محمود كامل الكومى : كاتب ومحامى – مصرى |
قى مقال له مؤخراً رصدت كاميرا العقل لدى الكاتب اللبنانى الكبير “نبيه البرجى” أبو الهول – المصري العريق الشامخ من آلاف السنين على ربوة الأهرام يحرس المحروسة ويتجول ببصره على كامل المنطقة ينظمها ويروض من يحكمون خاصة فى الخليج أو من يعادون الحدود- وهو يغادر المكان الى خان الخليلى منغمسا فى أكل طبق من الكشرى هناك.
وكان عبد الناصر التاريخ والجغرافيا والكاريزما – بقوة الأسد وعبقرية الإنسان (مكونات أبو الهول) وشموخ الأهرامات ورواسيها الراسيات وعبق التاريخ يفوح من احجارها الجرانيت – صانعاً للنهضة المصرية فى الخمسينات والستينات، ذو النظرات الثاقبة نحو أمتنا العربية من المحيط الى الخليج، وفى العالم قائد دول عدم الأنحياز فى مواجهة الحلف الغربى بزعامة أمريكا والشرقى أيام الاتحاد السوفيتى، فصارت مصر العملاق، ولاحت الجمهورية العربية المتحدة وإقليمها الشمالي (سوريا ) قلب عبدالناصر الخافق ابداً وأمن مصر الحامى دوما، فلم يتحمل تهديد اسرائيلى لسوريا فحشد القوات من أجل ان تبقى دمشق وحلب الشهباء، ولم يبالى بمؤامرات اللوبى الصهيونى ولا بصناع القرار الأمبريالى الأمريكى ولا التأمر الرجعى السعودى، لكنه كان لسوريا وشعبها مدافع جسور عن ضيائها .
كُسِرَت أنف أبو الهول من جراء مدافع نابليون، لكن مصر لم تُكسَر ولم تلن فى 1967، وظلت عوناً وسنداً لحق فلسطين وشريك لسوريا من اجل معركة المصير – لكن الأنف الانسانى لأبو الهول لم يعد يستنشق الهواء منذ اتفاق السادات وبيجين وكامب ديفيد اللعين، وصار أبو الهول فى حالة موت سريرى قابع فى مكانه منذ هذا التاريخ الى الآن، فأنكفأت مصر على الظلال تتوارى من الشقيقات، وقد كبلتها خيوط كامب ديفيد والغامها خشيت المتفجرات، ولم تبالى بسوريا ولا بنجدتها من التآمر الكونى عليها، وتركتها – وكبل شعبها الحكام من اجل نصرتها ، لكن الشعب المصرى بقواه الوطنية والناصرية، كان هناك فى قلب الحدث فى دمشق يصلى بالمسجد الأموى ويستنشق عبير الشهداء بغوطتها الفيحاء.
صدى صوت الأشباح وسط دياجير الظلام بدا مخيفا وهو ينعق من أمام أبو الهول فى صحراء مصر ، يُؤنِب الشعب السورى أنه سبب الدمار الذى يكلف للعمار 300 مليار دولار، متجاهلا السبب الحقيقى لمؤامرة الصهاينة والأمريكان والرجعية العربية فى الدوحة والرياض، والأدهى ان رجع الصدى نفض صداه وقرر أنه لن يتحمل المشاركة فى العمار – رغم أن أحدا لم يطلب منه من أهل الدار.
تقاطعت المصالح السورية الايرانية والسورية الروسيه ولم يكن بد من توحيد القوات للدفاع عن سوريا، من الارهاب والصهاينة والأمريكان والاتراك والأكراد –معاً- طالما تأمر عليها حكام الأعراب، وبدت مصر لا تبالى بالمنطقة ولا بأمنها القومى عند الحدود السورية فَتُرِكت سوريا بلا مصر لأول مرة .
مؤخراً أنهزم الأرهاب وبدت المؤامرة الكونية على سوريا تلفظ انفاسها الأخيرة، فصارت القوات الأمريكية وخبراء المارينز يهرولون خارج الحدود السورية، ففهم الأكراد أن لا مكان لهم اِلا تحت علم الدوله السورية العربية، وبدا تنسيق ايرانى سورى روسى يمهد لقيام الجيش السورى بتنظيف جيوب الارهاب من الحارات والازقه والنفايات التى يقبع فيها داعش المُربى صهيونيا . وبدت تركيا ترتب مع روسيا وايران من اجل الاعمار فى سوريا، وبدت القيادة السورية تمسك بالخيوط وتحاذر من أردوغان الأٌلعبان، وبدا المسرح السورى يستوعب الآن الأدوار
ولم يكن للدور المصرى من سيناريو ولا حوار .
وقد غادر أبو الهول مكانه بعد أن أنحسر الصوت والضوء – الذى افتتحه جمال عبد الناصر- عنه، وغادر بالفعل الى خان الخليلى وضبط منهمكا فى التهام طبق من الكشرى فى أحد المحلات، لعل ذلك يفيقه من حالة الموت السريرى التى أصابته منذ كامب ديفيد السادات –بيجين، والى أن يحين ذلك يكون اللقاء السورى المصرى ان شاء الله .