كانت الساحة العراقية في الأيام الماضية محجا لعدد من المسؤولين الأجانب الذين توافدوا على بغداد وفيهم من زار غيرها من مدن العراق، وشهدت أروقة الخارجية العراقية ازدحاما كبيرا ونشاطا مكثفا وهي تستقبل هذا وتودع ذاك وتجد نفسها تتحرك مع الرئاسات الثلاثة لبرمجة لقاءات بعض الضيوف فما الذي جعل العراق فجأة محطا لزيارة وزراء خارجية إيران وامريكا وفرنسا ووزير الدفاع الاسترالي إضافة إلى مسؤولين عرب وغربيين في مستويات مختلفة لعل أعلاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصل إلى قاعدة عين الأسد الجوية في الرمادي وأثارت زيارته تفاعلات مازالت تنعكس آثارها على الساحة العراقية.
المعروف أن العراق يتميز بموقع جغرافي مهم جدا أضف إلى ذلك مكوناته الثقافية والسياسية وثرواته الهائلة مع غيرها من المميزات تجعله محل اهتمام الكل لذا نجد بغداد محطة مهمة الضيوف سواء من الجوار أو البعيدين والكل له هدفه الخاص وقد تلتقي أو تتقاطع هذه الأهداف لكن يبقى الإيرانيون والامريكان اللاعبان الأساسيان في الساحة العراقية ففيها يصطرعان.
لا يمكن أن تقبل ايران بتهديد لاي جزء من أراضيها ينطلق من العراق أو سواه ولكن للعلاقات العراقية الإيرانية خصوصية اكبر من كونهما جارين وتأثير كل منهما واضح في امن الاخر، ويرتبط البلدان بوشائج التاريخ والجغرافيا والمعتقد والتداخل الاجتماعي واواصر العلاقات الشعبية ويشكل كل بلد امتدادا وعمقا للاخر، وترى إيران أن أمريكا القادمة من وراء البحار إنما تريد إثارة الفتن والقلاقل وخلق المشاكل بين الجيران حتى يسهل لها البقاء سواء برغبة بعض العراقيين المتصلين بالمحور التآمري الغربي العربي أو عبر المشروع الصهيوتكفيري الذي ترعاه امريكا والسعودية وتسهم بعض مشيخات الخليج وتركيا في تغذيته وقد التقت كل هذه القوى علي خلافاتها في شن الحرب الكونية المدمرة علي سوريا للقضاء عليها وعلي محور المقاومة الذي تشكل إيران أحد أهم أركانه علي الاطلاق وتريد الإدارة الأمريكية ومعها الغرب المنافق والعرب المتآمرين أن تفصل العراق عن محور المقاومة المنتصر في سوريا المتصدي ببسالة وصمود لامريكا واذنابها في اليمن الحارس بقوة الايمان والعتاد للبنان من أن تعربد فيه إسرائيل كما كانت سابقا، العامل على احياء الجهاد في فلسطين المحتلة والمرغم للصهاينة على التحرك وفقا لما تريد المقاومة الفلسطينية لا كما يريد الاخ.
ايران وامريكا يخوضان معركة صعبة أرادت لها واشنطن أن تكون على الساحة العراقية بمجيئها من أطراف الأرض لتثير الفتنة في المنطقة وتعتبر إيران أن تصديها لامريكا في المنطقة عموما وفي العراق بشكل خاص إنما اتى دفاعا عن نفسها وامنها القومي وان هزيمة امريكا وحلفاءها في سوريا عجلت بحراكهم الذي قاده الوزير بامبيو واراد أن يزعزع إيران عبر السياسة بعد أن فشل مشروعه في الانتصار بسوريا وما الفتن المثارة في لبنان ومصر وعموم المنطقة وصولا إلى المؤتمر المزمع عقده في بولندا كل هذه الأعمال إنما هي من الإدارة الأمريكية، ووجود جواد ظريف المعلن في بغداد إنما يهدف لمناصرة العراق الذي احتلت امريكا أراضيه وجلبت له الإرهابيين من كل بقاع الأرض وايضا ترى إيران أن أمريكا تشكل بوجودها في المنطقة عدوانا صارخا واخلالا بالأمن الإقليمي وقد فهم الكثيرون أن جواد ظريف في زيارته التي امتدت لأيام في العراق إنما يعمل على ابطال مفاعيل زيارة الوزير الأمريكي وقد تصدت طهران لواشنطن في سوريا وهزمتها وتتصدى لها الان في العراق وقد دحرت اداتها الإرهابية – داعش – والعمل جار لتلقين امريكا هزيمة كبرى في العراق.
الوسوممحمد عبد الله
شاهد أيضاً
تطور الحراك الامريكي المناهض للعنصرية…بقلم محمد عبد الله
احتفى امريكان مناهضون للعنصرية بمرور مائة يوم على انطلاق التحركات الحالية التي ظلت مستمرة طوال …