لا يساورني أدنى شك بأن المملكة العربية السعودية هي عرابة الإتفاقات التي وقعت في الخامس عشر من الشهر الجاري في حديقة البيت الأبيض في واشنطن بين كل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين من جهة والكيان الاسرائيلي من جهة ثانية برعاية ترامب،كما كانت عرابة اول إتفاقية آذعان عقدها الرئيس المصري المقبور أنور السادات مع إسرائيل وهي إتفاقية كامب ديفيد.
فالسعودية التي تحظى بنفوذ كبير في الإمارات وتشاركها في حربها القذرة ضد الشعب اليمني الشقيق وتتشارك معها في عملبات تبييض الأموال الدولية و إستضافة الهاربين من وجه العدالة في بلدانهم بتهم تتعلق بالفساد وتلقي رشى مالية وآخرهم ملك اسبانيا السابق الفار “خوان كارلوس” وفي ذات الوقت تسيطر على وتحتل إمارة البحرين وتهيمن على قرارها السياسي، لها مصلحة قصوى بمساعدة اسرائيل في السيطرة الاقتصادية المباشرة على بلدان الخليج وإقامة تحالف عسكري مع بلدانه ضد إيران.
ولذلك فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يجد وهو يدافع عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد ان ظهرت قرائن مؤكدة على ضلوع الاخير في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتقطيع جثته في مقر القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية في الثاني من تشرين الثاني عام 2019 سوى القول أنه “لولا السعودية لكانت اسرائيل في ورطة حقيقية ولولاها لما قامت إسرائيل ولما بقيت موجودة”.(وسائل إعلام مختلفة 20/11/2019).
ومن يعود إلى التاريخ يعرف أن السعودية في عهد مؤسس الدولة السعودية الثالثة عبد العزيز آل سعود كانت شريكة
لبريطانيا في إقامة الوطن القومي اليهودي منذ إصدار الأخيرة لوعد بلفور،حيث أعلن الملك عبد العزيز آل سعود آنذاك عن تأييده إعطاء دولة لليهود المساكين في فلسطين مؤكداً انه سيبقى مع بريطانيا حتى قيام الساعة.
ولمن لا يعرف فإن السعودية هي التي مهدت للزيارة الخيانية التي قام بها الرئيس المصري للقدس عام 1977 ولتوقيع إتفاقات كامب ديفيد عام 1978 لأنها كانت شربكة مع امربكا وإسرائيل والمغرب والسادات في التخلص من جمال عبد الناصر في الثامن والعشرين من أيلول سبتمبر عام 1970.
وهي ايضاً التي هيأت ،للانهيارات التي حدثت في الثورة الفلسطينية وفي فصائل حركة التحرر العربية وفي أوساط النخب السياسية العربية من خلال اليورو دولار الذي استخدمته على نطاق واسع لشراء الذمم وكسب الولاءات وتخريب النفوس وبالتالي للإتفاقات الاخيرة التي وقعت في واشنطن في الخامس عشر من الجاري.
ومن الجدير ذكره هنا ايضاً أنه تبين بأن كافة المبادرات السياسية التي طرحتها المملكة العربية السعودية لحل القضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي وآخرها مبادرة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002 وأصبحت منذ ذلك الوقت تسمى بإسم “مبادرة السلام العربية “لم تكن في واقع لا سعودية ولا عربية بل صهيونية.
وهذا ما أكده الصحافي الصهيوني الامريكي توماس فريدمان لموقع “عمان” الإخباري في المقابلة التي أجريت معه في 25 شباط 2019 حين قال بالحرف الواحد لمراسل الموقع انه هو الذي صاغ مبادرة السلام العربية ولا يعرف شيئاً عن صفقة القرن.
في الختام لا أستبعد بأن تكون المملكة العربية السعودية هي إحدى الدول العربية الخمس التي ستنضم الي توقيع معاهدات سلام مع اسرائيل كما توقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الأربعاء الماضي في البيت الابيض.
فحكام السعودية لا يستطيعون سوى تلبية اوامره اللهم إلا إذا رأت الدولة العميقة في الولايات المتحدة الامريكية بان بقاء السعودية في المنطقة الرمادية، ولو لبعض الوقت، ضروري لاستمرار تأثيرها على التحكم بمفاعيل الاحداث الجارية.في المنطقة.