«اعتراف بالهزيمة» لا عنوان آخر لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته الموجودة في سورية بشكل غير شرعي مهما اجتهد المحللون والسياسيون والمراقبون وأصحاب الرأي لتفنيد قرار ترامب سياسياً وعسكرياً, ومهما عقدت الصفقات من تحت الطاولة ومن فوقها.
هي «الهزيمة» وحدها عنوان هذا القرار، التي أكدتها انتصارات الجيش العربي السوري على الإرهاب المدعوم أمريكياً في معظم الأراضي السورية, وأكدتها أيضاً التضحيات التي قدمها الشعب السوري على امتداد جغرافيا البلد, تلك الانتصارات والتضحيات حاصرت ترامب وقواته ومرتزقته من الإرهابيين في مربعاتٍ يصعب عليه المراوغة فيها وحكمت على مرتزقته بالانهيار المحتّم.
ترامب يبدو أنه بحث في أمهات الكتب عن استراتيجية حفظ ماء وجهه ليجد فيها ضالّته بالانسحاب عندما اتكأ على مقولة عسكرية تقول: «إن أردت الهروب من الهزيمة ما عليك سوى إعلان النصر والانسحاب».
إلا أن ترامب المتخبط سياسياً أعلن «نصره» الوهمي لكنه في الوقت نفسه أكد هزيمته بلسانه عندما قدّم تفسيرين متناقضين لقراره المهزوم, الأول عندما برّر القرار بأن قواته «أنجزت المهمة وانتصرت في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي», ليأتي التفسير الثاني المناقض للأول بقوله: «إن التنظيم المتطرف لم يُهزم وإنما واشنطن ستترك المهمة للآخرين, لأنها لن تبقى شرطي العالم في الشرق الأوسط», على حد تعبير ترامب الذي خطّ الهزيمة الأمريكية «بالحبر السرّي» وسماها نصراً.
التناقض في تبرير ترامب لقراره يعكس حال الهزيمة التي لا يمكن أن تكون إلا ساطعةً و«عين الشمس لا تغطى بغربالٍ», كما لا يمكن إخفاء حقيقة انتصار سورية وشعبها وجيشها وقيادتها بدعم حلفائها في هذه الحرب التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً, وأن إعلان هذا النصر بات في متناول اليد مهما حاول أعداء الشعب السوري المناورة والمراوغة هنا وهناك تحت عناوين سواء عسكرية أو سياسية، وأن ساعة إعلان النصر النهائي على الإرهاب وداعميه لاحت في الأفق.