برسالة ناريّة حملت تأكيد طهران على الإنتقام من مُنفّذي عمليّة اغتيال اللواء الشهيد قاسم سليماني، توجّه المرشد الإيراني السيّد علي خامنئي “الى من يعنيهم الأمر” على وقع استمرار حال الإستنفار والترقُّب في المنطقة من امكانيّة لجوء تل ابيب بمعيّة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، الى تنفيذ عمل عدائيّ ما ضدّ ايران او حلفائها قبل مغادرة الأخير البيت الأبيض..طهران المُصمّمة على حتميّة الرّد على اغتيال سليماني وعالِمها النوويّ محسن فخري زادة دون السّماح للمحور المعادي بفكّ شيفرة زمان ومكان هذا الرّد، إستكملت جهوزيّتها ” التي وصلت الى حدّها الأقصى” في حماية منشآتها النوويّة والحيويّة الحسّاسة، وباتت محصّنة بمنظومات صاروخيّة نوعيّة-وفق ما كشفت تقارير صحافية ايرانية، ألمحت ايضا الى انّ هذه الجهوزيّة عُمّمت على باقي الحلفاء على امتداد جبهات المنطقة، خصوصا بعد تزايد وتيرة التحذيرات-التي أعقبت اغتيال العالِم النووي الإيراني، من حصول “عمل أمني كبير في بيروت ودمشق” قد يستهدف قادة بارزين في محور المقاومة!
تحذيراتٌ أُرفقت بأنباء سرت كالنّار في الهشيم، تُصوّب على الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله “كهدف رئيسي على قائمة التهديدات المعادية”، دون استثناء الرئيس السوري بشار الأسد من تلك القائمة، لتُستعاد واقعة اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بانه كان يعتزم “تصفية” الأسد “لولا تدخُّل اعضاء في إدارته حينها لثنيه عن خطّته”..وخطّة الإغتيال هذه لا تقتصر على قرار ترامب وحده بطبيعة الحال، فسبق ان كشفت وسائل اعلام عبريّة عن نجاة الرئيس السوري من اكثر من محاولة اغتيال حبكها الموساد “الإسرائيلي” بمعيّة الإستخبارات السعوديّة في ذُروة اشتعال الحرب السوريّة.
وفي حين يلتزم حزبُ الله في لبنان الصّمت حيال موجة التهديدات وسط استمرار الهجمة المعادية والداخليّة المستمرّة بوتيرة عالية على الحزب بهدف إطباق الحصار عليه وتحميله وزر كل الأزمات التي وصل اليها لبنان وبالتالي تأليب اللبنانيين على المقاومة وسلاحها.. هزّت معلومات ذكرتها صحيفة “الجمهورية” السّاحة اللبنانية، حين كشفت عن عمليّة كوماندوس “اسرائيليّة” حصلت منذ اسبوعين على شاطئ الجيّه، موضحة انّ زورقا عسكريّا “اسرائيليّا” متطوّرا إقترب من الشاطئ المذكور وأنزل عددا من عناصر الكوماندوس الذين مكثوا هناك لبعض الوقت،” دون تأكيد ما اذا كانت مهمّة هذه المجموعة محض استكشافيّة”-وفق اشارة الصحيفة.
المعلومات التي اثارت عاصفة من علامات الإستفهام سيّما انه تمّ تسريبها في هذا التوقيت بالذات، لم تُحسم صدقيّتها من عدمها، خصوصا انها نُشرت في ذروة التهويل المعادي على حزب الله وسلاحه.. الا انّ المؤكّد انّ الحزب سدّد في نفس الفترة المُفترضة على زورق الكوماندوس المزعوم، وبالصّوت والصّورة، خرقا أمنيّا في جدار المنظومة الأمنيّة والإستخباريّة “الإسرائيليّة”، عبر عرض مقاطع فيديو بثّتها قناة المنار تتضمّن مشاهد مصوّرة التقتطها طائرة مسيّرة تابعة لحزب الله، إخترقت اجواء الكيان “الإسرائيلي”، وجالت فوق قواعد عسكريّة بينها سرّية، قبل ان تعود ادراجها سالمة، دون ان يرصدها الجيش “الإسرائيلي”..
تل ابيب التي آثرت عدم التعليق على خرق حزب الله الأمني، وأحاطته كعادتها بتكتّم اعلامي مطبق، تلقّفت بالتأكيد “رسالة” الحزب ودلالاتها “الخطيرة” في هذه التوقيت تحديدا.. وبالتالي، وصلت الرسالة.
وفي حين يبدو الإستنفار والترقُّب على ضفّة المحور المعادي واضحا، بدءا باستمرار حال “رفع مستوى التأهُّب الأمني” الذي عمّمته تل ابيب الأسبوع الماضي على جميع بعثاتها الدبلوماسيّة في مختلف انحاء العالم خوفا من الإنتقام الإيراني على اغتيال محسن زادة، موصولا بتحذيرات عمّمتها ايضا على مواطنيها ومصالحها في الإمارات والبحرين وتركيا تحديدا، رفع الجيش “الإسرائيلي” التنسيق مع الجيش الأميركي الى الحدود القصوى، قبل ان ترفع واشنطن مستوى تأهُّب قوّاتها في المنطقة ” ترقُّبا لهجمات محتملة من قِبل ايران او فصائل متحالفة معها في العراق”-وفق ما ذكر موقع “بوليتيكو” الأميركي..
هذا قبل ان تتعرّض “اسرائيل” والولايات المتحدة يوم الأحد الفائت، لهجمات سيبرانيّة “عالية المستوى” طالت مراكز حكومية اميركية استدعت قطع مستشار الامن القوميّ الأميركيّ زيارته لأوروبا والعودة سريعا الى واشنطن، اعقبه اعلان وزير الحرب الأميركي بالوكالة كريستوفر ميلر اليوم، “انّ البنتاغون لا يزال منكبّا على تحديد حجم الخسائر بعد عمليّة القرصنة”.. امّا على ضفّة تل ابيب، فإنّ الهجمات السّيبرانية طالت ما لا يقلّ عن 40 شركة تموين”اسرائيليّة”، تغلغل بعضها ايضا في شركات تزوّد خدمات لوزارة الأمن!
ورغم التلميح الأميركي في توجيه اصابع الإتهام الى الرّوس بتلك الهجمات، والتي قابلتها تصريحات مسؤولين في موسكو بنفي اي علاقة بها..بدا لافتا تعقيب محلّلين وصحافيين اميركيين بينهم المحلّل السياسي جيمس بوفارد، الذي اعتبر ” انّ هذه الهجمات مجرّد لعب ايراني بأعصاب اعدائها قبل الإنتقام الجدّي، ” والذي سيتمّ على الأرجح “بتوقيت سليماني”- اي بحلول الذّكرى السنويّة الأولى على اغتياله!
وما بدا جاذبا للإنتباه في “توقيت” الهجمات السّيبرانية، انها نُفّذت عشيّة رسالة ناريّة اخرى عبرت على متن زورق مفخّخ لاستهداف ناقلة نفط في ميناء جدّة..ورغم “تجهيل” السعودية لمنفّذي العملية ونسبها الى مصدر “مجهول”.. الا انها باتت تدرك تماما قدرات حركة “انصار الله” اليمنيّة التسليحيّة والتكتيكية وتنفيذ العمليّة في هذا التوقيت الحسّاس.. وبالتالي وصلت الرسالة.
في مقابلة مع بوّابة Breaking defense، استبعد الخبير “الاسرائيلي” البارز في الشأن الإيراني عوزي ربيع، ان تفعل طهران ما تريده تل ابيب، اي بالتورّط بالرّد عبر هجوم صاروخي طالما انّ ترامب لا يزال في السلطة.. ورجّح ان يأتي الرّد من اليمن، عبر اقدام “الحوثيّين” على استهداف مركز الأبحاث النوويّة (المعروف بمفاعل ديمونا).. واعطى هذا الإحتمال “درجة عالية”.. واستدرك قائلا” رغم انّ المسافة بين البلدين كبيرة، الا انّ “الحوثيين” قادرون على شنّ هجوم على “اسرائيل”!
لربما يكون هذا الترجيح دقيقا في سياق خيارات طهران بالرد على اغتيال عالمها النووي.. وسبق لحركة “انصار الله” ان توعّدت “اسرائيل” بهجمات ضدّ منشآتها العسكرية الحساسة “عندما يصدر القرار عن القيادة”..وبالمقابل تدرك تل ابيب تماما ما وصلت اليه قدرات الحركة اليمنيّة الصاروخيّة.. حتى انّ ضبّاطا كبار في وكالة الإستخبارات الروسيّة، رجّحوا امتلاك الحركة صواريخ باليستية خُصّصت لضرب اهداف عسكريّة حسّاسة في الداخل “الإسرائيلي”، كما في الدول الخليجيّة المطبّعة!
واذا كان الحديث يدور هنا حول قدرات حركة “انصار الله” الصاروخيّة التي باتت تُربك الحلف المعادي..ماذا عن حزب الله وقدراته التي وصل اليها؟ والتي وصفها العقيد احتياط في الجيش “الإسرائيلي” ايلي بار-اون الثلاثاء، “بأنها اكبر من قدرة 95 بالمئة من جيوش العالم”!
فهل اقتربت احدى مفاجآت الحزب اذا ما اقدم الثنائي الأميركي -“الإسرائيلي” الى خطوة “متهوّرة” اخرى في الفترة المتبقية لدونالد ترامب في البيت الأبيض؟ وهل ستوجّه الأنظار قريبا نحو ميناء ايلات او مفاعل ديمونه- بحسب ما نقل مصدر في موقع “غلوبال ريسرش” الكندي عن مصادر استخباريّة وصفها ب”الدقيقة”؟
ام انّ المفاجأة ستكون بضرب “هدف اسرائيلي هام” في البحر الأحمر -وفق ما كشف المحلل السياسي الأميركي جيمس بوفارد؟ والذي لم يستبعد بدوره حدثا غير مسبوق في مفاعل ديمونا يستقطب اهتمام العالم في الفترة الإنتقالية الأميركية- بحسب اشارته.