عندما أطلقت بريطانيا يد مملكة بني سعود، كانت تدرك مدى وحشية نظام متلبس بالإسلام كذبا، وتعي أنها شريكة في ما سيقترفه من جرائم بحق الانسانية، وعليها أن تتحمل ذلك أخلاقيا وقانونيا.
تاريخ جرائم لنظام السعودي مليء بالمجازر، بدا من تاريخ تأسيس ملكهم الى اليوم، ولا يمكن لإنسان مطلع، على ما حدث من انتهاكات فظيعة، الا ان يستنكر طبيعة هذا النظام الاجرامية، والتي اقل ما يقال عنها، انها بعيدة عن الانسانية، مناقضة للجبلة البشرية، وتفوق صناعة الشيطان في رذائله.
سوابق بني سعود اكثر من ان نتوقف لعدها، واحصاء وقائعها، فلم يسلم منهم بشر ولا دين ولا معلم يوثق تاريخنا الاسلامي، وما لم تستسغه هذه الاسرة-التي نسبت الى مرخان (مردخاي) بن إبراهام بن موشي الدونمي من يهود الدونمة النازحين من تركيا – يوضع في صف العداء، وان لم يصدر منه ما يدعو الى ذلك.
أراحنا العثمانيون من مملكتهم الأولى، التي أقامها محمد بن سعود سنة 1745، فأسقطوها سنة 1818، ثم عاد عبد العزيز فأسسها من جديد سنة 1932، على حساب قبائل ومناطق عديدة بالجزيرة العربية اخضعت بقوة المال والسلاح البريطاني.
جرائم طالت حجاج بيت الله الحرام في مواسم حج عديدة، تفاوتت في عدد ضحاياها، لعل أسوأها مجزرة الحجاج اليمنيين سنة 1923 في وادي تنومة، ومجزرة الحجاج الايرانيين في مسيرة البراءة من المشركين، التي انتظمت بوم التروية سنة 1987، التي خلفت اكثر من 460 شهيد، ومجزرة حجاج منى سنة2015،والتي اسفرت عن استشهاد اكثر من 5000 حاج.
النزعة العدوانية للنظام السعودي لم تكن خافية، منذ تأسيس مملكتهم الاولى وقبل سقوطها، فقد أظهروا مدى حقدهم على مراقد ائمة أهل البيت في العراق، فهاجموا كربلاء بتاريخ 21/4/ 1802، واستباحوها على حين غرة من أهلها، ففتكوا بهم شر فتك، وذلك قبل ان يتمكنوا من الاستيلاء على مكة والمدينة في 1806.
على هذه الأساس انبنت سياسة بني سعود العدوانية فعقائديا ومن رؤية عقيدتهم الوهابية يرون في من لم يتبعهم من المسلمين مغنما مباحا لهم قتلا ونهبا وتعدّيا، ويزداد توحّشهم على المسلمين الشيعة، خصوصا سكان المنطقة الشرقية، الذين تستنزف هذه الاسرة الحاكمة الضالة مواردهم النفطية، وهي احتياطات غالبة على مجموع النفط في الحجاز، ولا ينوبهم منها شيء.
معاداة المسلمين الشيعة للظلم والظالمين تأسيا بأئمتهم الهداة، وخصوصا الامام الحسين، الذي سطر بمسيرته الى كربلاء، خط مواجهة الظالمين، ومن هذه السمة التي عرفوا بها، جاءت معاناتهم على مرّ التاريخ.
لم يشفع استسلام عرب المنطقة الشرقية للنظام السعودي، تحت طائلة بطشه، فكان يغتنم منهم كل مرة أبرياء، يفتك بهم ليرهب به من خلفهم، ويزيد من خضوعهم، اغتنامهم يأتي بعد رصد تحرك كل ناشط من أهالي تلك المناطق، ثم القبض عليه، وبدء تحقيق قاس معه، يتلقى فيه شتى انواع التعذيب الوحشي، لانتزاع اعترافه بما لم تجنه يداه، سياسة أمنية تمارس برعاية أمريكية صهيونية غربية، الجميع يعلم ما يجري ومطلع على تلك التجاوزات لكنهم يلوذون بالصمت حيالها، باعتبارها تخدم مصالحهم، في بقاء النظام السعودي جاثما على حرية وحقوق سكان تلك المناطق.
ويزداد النظام السعودي بؤسا وتعاسة عندما ينعق له ناعق سوء، من أمثال زمرة وعاظه من حلفائه من الوهابية، فقد جاء على لسان الرحمان السديس، تعليقا على إعدام هؤلاء الابرياء قوله: انه يعبر عن رؤية حكيمة لقيادة رشيدة. فهو يعبر عن مدى ولائه لطغمة الفساد في الحجاز، ويثبت من جديد رسوخ التحالف التاريخي بين الاسرتين، المشطّرتي دور خدمة اعداء الاسلام والانسانية.
عجبي كيف تقوم دنيا أمريكا والغرب، عندما يقتل المعارض خاشقجي، وقد كان من قبل احد المطبّلين للنظام السعودي، في قنصلية بلاده، ولا يحرّكون ساكنا أمام مجزرة بشعة، نفذت بحق مواطنين ابرياء، لا ذنب لهم سوى انهم طالبوا بحريتهم وحقوقهم المشروعة.
وتستمر معاناة اهالي المنطقة الشرقية، من مملكة الشر والفساد في الارض، وبالتوازي معها يتواصل صمت النظام الدولي بعربه وغربه، تزلّفا لحكام بني سعود، وعطاياهم التي يغدقون بها عليهم شراء لذممهم، وما أخس من باع ذمته بالمال، وسكت عن مثل هذه الانتهاكات الخطيرة، بحق أبرياء لا ذنب لهم، استحق القتل بحد قطع الرأس بسيف الظلم والجور.
من هنا يحق لنا أن نقول: ان هذا الغرب متناقض في سلوكه، من ناحية، متظاهر بالدفاع عن حقوق الانسان ورعاية تطبيق قوانينها دوليا، ومن ناحية أخرى، يعتبر نفسه نموذجا مجسّدا لتلك القوانين في بلدانه، بينما هو في واقع الأمر، مجرّد ممثل شاطر في اداء دوره ليظهر به، في عالم اصابه وباء الظلم، فلم يترك موضعا دون أن تلحقه منه بليّة، يكتوي بها الناس.
نحتسب مظلومي القطيف شهداء عند ربهم يرزقون، وويل للظالم من يوم المظلوم، ولن يتأخر الموعد، ذلك بأن من حرّم الظلم على نفسه، لا يمكن ان يدعه يستمر في جرائمه.