الأربعاء , 18 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

ويتّخذ منكم شهداء (1)…بقلم محمد الرصافي المقداد

في أسرة دينية علمية، يعود نسبه إلى النسل المحمدي الشريف ولد السيد إبراهيم رئيسي في 14 كانون الأول/ديسمبر 1960(2) في مدينة مشهد الإيرانية شمال شرق إيران، تلقى السيّد علومه الدينية وهو في سن 15 سنة، بما يعني أنّه دخل الحوزة العلمية بقم المقدسة، قبل اندلاع الثورة الإسلامية بأربع سنوات، وتلقى علومه على أيدي علماء كبار من أمثال (أية الله مشكيني)، و(آية الله نوري همداني) و(آية الله لنكراني) رضوان الله عليهم، واكمل دروسه في البحث الخارج  – وهي أعلى درجات التحصيل العلمي بالحوزة العلمية، عند السيد القائد الإمام (علي الخامنئي)دام ظلّه وعدد آخر من العلماء، حصل على الماجستير في الحقوق الدولية ودرجة الدكتوراه في فرع الفقه والمبادئ قسم الحقوق الخاصّة.

عُيّن مدّعيا عاما تقلّد مناصب قضائية عديدة منذ سنة 1980 وآخر منصب قضائي شغله كان مدّعيا عاما للجمهورية الإسلامية الإيرانية سنة 2015 وفي سنة 2016 عيّنه السيد القائد الخامنئي رئيسا لمؤسسة العتبة الرّضوية، وهي مؤسسة عظيمة متعددة الأنشطة الدينية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية، وشرف عظيم يناله أهل الدين والايمان في ايران، وليس من السّهل أن يقع اختيار رجل لهذه الوظيفة، من دون أن يكون له مواصفات وتاريخ منطبقين عليه، ليكون أهلا لإدارة المشهد الرّضوي بما فيه من ملحقات عديدة، يتمنى كل مؤمن أن يكون ضمنها ولو تطوّعا، وتعتبر المؤسسة الرّضويّة كيانا مستقلّا، يحظى بمكانة مرموقة وخاصة لدى الولي الفقيه والحكومة الإيرانية والشعب الإيراني.

نال السيد رئيسي شرف إدارة هذه المؤسسة المتميّزة والفريدة من نوعها، كان في إدارتها طيلة ثلاث سنوات، وهي التي أظهرت كفاءته الإدارية، وبيّنت قدرته على تسيير مؤسسة دينية متنوعة النشاطات، ومتعددة الفروع والتخصصات، عيّنه الامام القائد الخامنئي سنة 2019  رئيسا للسطلة القضائية، وهي أعلى سلطة مشرفة على الدوائر القضائية في ايران، انتخب رئيسا للجمهورية في ايران سنة 2021 ليصبح ثامن رئيس للبلاد بعد  انتصار الثورة الإسلامية، وكان له في منصبه هذا دور كبير في تحقيق نجاحات ايران السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وقد استشهد يوم أمس 19/5/2024 اثناء أداء مهامه التفقدية والرقابية شرق أذربيجان بعد سقوط المروحية التي أقلّته مع وزير خارجيته، حسين أمير عبد اللهيان، وإمام جمعة تبريز السيد محمد علي آل هاشم، والدكتور مالك رحمتي، وسردار سيد مهدي موسوي، تقبّلهم الله شهداء أبرار، ورضي عنهم جميعا.

ليس غريبا على إيران أن تفقد رجالا من طينة كبار أهلها، فقد شهد لها التاريخ قديما وحديثا، أنها بلد مِعْطاء بطواعية وبطيب خاطر، فدائيون أهله منذ أن عرفوا الإسلام وقيمه، خدّام متطوّعون لأجل إعلاء كلمته، لذلك سجل التاريخ لهم أفضلية لم ينافسهم عليها أحد، فتفرّدوا بالعلوم الإسلامية وغيرها من شتى العلوم الأخرى، حتى أنهم نافسوا العرب في لغتهم، ونبغوا وتفوقوا فيها، وهذا سيبويه قدّموه نموذجا ميّزهم، وهذا ليس من باب التفاخر أقوله، بل يراه الايرانيون ضمن تقاليدهم، خدمة ما فتئ يقدّمها قوم سلمان للعرب والمسلمين، ولن يتخلّفوا عنها، خصوصا بعد انتصار ثورتهم الإسلامية، التي أعطت للإسلام والمسلمين وقضاياهم المصيرية العالقة، بُعدا معنويا ومادّيا، تحقق بفضل حكمتهم وطول صبرهم، مثابرتهم في متابعة مشاريعهم، التي هي أساسا مشاريع الإسلام المحمدي.

خدمة الأمّة من جلائل الأعمال، فالسيد (إبراهيم رئيسي) لم يكن خادما لإيران وحدها، بل كان في خدمة الإسلام، أينما وجدت له قضية عالقة، وهو من أكبر أنصار القضية الفلسطينية، وقد أبدى خلال تسلمه منصب رئاسة الجمهوري في إيران كيف وجّه وزير خارجيته وبقية أعضاء حكومته من أجل تنفيذ مراحل مشروع مقاومة الاستكبار والصهيونية، ولم يقصّر في أداء شيء من أعمال المناصرة والمتابعة، والسهر على تلبية احتياجات محور المقاومة المبارك، وكان حريصا على متابعة هذه الأمور بنفسه، تلبية لتوصيات الوليّ المفدّى دام ظلّه، وأقول لولا وجود هؤلاء الرجال الصادقين، لما بقي للقضية الفلسطينية بارقة أمل في استنقاذها من عبث العابثين وتآمر المتآمرين وتخاذل المتخاذلين تطبيعا وخيانة.

وتبقى إيران الإسلامية ولادة رجال (صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا) (3) الرحمة وعلوّ الدرجة لشهدائنا الذين قضوا وهم في أداء الواجب، وجميل الصبر لمن مشوا في طريقهم مؤمنين بأنّه طريق العزة والنصر، إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

المراجع

1 – سورة آل عمران الآية 140

2 – من هو الرئيس الراحل السيد إبراهيم رئيسي؟

https://www.alahednews.com.lb/article.php?id=69521&cid=116
3 – سورة الأحزاب الآية 23

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024