أحيى احباء الشهيد الحاج محمد البراهمي و حزبه و عائلته ذكرى استشهاده بالصيغ الملائمة لرمزية استشهاده عبر الندوات الفكرية التي كان لي شرف المشاركة في إحداها.
ساظل متمسكا بان اغتيال الشهداء الثلاثة بلعيد و البراهمي و الزواري ليست أحداثا جنائية أو جزئية في سياق استقطابات صغيرة تونسية أو داخلية بل إنها ،، عمليات كبيرة ،، في سياق المؤامرة الرهيبة التي استهدفت الأمة على امتداد هذه السنوات السبعة من تونس إلى دمشق و صنعاء و التي كان فيها ذراع القتلة التكفيروارهابيين مجرد أدوات تنفيذ لغرفة العمليات الواحدة التي يديرها حلف الاستعمار الصهيو أمريكي .
هذه الغرفة استعملت أدواتها الناعمة من النخب المخترقة و المضللة من عرابي الديمقراطيات الشكلانية التابعة و الإستقطابات المزيفة لتنتهي بهذه الثورات الوظيفية بلا أفق وطني إلى مزيد الارتهان الاقتصادي و الثقافي أو تدمير ما تبقى من سلام مذهبي و طائفي و إيديولوجي و اصطناع الأعداء المزعومين للامة عوض التركيز على الصهيونية و الرجعيات العميلة .
و حين تكون القوة الناعمة عاجزة عن تحقيق أهدافها بالسرعة اللازمة أو ربما يكون الهامش الذي تتيحه من ،، حريات تعبير ،، فرصة لفضحها تتدخل القوة الخشنة لمزيد الهاب الموقد و كي الوعي .
أنصار الشهيدين بلعيد و البراهمي الحزبيين كان من حقهم توجيه سبابة الاتهامات للأدوات الفعلية أو المفترضة في هذه المؤامرة المعقدة على الأمة. و لكن الشركاء الاستراتيجيين للشهيدين و القارئين الفكريين و ازعم اني منهم من واجبهم على الأمة و الشهداء أن يذهبوا مباشرة إلى،، القاتل،، الاستراتيجي .
عندما استشهد المهندس ،، الإسلامي،، التونسي محمد الزواري قلت لبعض الأصدقاء ان القاتل واحد و ان اسرائيل التي ذهب تونسيون لمقاومتها على خطوط التماس جاءت إلينا للمرة الثالثة لتقول أن تونس من الممنوع أن يكون على أرضها يسار وطني ببوصلة شاملة فاغتالت شكري أو عروبي قادر على تاليف القطري والقومي في لحظات الغموض الفكري الذي يرتبك فيه الحكيم فاغتالت البراهمي أو اسلام مقاوم و ثوري فكان اغتيال الزواري .
ليس في الأمر مبالغة فكرية أو لي لعنق الواقع ..لاشك أن اغتيال الزواري هو الاوضح في علاقة بالمعركة مع المشروع الصهيوني على جبهة القوة الخشنة .لكن اغتيال شكري و الحاج هو في عمق المعركة على جبهة القوة الناعمة.
الصورة المحرجة و المربكة لليساري الوطني شكري بلعيد هو في افساده السردية المطلوبة : يساري حداثي وطني ينتصر للثورة و لا يعتبرها مؤامرة و لكنه يقف حذرا على خطوط تماسها إذ لا يقبل بتحويلها إلى تسوية مع قديم مرتهن أو إلى مجرد جديد مزعوم في خطة شرق أوسط جديد لإسلامي مدقرط مدجن و حداثي مدقرط تابع و نظم عربانية راعية.
الحاج البراهمي كان ارباكا للمطلوب ..قومي عربي يتبنى حدث الثورة و يسميها كذلك دون أن يضل متجمدا في مقولة المؤامرة و لكنه يستثمر في الحرية ليحذر من الحلقة الموالية لعبرنة الثورات و تحويلها إلى عبث بالوعي و الجغرافيا و مركزية المعركة مع العدو الحقيقي و الخلط بين نظم وظيفية رجعية تصبح شريكة في ،، الدمقرطة ،، و نظام وطني بقطع النظر عن ديمقراطيته مما حول البراهمي إلى صوت داخل ،،مؤسسات الثورة التونسية ،، يطعن في كذبة،، ثورة سورية ،، يبدو كما لو أن ثورتي تونس و مصر صنعتا خصيصا لشرعنتها اخلاقيا .
يسار وطني يتمايز عن المزيف القابل للاختراق و تيار عروبي يؤلف و يفصل و يميز بين القطري و القومي و اسلام مقاوم يصر أن تكون بوصلته الصراع الرئيسي مع العدو .تلك سرديات ثلاثة كان يجب أن تقتل . من أجل ترتيب مشهد هجين بيسار تائه و عروبية بلا بوصلة و اسلامية بلا روح .
انتصار الشام هو انتصار دم شهدائنا الثلاثة و حين تتبين حقائق المؤامرة هناك ستتوضح فصول الملفات الثلاثة هنا. دم شكري و المحمدين تأسيس سردية جديدة فوق التيارات التقليدية الثلاثة .ذاك تحليل الدم ..باقي الكلام كباش في الهوامش