طرح المكتب التنفيذي لجمعية القضاة التونسيين يوم أمس 10 فيفري 2020 مجموعة من التقاط الأساسية في ما يتعلّق بقضايا الرأي العام المتمثلة في تهم الفساد والإرهاب، وقال إنّ النقاط المطروحة تأتي بعد متابعته لهذه القضايا وما أثارت من جدل حاد بخصوص إصدار بطاقات الإيداع بالسجن ضد من شملتهم التتبعات فيها من أشخاص نافذين سياسيا وماليا وإعلاميا ومسؤولين بأجهزة الدولة مذكرة بان ذلك أثار اختلافات والتباسات في تطبيق مقتضيات مجلة الإجراءات الجزائية سواء صلب محكمة التعقيب ودوائرها أو بين محكمة التعقيب ومحكمة الاستئناف بتونس في عديد المسائل الهامة.
وأوضح المكتب في بيان صادر عنه اليوم بصفحته الرسمية على موقع “فايسبوك” أنّ من أبرز المسائل المطروحة في هذا الصدد هي مدى اختصاص دائرة الاتهام في إصدار بطاقات الإيداع في صورة عدم استئناف النيابة العمومية قرار قاضي التحقيق بعدم إصدار البطاقات القضائية طبق طلبها، ومدى اختصاص محكمة التعقيب بالنظر في الطعن في بطاقات الإيداع الصادرة عن دائرة الاتهام، وتنفيذ بعض القرارات الصادرة عن محكمة التعقيب بنقض قرارات دوائر الاتهام القاضية بإصدار بطاقات إيداع ومسألة تواتر صدور قرارات النقض دون إحالة لقرارات دوائر الاتهام في قضايا تعلقت باستحقاقات مالية كبيرة للدولة.
وأكّد على خطورة تلك الاختلافات التي قال إنّها بلغت حد التناقض في تطبيق أحكام مجلة الإجراءات الجزائية في ظلّ غياب العمل بآليات توحيد الاجتهادات القضائية، مشيرا الى أنّ الاختلافات المذكورة لم تُطرح سوى في القضايا المرتبطة بالمتهمين في قضايا تتعلق بالفساد وتبييض الأموال والتهريب والإرهاب من النافذين سياسيا وماليا وإعلاميا دون بقية القضايا .
ولفت الى أنّ ذلك قد أضرّ بالثقة العامة في القضاء وبمبدأ المساواة أمام القانون والى انه أفضى إلى نتائج قال انها عكسية واضعفت من دور القضاء ونجاعته في مكافحة الفساد والإرهاب كاستحقاقات وطنية ذات أولوية مطلقة، مُشددا على على أن مقتضيات استقلال القضاء والتسيير الذاتي لإدارة العدالة تتطلب أن يتحمل المسؤولون القضائيون والهياكل القضائية كل من موقعه مسؤوليات معالجة التداعيات السلبية لأوجه القصور في توحيد الاتجاهات في تطبيق مقتضيات الإجراءات الجزائية وتطبيق القوانين بشكل عام.
وطالب المكتب في هذا الصدد المسؤولين القضائيين بمحكمة التعقيب بالسعي على وجه التأكد لتفعيل آليات توحيد الاجتهادات القضائية من أجل التوصل إلى مواقف وآراء تكون مؤسسة تأسيسا قانونيا وفقهيا متينا يساعد على مقبوليتها وعلى تحقيق توحيد تطبيق القانون وعلى استقرار النظام العام الإجرائي.
كما طالب المسؤولين القضائيين بدأً بمحكمة التعقيب بتحمل مسؤولياتهم في ترشيد إدارة العدالة وحوكمتها طبق المقاييس الدولية للاستقلال القضاء بالأخذ وجوبا بالأنظمة التي تعتمد على معايير موضوعية في تعيين القضايا وتوزيعها على الدوائر ومختلف الهيئات القضائية كنظام الزوجي – الفردي المتغير، لافتا الى القضايا المرتبطة بالاستحقاقات الكبرى المنوطة بالعدالة في التصدي للفساد وتبييض الأموال والتهريب والارهاب، مبرزا ان الهدف من وراء ذلك ابعاد شبهات التدخل في توجيه القضايا عبر التعيين الأحادي طبق المعرفة المسبقة بتوجهات الدوائر والقضاة.
ودعا المسؤولين القضائيين إلى وضع سياسات لإدارة المحاكم تقوم على حوكمة الزمن القضائي مع إعطاء الأولوية للقضايا المرتبطة بالاستحقاقات الوطنية حتى تتخذ الملفات المتعلقة بها مسارات زمنية طبق الآجال المعقولة دون بطء وتعثر ودون تسرع بما تؤول إلى أداء مستقر للمحاكم في أعمالها القضائية البحثية والاستقرائية والباتتة في الأصل، مشيرا الى أنّ ذلك لاستبعاد شُبهات تزامن السياقات السياسية مع بعض القرارات والأحكام القضائية .
وطالبت جمعية القضاة المجلس الأعلى للقضاء بالتحرك بصفة عاجلة وناجعة بإعتباره الضامن لحسن سير القضاء واحترام استقلاليته بالانكباب على مختلف هذه الأوجه للخلل في إدارة العدالة وفي توحيد تطبيق القانون وشفافية المسارات الإجرائية، مشددا على ضرورة وضع خطة اتصالية تنير الرأي العام وتقدم له الأجوبة المقنعة حول كل التساؤلات المتعلقة بهذا الاضطراب الذي إعتبرة المكتب غير مبرر وغير مقبول في النظام العام الاجرائي، لافتا الى أنّ ذلك للخروج من هذه الأزمة المتفاقمة وتداعياتها الخطيرة على مصداقية القضاء والثقة العامة فيه .