عندما يلوح لك اسم زينب، تتحدّد وجهتك في شخصية واحدة، وينحصر تصوّرك في امرأة واحدة، مع أنّ اسم زينب عُرِفت به نساء كثيرات، رفعن من شأن هذا الإسم، وكان تقريبا على مرّ التاريخ، عنوان أنفة وعزّ، كزنوبيا ZENOBIOS ملكة تدمر(1)، وزوجتيْ نبيّنا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم زينب بنت خزيمة الملقّبة بأمّ المساكين(2)، وزينب بنت جحش ابنة عمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم (3)، لكنّ شخصيتنا التي أنا بصدد الحديث عنها، هي زينب بنت علي بن أبي طالب وفاطمة بنت محمد عليهم السلام(4)، هذه المرأة التي تركت للمسلمين مثلا من كل شيء لله فيه رضا، فكانت بحقّ عنوانا للإستقامة والعلم، ومعدنا للصبر، ولرباطة الجأش، ولقوّة التحمّل أمام الصائب التي عاشتها، ولم يخطئ أبدا من لقّبها بأمّ المصائب.
ماذا يعني إسم زينب؟
زينب اسم عربيّ، قبل أن يكون له نسبة أخرى، كما قيل بأنّ أصله يوناني، و قيل بأنه مكسيكي، قد عُرِف اسم زينب في الغرب، فسمّوا به بناتهم، استلهاما من نبتته المعروفة بالزّيْنب، وهي نبتة حسنة المنظر، طيّبة الرائحة، بصليّة الأصل معمّرة، من فصيلة الزنبقيات والنرجسيات، أزهارها جميلة بيضاء اللون، فوّاحة الرائحة، وبها سمّى كثير من العرب بناتهم ماضيا وحاضرا.
لم يذكر الحفاظ والمؤرخون وكتّاب السّير عن السيدة زينب، سوى شيء قليل من الروايات بشأنها، عندما كانت في كنف جدّها وأبويها، وازداد الأمر قتامة زمن معاوية وابنه يزيد الأمويين، ولم تظهر شخصيتها وتبرز بمواقفها الجليلة والعظيمة إلّا بعد أن انتهت موقعة عاشوراء، وأُخِذت سبيّة إلى الطاغيتين ابن زياد ويزيد، وكان لها موقفان عزيزان في مجلسيهما، برهنا على أنّها لبؤة من عرين أسد ضرغام، يهابه كل من يراه، ولا يجرؤ على الإقتراب منه ذو الشجاعة والبأس، فما بالك بالجبناء والسفهاء، كذلك كانت الحوراء زينب عليها السلام، ومن موقفيها الأوّل بالكوفة والثاني بدمشق، عبّرت عن مخزون علم ومنطق ليس متاحا، إلّا لمن جرت في عروقها دماء فصاحة وبلاغة وعلوم أبيها الإمام علي عليه السلام، رغم ما تلكّدها من ألم وحزن، على مصائبها المجتمعة عليها يوم عاشوراء.
عاشت السيدة زينب عليه السلام بين جدّ عظيم، أراد الله سبحانه أن يختم به سلسة رسله عليهم السلام، فكان خير جدّ لخير حفيدة، وهبها الله له ولأبويها علي وفاطمة عليهما السلام، وما كان الأوبان ليسبقا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتسميتها حين ولدت، فسمّاها هو زينب، وأكرم به من مُسمّي، لرائدة عظيمة من رائدات الإسلام وصالحة من صالحاته، فقد جاء في السيرة أنه لمّا ولدتها السيدة فاطمة عليها السلام، طلبت من زوجها الإمام علي عليه السلام أن يسميها، فقال: ما كنت لأسبق رسول الله بتسميتها. وكان في سفر له، فلما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسأله أمير المؤمنين أن يسميها، قال: ما كنت لأسبق ربي. فهبط جبرائيل يقرأ عليه السلام من الله الجليل، وقال له: سمّ هذه المولودة زينب، فقد اختار الله لها هذا الإسم(5). وقد عرّفوها بزينب الكبرى، لتمييزها عن بقية الزينبيّات، اللاتي حملن هذا الإسم حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وكان جبرئيل عليه السّلام، قد أخبر حبيبه المصطفى صلّى الله عليه وآله بأنّ هذه الوليدة سوف تعيش مصائب متتالية، ستُفجَع بجدّها رسول الله صلّى الله عليه وآله، وبأمّها فاطمة سيّدة النساء عليها السّلام، وبأبيها أمير المؤمنين عليه السّلام، وبأخيها الحسن المجتبى عليه السّلام سِبطِ رسول الله صلّى الله عليه وآله، ثمّ تُفجع بمصيبةٍ أعظمَ وأدهى، هي مصيبة قتل أخيها الحسين عليه السّلام سيّد شباب أهل الجنّة في أرض كربلاء.(6) ذلك الإعلام السابق الذي كان جبرئيل عليه السلام أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ولادة الإمام الحسين عليه السلام بمقتل ابنه في أرض الطفّ.
تربّت بين ثلاثة عظماء ربّانيين: النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ووالدها الإمام علي عليه السلام، ووالدتها السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، بضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومهجة قلبه، وريحانته في الدنيا والآخرة، فخرجت إلى مجتمعها الإسلامي في أرفع دين وأعظم خُلُق، وكانت مثالا للمرأة المسلمة القدوة الصالحة، لم تمهلها الأقدار لتنعم برفقة جدّها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ففُجعت فيه برحيله، وهي ابنة ستّ سنوات، مُدركة الخطب الفادح الذي ألمّ بأهل بيتها عليهم السلام.
من أمها فاطمة بنت محمد ص، فلا عجب في أن تكون عالمة عابدة فالذرية المصطفاة بعضها من بعض يرثون خصال الصلاح، من خلال أصولهم الطيبة الطاهرة، ومن أدبه ربه فاحسن تاديبه وعلمه فاحسن تعليمه فمن المؤكد أن من سيؤدّبهم بآدابه ويعلمهم من علمه ما يغنيهم عن بقية الخلق، لا تسبقوهم فتهلكوا ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.
بضعة من خصال محمد وبضعة من خصال علي وبضعة من خصال فاطمة اجتمعت بفضل الله ورحمته على صفوته من أهل بيت نبيه الأكرم، لتكون شخصية زينب الكبرى ولولا كربلاء لما عرفنا حقيقتها ومخزونها الإيماني، فكربلاء التي فضحت بني أمية وكشفت لنا أن الدين الإسلامي لا أثر له في نفوسهم، ركبوا رقاب المسلمين فقط ليتأمروا عليهم كما كانوا في الجاهلية.
ولدت عقيلة الهاشميين، في 6 جمادى الأولى سنة 5 من الهجرة النبوية المباركة(7)، فعاشت بين أكناف رعايته وحبّه خمس سنوات، من ظلال الرحمة تكتنفها العناية الإلهية، ولم يدُمْ بها ذلك الحال سوى يسيرا مضى كأنّه الحُلْمُ، ففُجِعت بجدّها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، يغادر بيت صفوة الله إلى الرفيق الأعلى، كانت خلاف الأولاد في سنّها، مهيّأة من طرف أمّها الزهراء عليها السلام، لتحمّل المصائب المتتابعة عليها وعلى أهل بيتها، وعاودها الحزن سريعا، فلم يُمهل قلبها الصغير، أن جاءها بفاجعة فقْدِ أمّها السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، بعد خمس سبعين يوما، كانت فترة ما بين رحيل جدّها والتحاق أمّها بأبيها، فكانت أول الناس لحوقا به، كما بشّرها بذلك قبل موته ففرحت ببشارته.
في خير بيتِ فضْلٍ نشأتْ، هو عند الله أعلى البيوت مكانة وقيمة، بيت تأسّس على تقواه وطاعته، التي لا تقاس بسيرة عابد غير سكّانه الكُمّل، مهما بلغ شأوه في عبادته، بيت أذِن الله أن تُرْفع مقاماتها وتخرج عناصره للناس، كواكب دُرّية من شجرة هاشمية مباركة، شاء الله أن يكونوا هداة للعالمين، وأئمة للمؤمنين، وقادة لهم إلى صراطه المستقيم، بسيرتهم المتطابقة مع أوامره ونواهيه، فلم يخالفوه في شيء يتعارض مع أحكامه، وأجهدوا أنفسهم في إرضائه، فبلغوا في ذلك مبلغا كبيرا، انفردوا بريادته والتميّز فيه، فكانوا بحقّ خير من استودعهم مواثيقه وعلومه، وأنجب من حمّلهم معارفه لسائر خلقه، لتكون لهم مستمسكات نجاة في الدنيا، ووسيلة قرب من رحمة الله في الآخرة.
طبيعي أن تكون السيدة زينب عليها السلام قريبة من سيرة أمّها الزهراء عليها السلام، عابدة بيقين عرفانها، متهجّدة بيقين إخلاصها، حتى أنّها كأخيها الامام الحسين عليه السلام، لم تترك عبادتها ليلا ونهارا في أعسر الظروف، ومن كانت الملائكة زوار أمّها سيدة نساء العالمين عليها السلام، فحتما لها حصّتها من ذلك اللطف الإلهي، فقط ما أردت إيصاله للقارئ هنا، هذا اليقين بالله سبحانه الذي صبغ حياة السيدة زينب عليها السلام، فقد جاء عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام قولها: (.. وأمّا عمتي زينب فإنها لم تزل قائمة في تلك الليلة – أي العاشرة من المحرّم – في محرابها، تستغيث إلى ربها، فما هدأت لنا عين، ولا سكنت لنا رنّة.) (8)
عبادة العقيلة زينب عليها السلام كانت زينب عليها السلام في عبادتها ثانية أمها الزهراء عليها السلام وكانت تقضي عامة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن. قال بعض ذوي الفضل: إنّها صلوات الله عليها ما تركت تهجدها لله تعالى طول دهرها، حتى ليلة الحادي عشر من المحرم. وروى عن زين العابدين عليه السلام أنه قال: رأيتها تلك الليلة تصلي من جلوس. وعن الامام علي بن الحسين السجاد عليه السلام أنه قال: إن عمتي زينب عليها السلام مع تلك المصائب والمحن النازلة بها في طريقنا إلى الشام ما تركت نوافلها الليلية. (9)
وروي عن الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام إنّه قال: إنّ عمّتي زينب كانت تؤدّي صلواتها من قيام ـ الفرائض والنوافل ـ عند سير القوم بنا من الكوفة إلى الشام، وفي بعض المنازل كانت تصلّي من جلوس، فسألتها عن سبب ذلك، فقالت: أصلّي من جلوس لشدّة الجوع والضعف منذ ثلاث ليال؛ لأنّها كانت تُقسّم ما يُصيبها من الطعام على الأطفال، لأنّ القوم كانوا يدفعون لكلّ واحد منّا رغيفاً واحداً من الخبز في اليوم والليلة (10).
هذا البيت هو بيت علي وفاطمة عليهما السلام، وما أدراك ما علي وفاطمة ؟
بيت جمع بداخله خير خلق الله بعد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، صفوةٌ من صفوةٍ، بدأت من أبي الأنبياء آدم عليه السلام، وانتهت إلى خاتمهم النبي أبي القاسم المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهو الذي أشار إلى هذا البيت، بعدما بناه بزواج أراده الله سبحانه، واستبشر به أهل السماوات قبل أهل الأرض، فزواج النور العلوي من النور الفاطمي، أعطى ثمار هداية العالمين، بولادة الإمامين الحسن المجتبى عليه السلام، والحسين سيد الشهداء عليه السلام، سبطي الرّحمة وإمامي الهدى، وسيدي شباب أهل الجنّة، وزينب الكبرى، حوراء وعقيلة الهاشميين عليها السلام، ومحسن الذي أسقطته أيدي الغدر بالبيت النبوي، عندما داهمته عصابة المتآمرين على الولي الأكبر الإمام علي عليه السلام، بعد أحداث سقيفة بني ساعدة، وما آلت إليه من صرف الحكومة عن صاحبها الأولى بها، والمنصوص عليه بشأنها، فكانت نتيجة ذلك العدوان إصابة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في بطنها، فأجهضت بوليدها، وكأنّي بهؤلاء المهاجمين فهموا من شعيرة مودّة قربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الإعتداء عليهم بدل محبّتهم وتوقيرهم وتقديمهم، فاعتلت من جراء ذلك، وقضت نحبها ملتحقة بأبيها سريعا.
كبرت زينب في بيت أبيها علي عليه السلام، وبين أخويها الحسن والحسين عليهم السلام، ولما بلغت سن الزواج، تقدّم لها العديد من الشبّان الأكفّاء، لكن الامام علي عليه السلام رضيها لابن عمها عبد الله بن جعفر زوجة، وكان سيدا سبّاقا إلى المكارم حتى لُقّب ببحر الجود،(11) بل لقد ذهب من ذهب الى القول بأنه ليس في الإسلام من هو أسخى منه (12) فأنجبت له العباس وعلي وعونا ومحمّدا وأمّ كلثوم، أمّا عون ومحمد فقد رافقا أمهما، مع خالهما الإمام الحسين عليه السلام، في مسيرته العظيمة إلى العراق، واستشهدا دونه، في مشهد من أمّهما في ذلك اليوم الحزين، ولم تكن زينب عليه السلام لتتأخر في مرافقه أخيها، وهي تعلم يقينا من مدرسة البيت الطاهر المُلْهم أهله، بما سيجري عليها من مصائب في هجرتها تلك، وهي أعظم هجرة وقعت على صالح من الصالحين على مرّ التاريخ.
وتتابعت المصائب على قلب زينب عليها السلام، وهي التي تعوّدت على ذلك، فربطت عليه برباط الصّبر والسّلوى، فالدنيا عندها مجاز إلى الآخرة، فلا معنى لها أكثر من ذلك، والآخرة في عرْف صفوة الله وأولياؤه هي دار القرار، وأن في ذلك اليوم يلتقي المظلوم مع ظالمه، فيقتصّ الله له منه، ويوم المظلوم على الظالم أشدّ من يوم الظالم على المظلوم.
وبلغها عملية الغدر التي تعرّض لها أبوها في محراب الكوفة، فجر يوم حزين 19 من شهر رمضان سنة 40، فبادرت إليه حزينة ملهوفة متألمة لما حصل له، فلازمته وهي تدرك أنه مفارق ملازمة الراضي بقضاء الله وقدره، وبعد ليلتين في 21 رمضان غادرها بدوره شهيدا، مضرجا بدماء هامته الشريفة، ولم يكن ذلك الفقد بالأمر الهيّن عليها، خصوصا وهي ترى كلّ يوم تنمّر أهل الكوفة، وتخاذلهم عن مؤازرة أبيها، وشكواه المتكرّرة التي كان يعلنها أمام جموعهم في المسجد وفي رحبة الكوفة، خلال السنوات الخمس التي قضَتها السيدة زينب في عاصمة الدولة الإسلامية، كان دورها الطّوعي متمثل في توعية النساء، وتعليمهن أحكام دينهنّ، من خلال تفسير القرآن الكريم، الذي كانت تلقي دروسه عليهن (13) ثم لم تلبث أن فُجِعت بأخيها الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، فقتل مسموما على يدي زوجته جعدة بنت الأشعث، بعد أن أغراها معاوية بالمال والزواج من ابنه يزيد، فوفّى لها المال ورفض أن يزوجها يزيدا. (14).
بعد شهادة الإمام الحسن عليه السلام، وهو رابع أصحاب الكساء، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، لم يبقى لها من بعده سوى الإمام الحسين عليه السلام، فكانت أقرب أهل بيته إليه، تترقبه بفارغ الصبر إذا غاب متلهّفة للقائه واحتضانه، سلوها الباقية من أهلها الماضين، فكانت دائمة الزيارة له، لم تتخلّف عنه أبدا، وكأنّي بها صاحبة تنفيذ وصيّة أبيها الإمام علي عليه السلام، في الالتزام الكامل بأخيها الإمام الحسين عليه السلام.
لما قرّر أخوها الإمام الحسين عليه السلام، الإستجابة لرسائل أهل الكوفة بالقدوم إليهم، وقد وُضِع بين خيارين كلاهما مُرّ، البقاء بالمدينة، وقد بدأ الوالي الأموي الوليد بن عقبة في مطالبته بالبيعة ليزيد الفاسق، ولا سبيل له بالبقاء إنْ امتنع، فمطلب يزيد بن معاوية بالتشديد عليه بات مؤكّدا، وموقف رفض الإمام الحسين البيعة ليزيد، كان أعلن عنها بنفسه: (إنّا أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا ختم ويزيد فاسق فاجر شارب المخمور وقاتل للنفوس المحترمة ومستحلّ لجميع الحرمات ومثلي لا يبايع مثله)(15)، جهّز الإمام الحسين عليه السلام ركْبَه سرّا، وخرج ليلا، قاصدا مكّة بتاريخ 28 رجب سنة 60 هجرية، ولم يكن لزينب سوى الذهاب معه، مدركة أنّها تفعل ذلك اقتناصا لأيام رفقته الباقية، والتحق بها ابناها عون ومحمد.
كانت زينب عليه السلام تعلم يقينا أنها مرافقة أخاها في رحلته الأخيرة، ومنها سيعرج إلى رحاب خالقه، حيث سيجمعه مع آبائه وأمّهاته الكرام البررة، فلم تفارقه بعينيها كلما لاح لها شخصه، متزوّدة منه لبقية عمرها بعده، وفي كربلاء بدأت مسيرتها الجهادية مع أخيها وأهل بيتها وصحبه، ويوم عاشوراء بدأت مصيبتها تتعاظم، ومع ذلك فقد أظهرت من الصبر والتجلّد، ما أذهل كل من قرأ أحداث يوم عاشوراء من سنة 61 هجرية في كربلاء، وهل هناك ذِبح عظيم أعظم من الإمام الحسين عليه السلام، ليفتدي به الله إسماعيل عليه السلام؟ قرابين تتالى الواحد تلو الآخر، تسابقت بلا تردّد، وبرزت أمام جموع تُعَدّ بعشرات الآلاف، فلم ترهب وأقدمت على الموت مؤمنة بأن ما عند الله خير وأنّ وعده حق وصدق، فقضت على صعيد كربلاء مضرّجة بدمائها محزوزة الرؤوس، وزينب عليه السلام على مشهد قريب من كل ذلك، سلاحها الوحيد الصبر الكبير الذي تحلّت به، وياله من صبر لا نضير له، ترى فيه امرأة أخويها، وأبناء اخويها، ونجباء الهاشميين، وخير أصحاب عرفهم التاريخ، أثروا البقاء معه والمضيّ الى قضاء الله وقدره محتسبين ذلك نصرة لمولاهم وصاحبهم، يستقبلون الموت برضا وسعادة، بعدما رفضوا الانفصال عنه، واصرّوا على الموت دونه، هناك قام الحسين عليه السلام خطيبا في أصحابه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ( إنه قد نزل من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه حقا، فاني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برَمًا.) (16)
بمرافقة أخيها الامام الحسين عليه السلام، كانت زينب عليها السلام قد هيّأت نفسها لآخر المصائب، وهي التي ستكون مجتمعة في أرض الطفّ، بمقتل خير صفوة بقيت، وكانت تلك الحادثة المفَطّرة للقلوب المؤمنة، قاصمة الظهر لها، وهي بالتأكيد لم تحزن على ابنيها عون ومحمد مثل حزنها على أخيها الحسين والعباس، بل قد تكون انشغلت عن ابنيها بما سيؤول إليه أمر السبايا من النساء والأطفال وهي بينهم، ودورها القيادي والمؤثر بدأ من هناك، وهو الحمل الأثقل الذي ورثته من كربلاء، لكنّها أدّته وقامت به أحسن قيام.
عندما نقول أنّ زينب هي بطلة كربلاء، فمعناها أنّها حمَلت الجانب المعنوي، وآثاره القويّة والعميقة والمؤثرة في الأنفس، فلا يعني الجانب الماديّ في رعاية من بقي حيّا من كربلاء شيئا أمام مواقفها التي أظهرتها في مجلسي ابن زياد بالكوفة ويزيد بدمشق، هناك بانت شخصيّة زينب عليها السلام التي كانت لا يسمع لها الغريب صورة ولا صوتا، يكفي من اشترك في قتل الأبرار من أهل بيت النبوة جُرما سبيهم نساء طُهْرٍ، حجبن أنفسهنّ طاعة لله، وعزوفا عن الدنيا ومخالطة من فيها، وأذكر هنا مثالا عنها أنها إذا أرادت الخروج لزيارة قبر جدّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج معها أبوها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأخواها الحسنان، الحسن (عليه السلام) عن يمينها، والحسين (عليه السلام) عن شمالها، ويبادر الإمام أمير المؤمنين إلى إخماد ضوء القناديل التي على المرقد المعظّم، فسأله الإمام الحسن عن ذلك، فقال له: «أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك الحوراء.(17) وقال يحي المازني: «كنت في جوار أمير المؤمنين عليه السلام في المدينة مدّة مديدة، وبالقرب من البيت الذي تسكنه ابنته زينب، فلا والله ما رأيت لها شخصاً، ولا سمعت لها صوتاً) (18)
بِضْعةٌ من عليّ عليه السلام
بعد شخوصها إلى مجلس اللعين ابن زياد، كان عليها أن تسجّل موقفا يخزي الطاغية، ويفنّد دعوى أميره الفاسق يزيد، ويظهر حقوق الامام الحسين عليه السلام وأهل بيته، فقالت:
(الحمد لله والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار، أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر، أتبكون فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم، ألا وهل فيكم إلا الصّلف(19) والنطف(20)، والعجب والكذب والشنف(21)، وملق الإماء(22)، وغمز الأعداء(23)، أو كمرعى على دمنة، أو كقصة على ملحودة، ألا بئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون.
أتبكون وتنتحبون، أي والله فأبكوا كثيراً، واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وأنى ترحضون، قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة ومدرّة حجتكم، ومنار محجتكم، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم. وسيد شباب أهل الجنة ألا ساء ما تزرون، فتعساً ونكساً وبعداً لكم وسحقاً، فلقد خاب السعي، وتبّت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله ورسوله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة، ويلكم يا أهل الكوفة، أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي دم له سفكتم؟ وأي حرمة له انتهكتم؟
لقد جئتم شيئاً إداً، تكاد السماوات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، وتخر الجبال هدّاً، ولقد أتيتم بها خرقاء، شوهاء كطلاع الأرض، وملء السماء، أفعجبتم إن مطرت السماء دماً، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون، فلا يستخفنكم المهل، فانه لا يحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثأر، وإن ربكم لبالمرصاد) فقال لها الإمام السجاد (عليه السلام): (اسكتي يا عمة، فأنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة)
وقال من شهد خطبتها ومدى تأثر الناس بها: «فو الله لقد رأيت الناس- يومئذ- حَيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلّت لحيته، وهو يقول: بأبي أنتم وأمي!! كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبزى.( 24)
عقيلة بني هاشم في مجلس الطاغية يزيد
وفي مجلس الطاغية يزيد بن معاوية لعنهما الله، كان لها موقف آخر، لا يقلّ شأنا عن موقفها الأول في مجلس ابن زياد، فقد وقفت وقفة عزّ كوقفة أبيها علي عليه السلام، وأخويها الحسن والحسين عليهم السلام، بعدما شهدت يزيدا ينكت ثنايا رأس أخيها الحسين، فاستفزّها المشهد ولم تتمالك أن وقفت متحدّية يزيدا رادّة عليه حركته الخبيثة، وما قد سيؤول إليه كلامها من نتيجة، فما الذي يمكن أن يفعله يزيد أكثر مما فعله غير القتل، والقتل عند زينب عليها السلام وأهل بيتها الطاهرين عادة، وكرامتهم من الله الشهادة.
يوما قالت مقالتها التي سجّلها التأريخ بأحرف من نور، برهنت فيه على شخصيّة فذّة، قليل مثيلها في التاريخ الإنساني كلّه، فمنبتها الذي خرجت منه منبت طُهْرٍ وعفّة وعلم ومنطق وأخلاق، إذا قارنت كلامها بكلام أمّها وأبيها، وجدته من معدن مسبوك واحد، ألفاظا وشواهد وبيانا، يعضد بعضه بعضا، لا يختلف بشيء في استدلالاته، كأنّما قائله واحد وليس ثلاثة أشخاص، ما ينبئك بأن سيد هذا البيت الطاهر ويؤكّد مجدّدا بأنه باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مصداق قوله: (أنا مدينة العلم وعلي بابها من أراد المندية فليأتي الباب) (25)، ولم تشذّ السيدة زينب عليها السلام عن صفة من صفات هذا البيت.
لم يكن كلامها موجّها إلى يزيد ولا إلى ابن زياد، عند ما حملت الى مجلسه بالكوفة، بل كان إقامة حجّة وبرهان على الملأ الحاضرين في كلا المجلسين، فآخر همّها أن تخاطب يزيدا كشخص، وهو أقل شأنا من أن توليه اهتماما، يومها قالت فأبلغت وتمنطقت فاحتجّت، وعبّرت فأثّرت بكلماتها الدالّات من سمعها، قالت مستفّزّة ولم تتكلم إلا مكرهة:
(الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله وآله أجمعين، صدق الله سبحانه حيث يقول: «ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون» أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الارض وآفاق السماء، فاصبحنا نساق كما تساق الأسراء، أنّ بنا هواناً على الله وبك عليه كرامة، وأن ذلك لعِظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، تضرب أصدريك فرحاً، وتنفض مذوريك مرحاً، جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، وفمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالى: «وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهُمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ»
أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد الى بلد، ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدّني والشريف، ليس معهن من حماتهن حمي، ولا من رجالهن ولي، وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت، من نظر إلينا بالشنف والشنأن، والإحن والأضغان، ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم:
لأهلوا واستهلوا فرحاً ثم قالوا يا يزيد لا تشل
منحنياً على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة، تنكتها بمخصرتك، وكيف لا تقول ذلك، وقد نكأت القُرحة، واستأصلت الشأفة، بإراقتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم ونجوم الأرض من آل عبد المطلب، وتهتف بأشياخك، زعمت أنك تناديهم، فلتردن وشيكاً موردهم، ولتودّنّ أنك شللت وبكمت، ولم تكن قلت ما قلت، وفعلت ما فعلت. اللهم خذ لنا بحقنا، وانتقم ممن ظلمنا، وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا، وقتل حماتنا، فوالله ما فريت إلا جلدك، ولا حززت إلا لحمك، ولتردنّ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، حيث يجمع الله شملهم، ويلمّ شعثهم، يأخذ بحقهم «وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» وحسبك بالله حاكماً، وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلاً، وأيكم شر مكاناً، وأضعف جنداً، ولئن جرت عليّ الدّواهي مخاطبتك، إني لأستصغر قدرك، واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى.
ألا فالعجب كل العجب، لقتل حزب الله النجباء، بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل، وتعفرها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنما، لتجدنا وشيكاً مغرماً، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك، وما ربك بظلام للعبيد، وإلى الله المشتكى وعليه المعول، فكدْ كيدك، وأسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين، والحمد لله رب العالمين، الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يُكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود، وحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ»
(26)
ولأنّ المصيبة كبيرة قد هدّت قلب زينب عليه السلام رغم صبرها وتجلّدها، لذلك لم تعِش بعد كربلاء وأحداثها المفزعة سوى أشهر معدودة، فلبّت روحها الطاهرة المحزونة نداء ربّها، في 15 رجب سنة 62 هجرية، حاملة معها تاريخا مليئا بالآلام والأحزان والمصائب، وحادثة من أشد الحوادث مأسويّة في التاريخ الإسلامي.
أين توفيت ودفنت عقيلة بني هاشم؟
لم يكن هناك أسوأ على بني أميّة وأشدّ وطأة من بقاء السيدة زينب عليها السلام في مدينة جدّها، فكان الأمر التعسّفي باخراجها منها لتكون بعيدة عن التأثير في سكانها، فلا تحدث بحضورها زيادة في نقمة الناس من حكم يزيد الفاسق، وكان مستقرّها في بستان زوجها عبد الله بن جعفر بضواحي دمشق أين قضت بقية أيام عمرها، ولئن تضاربت الأقوال في تاريخ ومكان دفنها، فمنهم من قال أنها توفيت سنة 64 من الهجرة النبوية المباركة، ودفنت في القاهرة، ومنهم من قال أنها دفنت في البقيع، وهي أقوال بلا دليل منطقي يسندها، والصحيح أنها ماتت في 15 رجب من سنة 62 هجرية، ودفنت في بستان زوجها عبد الله بن جعفر، ومزارها المعروف الآن بريف دمشق، والمنطقة المسماة باسمها عليها السلام، أما التي هي مدفونة بالقاهرة، فهي ليست زينب بنت علي وفاطمة عليهما السلام بكل تأكيد، وليس هناك ما يدعو إلى ذهابها بمحض إرادتها، أو إرسالها قسرا من طرف بني اميّة إلى مصر أبدا، وأستبعد أن يقوم الفاطميون بنقل رفاة عقيلة بني هاشم من مكانها بدمشق إلى القاهرة، فذلك عمل ليس من طبائعهم.
المراجع
1 – زينب (إسم) https://ar.wikipedia.org/wiki/
2 – زينب بنت خزيمة https://ar.wikishia.net/view/
3 – زينب بنت جحش https://ar.wikishia.net/view/
4 – السيدة زينب بنت علي https://ar.wikishia.net/view/
5 –زينب الكبرى من المهد إلى اللحد القزويني ص561 / السيدة زينب بطلة التاريخ باقر شريف القرشي ص298
6 – تراجم أعلام النساء للأعلمي ج2 ص 165 ـ 166
7 – إمتاع الأسماع المقريزي ج5 ص375 / أسد الغابة ابن الأثير ج3ص134
8 – ليلة عاشوراء في الحديث والأدب الشيخ عبد الله الحسن ص 65/
9 – زينب الكبرى الشيخ جعفر النقدي ص 63و62
10 – العقيلة والفواطم حسين الشاكري ص 61.
11 – الاستيعاب في معرفة الأصحاب ابن عبد البر ج3ص881
12 – الاستيعاب ابن عبد البرّ ج3ص882
13 – زينب الكبرى الشيخ جعفر النقدي ص 34
14 – شرح نهج البلاغة ابن ابي الحديد ج 16ص11
15 – بحار الأنوار العلامة المجلسي ج 44 ص 325
16 – بحار الأنوار العلامة المجلسي ج 44ص381
17 – وفيّات الأئمة ص 436/ حياة السيدة زينب السيد عبد الحسين دستغيب ص 19/
18 – أعلام النساء في القرآن والحديث أحمد بهشتي ص51
19 – الصّلف: المتكبّر البغيض
20 – العجب: الزهور والغرور
21 – الشنف: المعرض البغيض
22 – ملق الإماء: كتذلل الإماء
23- غمز الأعداء: سعيهم بالشرّ
24 – اللهوف السيد بن طاووس ص 179/ بحار الأنوار محمّد باقر المجلسي ج 45 ص 110
25 – المستدرك على الصحيحين الحاكم النيسابوري ج3ص 226
26 – العوالم الإمام الحسين (ع) الشيخ عبد الله البحراني ص378/ بلاغات النساء أحمد بن طيفور ص35/ مقتل الحسين الخوارزمي ج2ص64/ أعلام النساء محمد رضا كحالة ج2ص 504/ بلاغات النساء ابن طيفور ص70/73