هذا هو رأي مجلة «فورين آفيرز» الأميركية : «الصين تلعب من أجل أن تقود العالم. أميركا تتعثر…» !
ميت رومني، المرشح السابق للرئاسة، اذ يستبعد اعادة الصينيين الى الغيبوبة من خلال الأفيون، مثلما فعل الانكليز في القرن التاسع عشر، قال «نحن دولة صغيرة قياساً على الصين». «الواشنطن بوست» كتبت «الجائحة قد تفضي الى تقهقر الموقع القيادي للولايات المتحدة. الصين تتصرف، في هذا الوقت، كما لو أن قيادة البشرية انتقلت اليها».
اذاً، التنين يلاعب الكرة الأرضية. ما فعلته الصين، على مدى نصف قرن، يكاد يكون اسطورياً. الاختراق الدراماتيكي للزمن. الكورونا كشف هشاشة الاستبلشمانت في أميركا. المظاهر الرومانية لم تجعل من دونالد ترامب يوليوس قيصر. ربما جعلت منه… غوار الطوشي!
ثمة جائحة من نوع آخر في سائر أرجاء الدنيا. اسئلة الاستفهام تتلاحق حول شكل العالم بعد الكورونا. اي نظام بديل سينشأ بعدما سقط النظام الأحادي الذي أعقب تفكك الأمبراطورية السوفياتية؟
ليس صحيحاً أنه نظام يالطا الذي أطلقه فرنكلين روزفلت وجوزف ستالين وونستون تشرشل في نهايات الحرب العالمية الثانية (شباط 1945 ).
آنذاك، وصف الزعيم السوفياتي رئيس الوزراء البريطاني بـ «الروح القدس»، على أنه الأقنوم الثالث في ذلك الثالوث.
ربما الأكثر اثارة ما يكتب، وما يقال، في أميركا. «لقد تعبنا من قيادة العالم، وعلينا ان نعطي الأولوية، لقضايانا، ولاحتياجاتنا، الداخلية. نحن الآن في حالة ضياع. دونالد ترامب لا يتقن ادارة المرحلة».
الباحث باري بافيل لاحظ كيف أن أكثرية سكان الأرض اعتمدت النموذج الصيني في ملازمة المنازل كعلاج فعال لترك الفايروس المميت يموت في الخواء.
التحول لن يكون تلقائياً، ومخملياً. توقعات بثورات، واضطرابات، وبتفاعلات سوسيولوجية تضغط على الديمقراطية. لكأننا في تلك العشية التي ظهر فيها أدولف هتلر. القارة العجوز وجدت نفسها وحيدة في مواجهة وباء يدق حتى الأبواب الملكية. الكل سألوا، بما يشبه الصراخ : أين أميركا ؟
الأميركيون يردون بعصبية على الذين «تناسوا انزال النورماندي، وقد أنقذهم من النازية». «لولا مشروع مارشال لكانت القارة العجوز لا تزال، حتى الآن، تراقص الحطام». كما لو أنها الحرب الباردة وقد اندلعت بين ضفتي الأطلسي، وان كان التنسيق بين الفرنسيين والأميركيين على قدم وساق للتوصل الى اللقاح الذي يقطع الطريق على «كوفيد ـ 19».
الوقت لا يزال مبكراً لتصور النظام البديل. كيف يمكن انزال الدولار عن العرش. الشبكة العنكبوتية باتت العصب اليومي لكل القطاعات. الجينز الذي ترتديه ايفانكا ترامب ترتديه ملكة اسبانيا مثلما ترتديه بائعة الخضار في أحد أسواق توغو. ماذا عن الروك اند رول، والهوت دوغ ؟ وماذا عن الكوكا كولا والمارلبورو؟
هذه ثقافة انتجها مجتمع تمازجت فيه كل حضارات، وكل أمزجة، وكل أدمغة، المعمورة. أي نموذج ثقافي يمكن أن يقدمه الصينيون؟
اذ يبدو العالم على باب تحولات كبرى، لا بد من السؤال التقليدي : أين العرب ؟ ثمة 500 مليون كائن على مساحة تتعدى الـ13 مليون كيلومتر مربع. غريب أن يكون وجودهم فولكلوري على الخريطة. ثروات هائلة وتذهب ادراج الرياح.
بعدما أجلت فرنسا جنودها من العراق، أي شرق أوسط اذا رحل الأميركيون؟ القبائل التي تدار بالريموت كونترول، وكما جرت العادة، تأكل بعضها البعض.
نبقى نراهن على نقطة ضوء، في هذه المتاهة اللامتناهية. خطوات ما في اتجاه اقفال الغرنيكا اليمنية. اذا نجحت المحاولة بعدما ظهر للجميع أنهم انما يحملون صخرة سيزيف، وأبرمت التسوية السياسية قد يذهب الدومينو الديبلوماسي الى كل الملفات الأخرى.
حيال تغيرات قد تفوق التصور، هل من سبيل للخروج من قاع الأمم، من قاع الأزمنة؟!
الديـــار اللبنانيـــة