لم يفلح حتى الآن جهد واشنطن لإتمام مؤتمر «وارسو» الموجه بشكل أساسي للتعبئة ضد إيران بعد امتناع الأوروبيين حتى الآن عن الحضور وكذلك روسيا التي اتخذت موقفاً رافضاً للمؤتمر المعدة نتائجه سابقاً, ما اضطر واشنطن إلى تغيير مفهوم مؤتمرها «ليشمل المنطقة بشكل عام» على حد زعمها.
إيران التي بقيت عصية على الاختراقات الأمريكية أحدثت شرخاً في علاقات واشنطن مع العالم وأولهم الحلفاء, حيث فضحت لعبة واشنطن القائمة على «اختراق» بنية إيران السياسية والاجتماعية وإشاعة الفوضى والانقسام الداخلي فيها والتلويح بالخيارات العسكرية بين الفينة والأخرى, لكن الفشل الذريع كان عنوان سياسة أمريكا ضد طهران ليأتي المؤتمر تجسيداً لإخفاق تسللها إلى الاقتصاد الإيراني بغية إفقار الإيرانيين و«إسقاطهم», إذ اعتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الفرصة باتت سانحة للتخلص من أعدائه في إيران بعد الانسحاب الأمريكي الأحادي من الاتفاق النووي وأنه يمتلك القدرة على تكبيل حركة الأوروبيين التجارية مع طهران بفعل العقوبات لإجبارهم على الانسحاب من الاتفاق وفرض اتفاق جديد يلبي مصالحه فقط وبالتالي تضييق الخيارات أمام طهران.
المؤتمر المقرر منتصف الشهر المقبل عكس وضعاً مغايراً لما كانت تأمله واشنطن التي أرادته المنصة الأقوى لمحاربة إيران بإجماع دولي بعد أن سخرت كل جهد للحصول على الموافقات الدولية للحضور فيما يشبه إعلان رثاء لمجمل عقوباتها الاقتصادية المجحفة ضد طهران خصوصاً بعد خسارة ترامب دعم الأوروبيين وشركاء الاتفاق الذين ابدوا عدم تناغم مع المخطط الأمريكي ما أعطى طهران عامل قوة إضافياً مترافقاً مع عوامل القوة الأخرى التي تمتلكها والقادرة على استثمارها مباشرة.
يشكل الأوروبيون أول حجر عثرة بوجه مؤتمر «وارسو», حيث لا يزالون يمسكون بخيوط الاتفاق النووي مع إيران التي تحاول واشنطن بشتى الطرق منذ انسحابها المفاجئ من الاتفاق أن تقطعها بشكل نهائي.
روسيا بدورها أوضحت بشكل رسمي موقفها من المؤتمر وأعلنت وزارة خارجيتها أن موسكو لن تشارك في قمة «وارسو» الدولية. وقالت في بيان: إن الجانب الروسي، بعد اطلاعه بعناية على جدول أعمال المنتدى وبرنامجه قرر عدم المشاركة فيه.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعلن في وقت سابق، أن روسيا تلقت دعوة للمشاركة في منتدى وارسو، لكنه شكك في جدواه نظراً لأن أجندته سخرّت بشكل أساسي لخدمة السياسة الأمريكية ضد طهران.
وسط الرفض الدولي لفكرة المؤتمر اضطرت واشنطن مكرهة إلى الابتعاد عن الفكرة الأساسية لمؤتمرها وتغيير العنوان الأساسي الذي حشدت له خلال الفترة الماضية, حيث قال المندوب الأمريكي بالوكالة لدى الأمم المتحدة جوناثان كوهن: إن المؤتمر ليس «لشيطنة إيران»، واصفاً إياه بأنه «جلسة عصف ذهني أوسع بشأن الشرق الأوسط».
تغيير عنوان المؤتمر لم يكن له الصدى المرجو منه أمريكياً على مستوى العالم حتى ذهب بعض المحللين إلى اعتباره فاشلاً قبل انعقاده ما يضطر واشنطن إلى إلغاء المؤتمر نظراً لقلة التمثيل وانخفاضه.