى مظالم عديدة، لم تجد لها إنصافا، وبقيت عالقة بسبب مواقفها العدائية، المجانبة لحقوق تلك الشعوب.

إن المبلغ الذي وصلته همجيّة أمريكا، بحيث أنها لا تزال تفرض عقوباتها الظالمة على ايران، في ظل تفشي وباء كورونا المستجد (كوفيد 19 )، في موقف متوحش غير انساني، يثبت لنا أنها لا يمكنها أن ترتدع بغير القوّة، فلا شيء بعد كل هذا المسار المنحرف عن الانسانية، بإمكانه أن يردع هذا النظام المتغطرس، سوى أن يضرب بكل قوة، وبلا ادنى شفقة ولا رحمة، ليتخلص العالم من جرائمه وحماقته، لتعيش الشعوب متعاونة ومتكافئة ومتكافلة، بلا تمييز بينها يغلّب نظاما على آخر.

 

شاهد أيضاً

ماذا بعد قرار تجريم قادة الصهاينة؟…بقلم ميلاد عمر المزوغي

بفعل الجهود الجبارة التي بذلها الحكام العرب على كافة الاصعدة, تبنت الامم المتحدة اواخر القرن …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024