مما لا شك فيه أن إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على استهداف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة فضلاً عن التحرشات الكلامية والاستفزازات العسكرية قد يدفع الصبر الاستراتيجي لطهران إلى حافة النفاد، لدرجة أن أي خطأ تقني في مياه الخليج التي تعج بالبوارج العسكرية الأمريكية قد يشعل شرارة حرب مدمرة لا يمكن لأحد التنبؤ بنتائجها.
إيران التي تدرك خطورة الحرب في المنطقة وعواقبها الكارثية على شعوبها تدرك أيضاً أن ما يستهدفها من حرب اقتصادية تطول أمن ورفاه شعبها لا تقل عن الحرب العسكرية التي قد تضطر لخوضها لكسر الحلقة المستعصية التي فرضتها واشنطن من خلال تنصّلها من الاتفاق النووي ومحاولتها فرض شروط جديدة تطول سيادة طهران وأمنها الاستراتيجي وقواها الدفاعية والردعية في وجه الكيان الصهيوني وحلفائه النافخين في نيران الحروب والفتن.
ما تعوّل عليه الجمهورية الإسلامية الإيرانية حتى اللحظة، وتتيح أمامه الفرصة تلو الأخرى تجنباً للوصول إلى ما تحدثنا عنه سابقاً هو الشريك الآخر في الاتفاق النووي «بريطانيا وفرنسا وألمانيا» لإيجاد صيغة مقبولة تضمن مصالح كل الأطراف، بما فيها إيران، وتجنب المنطقة مزيداً من التوترات وعدم الاستقرار.
الواضح حتى هذه اللحظة أن موقف الدول الأوروبية غير مشجّع، وأن المماطلة والتسويف وبيع الكلام هو الأمر الرائج من دون أي نتائج محسوسة أو ملموسة.
والدليل على ما نقوله هو تصريح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس خلال لقائه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي قال فيه: «إن الدول الأوروبية لا يمكنها تحقيق المعجزات».
تصريح ماس يدفع المراقب للسؤال: هل تحاول الدول الأوروبية الشريكة في الاتفاق النووي لعب دور الوساطة بين الولايات المتحدة المصرة على تعديل الاتفاق وفق رغبات «إسرائيل» وطهران المصرّة على بقائه كما هو؟ أم إنها خطوة للتنصّل منه أيضاً.. وهنا ستكون الكارثة؟!