الدكتور بهيج سكاكيني |
الالاف من العراقيين يتخذون من الشارع للتعبير عن احتجاجاتهم من نقص الخدمات من الكهرباء والماء وشحة البترول في بعض الاحيان والنقص الحاد في البنى التحتية بشكل عام. هذا بعد مرور اكثر من ما يقرب من خمسة عشر سنة على الغزو والاحتلال الامريكي للعراق ذرائع كاذبة وملفقة من قبل المخابرات البريطانية والامريكية حول إمتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل. عندما قامت القوات الامريكية عام 2003 بالغزو العسكري دمر العراق تدميرا كاملا ولم يعد له بنية تحتية تذكر وأعيد البلد الى العصر الحجري بعد ان كان من الدول الاكثر تقدما في المنطقة جميع المجالات العلمية والطبية والصناعات الثقيلة والعسكرية والزراعية والتعليمية والثقافية الى جانب التقدم التكنولوجي…الخ. هذا الى جانب تقديم الخدمات الصحية والتعليمية للجمهور العراقي مجانا وخدمات إجتماعية متميزة.
نهب العراق ونهبت ثرواته النفطية ومقدراته من قبل الشركات الامريكية على وجه الخصوص وتم تكبيله بعقود مجحفة لعشرات السنوات. وقام الموساد الاسرائيلي وغيره من المخابرات الغربية بإغتيال كوكبة من علمائه في العديد من المجالات العلمية والتقنية. وجيء “بالمعارضة” العراقية التي تربى معظمها على أيدي المخابرات الغربية الى بغداد على الدبابات الامريكية وشاركت هذه الفئة الطفيلية المتعطشة للسلطة بعمليات النهب لثروات البلد وعشش الفساد واستشرى في مؤسسات الدولة التي تم بناؤها من الصفر وبحسب المقاييس ومصالح الاحتلال الامريكي بعد تدمير وحل كل مؤسسات الدولة ومن ضمنها الجيش والتي كانت تعمل في عهد الرئيس صدام حسين تحت شعار القضاء على البعث وبقايا النظام.
وبالرغم من صرف عشرات مليارات الدولارات على شبكات الكهرباء والماء والطاقة التي دمرت بالكامل ما زال العراق وفي مدنه الرئيسية قبل قراه يشهد ويعاني من نقص حاد في هذه الخدمات الاساسية اليومية حيث لا تعمل الكهرباء في بعضها الا لساعات معدودة في اليوم وكأن العراق بلد متخلف وفقير يستجدي من البنك الدولي. العراق ليس بلدا فقيرا فعائداته من البترول تبلغ حاليا أكثر من 6 مليارات دولار شهريا وهي في تصاعد مستمر مع تصاعد الانتاج والمخطط له القفز من حوالي 3 ملايين برميل يوميا الى ما يقرب من 6.5 مليار برميل يوميا.
نعم مقاتلة داعش التي خلقها الاحتلال الامريكي للعراق قد انهك بعض مقدرات الدولة الى جانب نهب الشركات الامريكية المتعلقة بالصناعات النفطية والعسكرية و “اعادة” بناء البنية التحتية ولكن الفساد الاداري والمالي والسياسي ونظام المحاصصة الطائفية والمذهبية والعرقية التي اوجدها الاحتلال الامريكي والتي ضمنها في الدستور الذي فرض على العراقيين من قبل سلطات الاحتلال الامريكي يلعب دورا لا يقل اهمية او تاثير عن النهب الامريكي. ومن هنا نقول ان إقالة أو استقالة هذا الوزير او ذاك كما حصل مع وزير الكهرباء مؤخرا لن يكون لها اي تأثير يذكر فهذا هو سابع وزير كهرباء يقال على ما اظن بسبب الضغط الشعبي والفساد المستشري. وفي تصوري المتواضع فإن النظام في العراق يبحث عن كبش فداء لإلباسه المسؤولية للتقصير الحاصل للحفاظ على النظام الفاسد المهترىء.