الخميس , 26 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

واشنطن تفشل بتحقيق أهدافها السياسية في سوريامن خلال حرب الحصار والعقوبات…المهندس ميشيل كلاغاصي

على الرغم من الإدعاءات الأمريكية بإيمانها بالديمقراطية وبحقوق الإنسان , ومباهاتها بالقيم والمبادئ الأمريكية , إلا أن شهرتها ومكاسبها لم تتحقق إلاّ بفضل اّلاتها العسكرية والحروب التي تخوضها يومياً حول العالم , بفضل عديد قواعدها العسكرية وإنتشار قواتها على كامل مساحة الأرض مع بعض الإستثناءات هنا وهناك … وبات من المنصف أن يُطلق عليها “امبراطورية الحروب” …
لكنها ومن باب الإنصاف أيضاً , تلجأ أيضاً إلى أشكال لا نهائية من أنواع الحروب التي تبتكرها أدمغة أشرارها في الغرف السوداء لصنع القرار …. وليست العقوبات الإقتصادية التي كثر إعتمادها عليها خلال العقدين الماضيين , سوى إحدى أشكال الحروب , والتي لا تقل شأناً وضراوةً عن الحروب العسكرية , خصوصاً مع استخدامها المفرط بحق الدول والشعوب , وغالباً ما تلجأ إلى تلك العقوبات بشكل إستباقي أو بالتوازي مع حروبها العسكرية كما يحصل في سوريا.
وقد تصاعدت وتيرة حروبها الإقتصادية وعقوباتها بشكل كبير خلال سنوات حكم الرئيس باراك أوباما ، وسجلت رقماً غير مسبوق في عهد الرئيس دونالد ترامب , الذي شن حروباً إقتصادية وفرض مئات العقوبات المختلفة ضد عشرات الدول كسوريا تحديداً وكذلك إيران ، روسيا , الصين , فنزويلا ، كوريا الشمالية …إلخ , وضد عشرات الشركات والمؤسسات والشخصيات الإعتبارية والأفراد … وحتى الآن يتابع الرئيس جو بايدن إستثمار حصاد هذه الحروب , ويدعي نسف ما جاءت به إدارة ترامب وتصحيح المسار .
بات من الواضح , أن اختيار الولايات المتحدة شن الحروب الإقتصادية وفرض العقوبات , يشكل جوهر إستراتيجتها في إجبار الدول المستهدفة على الاستسلام , كما لو أنها رعايا متمردة يجب إخضاعها , دون إحترام سيادة تلك الدول واستقلالها وعضويتها في الأمم المتحدة.
فالحروب الإقتصادية والعقوبات الأمريكية تسببت في إفقار الدول وبهدر إمكاناتها , وبوفاة عشرات الآلاف من المدنيين , لا لذنبٍ ارتكبوه , إنما فقط تحت عنوان أنهم يحملون هوية هذه الدولة أو تلك … ، إن انتشار البؤس وإرتفاع عدد القتلى والضحايا على مرأى من الولايات المتحدة يؤكد بأنها تتعمد تدمير الحكومات , وبأنها تستطيع وتنجح بعيداً عن الحروب العسكرية بخنق وقتل شعوب الدول المتعنتة التي يرفض قادتها الإنصياع لإرادة واشنطن.
إن استراتيجية حصار وخنق الشعوب اقتصادياً , لا يعدو أكثر من محاولة لتقليب الشعوب على حكامها وتغيير أنظمتها السياسية من الداخل ، ويشكل هجوماً أمريكياً على تلك الشعوب قبل أن يستهدف الحكومات والأنظمة , وهذا بحد ذاته يعد عملاً عدائياً وحشياً ينسف كل إدعاء أمريكي للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان , ويدحض فلسفة المدافعين عن سياسة العقوبات على أنها “منخفضة التكلفة” و “بديل للحروب العسكرية” .
إن لجوء الإدارات الأمريكية المتعاقبة للحروب الإقتصادية ضد الدول أثبت فشله وعجزه عن تحقيق أياً من الأهداف السياسية التي سعت إليها تلك الإدارات في سوريا وغيرها , بالتوازي مع إنكشاف حقيقة النفاق الأمريكي ومدى مطاطية معايير تطبيق العقوبات ورفعها .
كذلك , أدت تلك العقوبات إلى نتائج عكسية وسلبية بالنسبة للولايات المتحدة , فقد اتجهت تلك الدول والشعوب نحو التكيف مع الحصار, والإعتماد على الذات والبحث عن الحلول وإبتكار أساليب جديدة لإستمرار نشاطها الإقتصادي والتجاري بعيداً عن العقوبات الأمريكية.
من المؤكد أن سياسة الحصار والعقوبات ضد الدول والشعوب هي حرب لا إنسانية وغير عادلة ، ولم يستطع الأمريكيون إثبات أنها بديلاً لتحقيق الإنتصار العسكري , في حين أنهم أثبتوا وحشيتهم وعدائيتهم لغير دول وشعوب , وبأنهم متخصصون بصناعة الفقر والتجويع والموت , وبأن الحصار والعقوبات الأمريكية ليست سوى نوعاً من القنابل والصواريخ التي تطال كل من يقف في وجههم , دفاعاً عن الأرض والسيادة والإستقلال.
اّن الأوان كي تتكاتف الدول والشعوب ضد سياسة الحصار والعقوبات الأمريكية , خصوصاً في سوريا والتي تتعرض منذ أكثر من عشر سنوات لحربٍ أمريكية متعددة الأشكال والأساليب , تبدأ بالحرب العسكرية ولا تنتهي بالحرب الإرهابية وبحروب الحصار والعقوبات وبأقسى مستويات الحرب الإقتصادية , ولم يعد كافياً رؤية بعض المتظاهرين هنا أو هناك حول العالم للمطالبة بوقف هذه الحروب اللا أخلاقية على الدولة والشعب السوري , وبات من المطلوب ضفر الجهود وخروج الملايين حول العالم للتظاهر ومواجهة الإستراتيجية الأمريكية وسياستها الخارجية العدائية تحت شعار ” أوقفوا حرب الحصار والعقوبات الإقتصادية على سوريا “.

شاهد أيضاً

72 ساعة لولادة الشيطان الجديد.. أمريكا بلا مساحيق التجميل…بقلم م. ميشال كلاغاصي

ساعات قليلة تفصل العالم عن متابعة الحدث الكبير, ألا وهو الإنتخابات الرئاسية الأمريكية, و”العرس الديمقراطي” …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024