الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

دعايات الغرب ضد إيران أسهمت في جهل حقيقتها…بقلم محمد الرصافي المقداد

من مفارقات الوضع العربي خصوصا والإسلامي عموما على النطاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، أنّ الشعوب أصبحت تقريبا خارج حسابات الأعداء، في اعتبارهم جميعا ضمن جبهة مقاومة الاستكبار والصهيونية، في منطقتهم المهددة جدّيا بهاذين الوباءين الخطيرين، بعدما نجح سياسيوهم في التأثير عليهم، وجرّهم إلى تبعيّة مقيتة طوعا وكرْها، بحيث أصبحت منظومة الغرب في قناعاتهم، مثالا للتقدّم بكافة مساوئها، في ظل حكومات عجزت عن وضع خطط ناجعة، تعيدهم إلى مجال المنافسة العلمية والصناعية، واكتفت بالرضا بما رضي الغرب منهم، في أن تبقى بلدانهم أسواقا دائمة لمنتجاتهم، فقبعوا في ذيل ترتيب الدّول تأخّرا، بحيث لم يعُد هناك من يوازيهم في تخلّفهم عن واجباتهم التي تعلّقت بهم، وتقصيرهم وإخلالهم بما يفرض عليهم دينهم، من آداب وأعمال تُلزمهم الأخذ بها والعمل بمقتضاها.

شعوبنا اليوم بحاجة إلى تنبيهات وتحذيرات، من مخططات الغرب المتصهين المعادي للإسلام والمسلمين، الذين ركّزوا اهتماماتهم على تحييد شعوبنا عن قضاياها المصيرية، وفي مقدّمتها قضية الكرامة والحرّية، ورأس سنامها قضية الشعب الفلسطيني المظلوم، في استعادة كامل أرضه المغتصبة، بدعم بريطاني أمريكي غربي، ذلك أن القضية الفلسطينية في استحقاقها العاجل، تعتبر أولوية ومقدّمة لخروج الدول العربية والإسلامية من بوتقة التبعية، والهيمنة الإقتصادية للأعداء الغربيين، ومن لم يستوعب من شعوبنا أنّ الغرب عدوّ، فليراجعوا أنفسهم، من خلال ما يصرّح به ساسة الغرب أنفسهم، وأبدته دوله من مواقف معادية للعرب والمسلمين، ومنحازة بل ومناصرة للمحتلّ الصهيوني المجرم، في بقائه جاثما على ارض فلسطين، مفروضا على شعبها وشعوب المنطقة بالقوّة.

لا بأس هنا أن أذكّر بما قاله رجلان مصلحان قاد أوّلهما ثورة إسلامية في بلاده ونجح في الانتصار على عميل الغرب فيها، وبالتّالي قام بقطع أيدي النفوذ البريطاني الأمريكي هناك، هذا الرجل هو الفقيه العالم العرفاني الإمام الخميني الذي أصاب فهم المنظومة الغربية بطرفيها المعاديين للإسلام والمسلمين، بدعوته الصادقة للانفصل عنهما ( لا شرقية ولا غربية)(1)، باعتبار أن الإسلام يمتلك جميع الحلول السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية، والشعوب الإسلامية ليست بحاجة الى اتباع الغرب في ياساته، مع وجود منظومته ذات الطابع الاسلامي المستقل، يكفي فقط أن يتدارسها أهلها من مصادرها: (القرآن والسنة النبوية الصحيحة).

وقد أكّد خلفه الامام الخامنئي على مضيّه في نفس النهج باعتباره خيارا شعبيّا استجاب اليه الإيرانيون ورضوا به وضحوا من أجله ولا يزالون على ذلك إلى اليوم، ولن يعيقهم شيء في الاستمرار فيه والوفاء له، وفي هذا الخصوص قال: ( لقد تجلى إبداع الإمام الخميني في إيجاد إطار محكم للثورة الإسلامية وعدم السماح لها بأن تُهضَم في معِدَة القوى والتيارات السياسية الشرقية والغربية المتسلّطة، لقد كانت تعاليم الإمام ونهجه هي التي لقّنت الناس شعار ( لا شرقية و لا غربية، جمهورية إسلامية)، وشعار (استقلال حرّية جمهورية إسلامية) هذه الشعارات كانت تعْني أنّ هذه الثورة تستند إلى أصول ثابتة ومحكمة لم تكت ترتبط بأصول الاشتراكية التي كان يتبناها المعسكر الشرقي في ذلك اليوم، ولم تكن كذلك ترتبط بأصول الرأسمالية الليبرالية التي اعتمدها المعسكر الغربي هذا هو سبب العداء والخصومة التي أظهرها الشرق والغرب لهذه الثورة.)(2)

لقد أثبتت دول الغرب وفي مقدمتها أمريكا أن منظومتها الغربية في الحرية والديمقراطية والتعاون مع الدول الإسلامية، مزيّفة وغير صادقة، وهذا ما حدا بالإمام الخميني دعوة شعبه إلى تفادي دعوات الغرب المضللة، بتقديم فكرته الإسلامية بشأن نظام الحكم الإسلامي، وهي فكرة كان قدّمها في شكل دروس بحث خارج في النجف، سنوات نفيه من طرف الشاه هناك، وطرحها في استفتاء شعبي منقطع النظير، قال فيه الشعب الإيراني قوله الفصل، (نعم بنسبة 98.2% )(3)، ونجح الامام الخميني في بناء نظام إسلامي ديمقراطي، بمعنى اختيار الشعب لأغلب مجالسه ومؤسساته الحُكميّة، تمكن من رفع التحدي الذي وضعه الغرب لعرقلة هذا النظام الناشئ والمنافس بقوة منظومته، وأتذكّر هنا ما قاله مؤسس هذا النظام بالخصوص: (إننا نريد أن نطبق الإسلام وحكومة الإسلام على نحو تشبه الإسلام في زمن الظهور، حتى يعرف الغرب المفهوم الصحيح للديمقراطية كما هي، ويعرف ما الفوارق بين ديمقراطية الإسلام والديمقراطية المزيفة، كما تدعي حكوماتهم تطبيقها.) (4)

لم يبقى للغرب بشأن إيران سوى مواصلة الكذب عليها، ببث الدعايات المغرضة ضدّها، وتحريض وتأليب من صدّق أقاويلهم الباطلة عنها، والتي لا تمثّل شيئا من حقيقة ايران، في مصداقية أقوالها وأفعالها، وسعيها الواضح نحو بناء فكر إسلامي جامع لكل الفرق الإسلامية، في اطار سياسي رافض لمنظومة التبعيّة، التي بناها الغرب في بلداننا، وجعل من حكوماتها إمّعات، لا يملكون قدرة على مواجهة جشع دول الغرب، المتحكمة في سياساتنا واقتصادياتنا ومصيرنا، وهو ما تسعى ايران الإسلامية إلى تنبيه الدول والشعوب الإسلامية، من خطر المواصلة على نهجه المنحرف.

ولا يمكن لدولنا هذه أن تتخلص من عقدة هذا الغرب المعادي، من دون تغيير جوهري لسياساتنا لتكون مستقلّة تماما عنه، أو على الأقلّ باعتماد منهجيّة مراعية لسيادتنا وحرّية مواقفنا من دون تدخّل دول الغرب في شؤوننا الداخلية والخارجية، وهذا ما تريده ايران لنا، وتعمل دبلوماسيتها في إطار أخوي إلى التنبيه والدعوة لأجل تحقيقه، وهنا تكمن عرقلات الغرب، وجهود دوله المبذولة من أجل تشويه إيران بكل السّبل، اسقاطا لمصداقيتها في جميع طروحاتها.

المراجع

1 – لا شرقية ولا غربية

https://arabic.khamenei.ir/news/7228

2– لا شرقية ولا غربية

https://arabic.khamenei.ir/news/1806

3– الدستور الإيراني (نص دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية)

https://mauritania.mfa.gov.ir/ar/generalcategoryservices/10461

4– الديمقراطية من منظار الإمام الخميني قدس سره

https://irdc.ir/ar/news/128/

 

 

 

 

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024