هل يمكن أن نشهد إستخداما للأسلحة النووية في الحرب الروسية الأطلسية في أوكرانيا ؟…بقلم فوزي حساينية *

هل يمكن أن نشهد إستخداما للأسلحة النووية في الحرب الروسية الأطلسية في أوكرانيا ؟…بقلم فوزي حساينية *

منذ اندلاع الحرب الروسية الأطلسية في أوكرانيا برز سؤال أساسي ورهيب هل يمكن أن تلجأ روسيا لاستخدام السلاح النووي في طور من أطوار هذه الحرب ؟ وتجدد هذا السؤال بنفس القوة والرهبة مع التطورات الأخيرة- للحرب – خاصة بعد تزويد الغرب لأوكرانيا بأسلحة جديدة وحديثة ، واقتحام القوات الأوكرانية لأجزاء من مقاطعة كورسك الروسية ذات الموقع الإستراتيجي والرمزية الوطنية والتاريخية الكبيرة في الثقافة الوطنية الروسية،والواقع أنه لا أحد يملك الإجابة القاطعة على هذا السؤال، أي الإجابة التي تنفي أو تؤكد هل ستُستخدم أو لن تُستخدم الأسلحة النووية في هذه الحرب المستعرة منذ 24 فبراير سنة 2022 إلى اليوم.

إنما الأمر المؤكد هو أن العقيدة النووية الروسية المُعلنة على لسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الروس تبين بوضوح تام أنه إذا ما تطلب الأمر الدفاع عن روسيا فإنه سيجري استخدام كل الأسلحة المتاحة بما فيها الأسلحة النووية ، ومع ذلك نعود ونتساءل، هل يمكن أن تُستخدم الأسلحة النووية في الحرب الأوكرانية الروسية أو بالأحرى الحرب الروسية الأطلسية في أوكرانيا ؟ بين يدي هذا السؤال هناك حقيقة مؤكدة مؤداها أنه لم يحدث أبدا في تاريخ الإنسان منذ بدأ للإنسان تاريخ أن اخترع- الإنسان – سلاحا ما ولم يستخدمه، فكل أنواع الأسلحة التي اخترعها الإنسان عبر تاريخه جرى استخدامها بما فيها الأسلحة النووية بقدراتها التدميرية الهائلة كما حدث في شهر أوت سنة 1945 في مدينتي نغازاكي وهيروشيما اليابانيتين.

إذن لا يوجد سلاح اخترعه الإنسان ولم يستخدمه حتى القنبلة الهيدروجينية التي لم تستخدم بعد في الحروب لكن تمت تجربتها أي أن هذا السلاح جرى استخدامه بطريقة أخرى، وحقيقة ثانية يجب أن نأخذها بعين الاعتبار ونحن نحاول أن نجيب على سؤال استخدام الأسلحة النووية من عدمه في أحدث حرب تعيشها القارة الأوربية حاليا، وهي أن القوى النووية في العالم استطاعت تطوير أسلحة نووية تكتيكية أو موضعية ، بمعنى أسلحة يمكن استخدامها في ميدان محدود، ميدان المعركة أو قصف جانب معين من مدينة أو منطقة، المهم أسلحة موضعية تحقق الهدف ولا تحدث الدمار الهائل على طراز الدمار الذي أحدثته قنبلتي هيروشيما ونغازاكي.

وهناك حقيقة ثالثة مؤكدة مؤداها أنه وإن كانت الأسلحة النووية لم تُستخدم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية،إلا أن اليورانيوم المُنضب الذي يستخرج من المفاعلات النووية جرى استخدامه بشكل ثابت بالأدلة في العديد من الحروب خاصة تلك الحروب التي التي شنتها قوى الحضارة الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد العرب ومنها حرب الخليج 1991سنة ضد العراق، وحرب غزو واحتلال العراق سنة 2003 في هاتين الحربين تم استخدام مقادير هائلة من اليورانيوم المنضب في مختلف الأسلحة، ويقدرها الخبراء بما يعادل 250 قنبلة نووية، ولذلك يعرف العراق أنواعا خطيرة من الأمراض لا تزال تلاحق أبناء الشعب العراقي إلى الآن، كما هو الشأن مع التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية والتي دفع الكثير من الجزائريين ولا يزالون يدفعون ثمنها أمراضا خطيرة وبشعة دون أن ننسى بطبيعة الحال ما تسرب عن بعض التقارير الدولية المستقلة التي تضمنت وقائع صارخة عن استخدام الكيان الصهيوني اللقيط لأسلحة تتضمن اليورانيوم المنضب في حربه الابادية الوحشية على قطاع غزة المحاصر غربيا بمساعدة العديدة من الدول العربية المطبعة والمتحالفة مع الكيان الصهيوني، وإذا فالسلاح النووي حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية تم استخدامه بكيفية أو بأخرى خاصة ضدنا نحن العرب.

ويبقى السؤال الأساسي الذي افتتحنا به ، هل سنشهد استخداما معينا للسلاح النووي الإستراتيجي أو التكتيكي في الحرب الروسية الأطلسية المضطرمة على الأراضي الأوكرانية ؟ مرة أخرى لا أحد يملك أن يقدم إجابة قاطعة على هذا السؤال، لكن مما لا يقبل الجدل أن روسيا لن تسمح لنفسها أن تنهزم في هذه الحرب، رغم الإصرار الأمريكي الغربي على استنزافها ، ولذلك يبقى احتمال إستخدام الأسلحة النووية ولو التكتيكية منها احتمالا قائما بقوة. ومما يزيد هذا الاحتمال القائم قوة إلى قوته هو سعي القوى الغربية لإلحاق هزيمة كبرى أو إستراتيجية بروسيا تُحجم من نفوذها الدولي وقد تعصف بوحدتها كجمهورية فيدرالية مترامية الأطراف ومتعددة القوميات.

ويجب أن نلاحظ أيضا أن هناك فيما يبدو مساعي غربية حثيثة لدفع روسيا دفعا أو إجبارها على استخدام السلاح النووي في أوكرانيا بغرض تأليب العالم ضدها وتعزيز سياسة عزلها وجعلها قوة منبوذة ، وهي السياسة التي فشل فيها الغرب لغاية الآن، وما يكشف عن مساعي الغرب في الدفع بروسيا إلى استخدام أسلحتها النووية هو سياسة التدرج في استفزاز القيادة الروسية التي ينتهجها الغربيون من خلال تزويد أوكرانيا بالمزيد من الأسلحة الغربية المتطورة القادرة على أن تطال العمق الروسي وأن تستهدف بالتدمير البنية التحتية في العديد من المدن الروسية مع الإعلان عن ذلك بشكل متكرر على لسان كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين، إذ نتذكر أنه في بداية هذه الحرب كان المسؤولون الأمريكيون مثلا لا يفوتون فرصة للتأكيد على أن الولايات المتحدة الأمريكية تزود أوكرانيا بالسلاح للدفاع عن نفسها وليس لمهاجمة الأراضي الروسية، ولكن كل هذا تغير، وبات التأكيد العلني والمتكرر على أن لأوكرانيا الحق في استخدام الأسلحة الغربية المتطورة حتى في ضرب الأراضي الروسية، وحتى إن لم يكن تصريحا فبلسان الحال، وهو ماحدث فعلا عديد مرات وما سيحدث أيضا مادامت الحرب مستمرة ولها من يغذيها بسخاء، فضلا عن أن أوربا كما قيل حتى عندما لا تريد الحرب فإن الحرب تريدها.

وفي خضم هذا كله ينطرح السؤال المؤلم : ماذا عن العرب الذين لا يملكون أي نوع من أنواع الأسلحة النووية لا التكتيكية ولا الإستراتيجية وهو ما يجعلنا نقول : ويل للعرب من شر قد اقترب.

 

*  كاتب – واطار بقطاع الثقافة – من الجزائر.

 

 

 

 

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023
https://kejaksaan.org/ https://banjarmasinkota.com/ Nono4d Nono4d Situs Toto Nono4d https://cesnaturals.com/-/erek-erek https://purbalingga.pramukajateng.or.id/js/stoto/ https://kingsconsultancy.org/js/link-stoto/ https://icast.isas.or.id/2022/