بقلم: محمد الرصافي المقداد |
تحل اليوم علينا الذكرى الاليمة والمفجعة، التي جرت احداثها في (حلبشة) القرية الكردية العراقية التي طالها القصف الكيماوي من الجيش العراقي في 16و17 مارس 1988 – بأوامر من صدام حسين- وخلفت من الضحايا ما بين 5000 الى 7000 قتيل، غالبيتهم من النساء والاطفال والشيوخ، منتشرة أجسادهم بين الأنهج والأزقة والساحات والبيوت، ولم تسلم حتى السوائم من تلك الابادة، بأوامر من الدول الغربية، الذين تستروا على هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي فاقت كل وصف، وكان في مقدمتهم امريكا التي زودت النظام العراقي بمعية دول غربية اخرى بالمواد الكيماوية لضرب ايران، والادعاء عليها بانها المرتكبة لجرم القصف الكيماوي، بغاز الخردل وغاز الاعصاب، تماما كما حصل من الجماعات الارهابية في سوريا، واجتمع الغرب على الصاقه بالنظام السوري دون ادنى دليل مقنع، وكان كل ما احتج به – وهو يعلم بطلانها- فبركات بائسة وسخيفة.
فترة حرجة مر بها صدام ونظامه خصوصا بعد فشل هدف الغرب في اسقاط النظام الاسلامي في ايران بواسطته، حيث لم يكن همّ صدام ونظام البعث السابق، سوى مواجهة الهزيمة التي مني بها جيشه، بعد انكساره الكبير في (خرم شهر) يوم 24 ماي سنة1982، ووقوع اكثر 25000 اسير في قبضة القوات الاسلامية الايرانية، سوى اللجوء الى هذه الطريقة الوحشية.
ولا تزال الجريمة في مثلث الفاو ماثلة في ذاكرة التاريخ حيث قامت قواته بقصف الجنود الايرانيبن بالاسلحة المحرمة دوليا دون ان تقع ادانة دولية لاي من الجريمتين وقد عودنا الغرب انتهاج سياسة المكر وخداع الراي العام العالمي خصوصا اذا تعلق الامر بمصلحة له تستوجب التستر على عمل غيراخلاقي اجرامي يرتكبه هو او احد عملائه .
ولا يمكن ان تكون هذه الذكرى منفصلة عن بقية الجرائم الكيماوية التي استهدف فيها الجيش العراقي مناطق مدنية ايرانية عديدة من بينها المستشفيات والمراكز الطبية، ومن الارشيف الوطني في كوليدج بارك ماريلاند وحسب الوثائق التي رفعت عنها السرية في حرب الخليج الأولى سنوات 1980/1988 دعم الغرب نظام صدام حسين باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد القوات الايرانية والمدنيين في المدن والقرى الحدودية، في اكثر من 30 هجوما، ووفقا لصحيفة ستار ليدجر في احد اعدادها عام 2002 فإن 20.000 جندي ايراني قتلوا على الفور نتيجة اصابتهم بغاز الاعصاب، و5000 شخص من الناجين لا يزالون يترددون على المشافي لتلقي العلاج من مخلفات الاصابة، بينما يواصل 1000 شخص علاجهم في حالة اقامة دائمة بالمستشفيات.
أهمّ الهجمات التي شنها الجيش العراقي على المناطق الايرانية:
- الهجوم الكيميائي على مدينة سردشت في 28 جوان عام 1987م.
- الهجوم الكيميائي علي منطقة) نودشه( في 16 مارس 1987م.
- الهجوم علي القرى المحيطة بمدينة (مريوان) في مارس عام 1988م.
- الهجوم الكيميائي علي القرى المحيطة بمدن)سربل ذهاب( ، )غيلان غرب ( و )أشنويه) في ماي عام 1988.
وفقا لتقرير رُفع عنه غطاء السرية، قدرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، بأن أكثر من 50.000 من الإيرانيين قد اصيبوا بالأسلحة الكيماوية العراقية، قلل فيه عمدا عدد ضحايا الاسلحة الكيميائية، مقارنة بما أحصته إيران – وهي الأدرى بضحاياها- وأعلنت عنه بأن العدد المصابين يتجاوز 100.000 شخصا.
ان المجازر المرتكبة بحق الانسانية في هذه الحرب العدوانية، لا يمكن ان يحصي ضحاياها، من خطط لها وأسس فصولها فصلا فصلا، والغرب بزعامة أمريكا استهدف النظام الاسلامي في ايران، ليقينه بأنه قام على الحق، خصوصا بعدما بادر من أيامه الاولى، الى قطع دابر الاستكبار والصهيونية عن استغلال بلاده، وقال كلمته في وجوب التصدّي لهاذين الخطرين، على سلامة الحياة وحفظ الانفس والحقوق على الارض.
لقد عبث الغرب بكل القيم التي رفعها شعارا وعنوانا لمدنيته الزائفة، فبروتوكول جنيف الذي يحظر استعمال الأسلحة الكيميائية في النزاعات المسلحة الدولية سنة 1925، كان حبرا على ورق فقد استعملت امريكا الاسلحة المحرمة ضد القوات الفييتنامية، ومكنت بمعيّة الغرب الجيش العراقي من استخدام السلاح الكيماوي ضد إيران، والنتيجة الحاصلة فضيحة للغرب ولأداته القرة التي استعملها.
وبهذه المناسبة الأليمة، لا يسعنا الا أن أن نترحم على أرواح ضحايا السلاح الكيميائي، وفي نفس الوقت ندين القوى الغربية التي قدمت هذه المواد الخطرة، الى من لا يعرف معنى للإنسانية وقيمها العظيمة، ليرتكب بها أبشع جرائم القتل دون أي مبرر.
المراجع:
1 –
Staff، Writer. “US gave Saddam blessing to use toxins against Iranians”. rt. اطلع عليه بتاريخ 2013.
2 –
SHANE HARRIS، MATTHEW M. AID. “Exclusive: CIA Files Prove America Helped Saddam as He Gassed Iran”. فورين بوليسي. اطلع عليه بتاريخ 27 أغسطس 2013.
3 –
KHATE، , Shahriar. “Casualties of Chemical Warfare in Iran: Response of Iranian Civil Society to the Tragedy” (PDF). repository.meijigakuin.
4 –
Wright، Robin (2008). Dreams and Shadows: The Future of the Middle East. New York: Penguin Press. صفحة 438. ISBN 9781594201110.