تكشف لارا فريدمان، وهي دبلوماسية أمريكية سابقة عملت في لبنان و«إسرائيل» وتونس باختصاص «الصراع العربي – الإسرائيلي» وكانت رئيسة لمؤسسة السلام في الشرق الأوسط، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ منذ استلامه منصب الرئاسة في كانون الثاني 2017 هو وفريقه «بإجراء تحول كبير في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بهدف إزالة كل ما تأسست عليه اتفاقية «أوسلو» وما تفترضه من مفاوضات بين الجانبين للتوصل إلى اتفاق على التسوية».
وأقرت فريدمان بأن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني وتوقف إدارته عن تقديم المساعدات لوكالة «الأنروا» وإيقاف المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية هو إنهاء وجود مسألتين من مسائل الحل النهائي من طاولة المفاوضات وهما القدس واللاجئون بل «وأزال كرسي السلطة الفلسطينية من طاولة التفاوض» بموجب عباراتها في تحليل نشرته في الموقع الإلكتروني «لوب لوغ https://lobelog.com» في 16 من شهر آذار الجاري وحولت القضية الفلسطينية إلى مسألة داخلية تتعامل فيها مع الولايات المتحدة وبعض الدول العربية الحليفة للولايات المتحدة.
وتضيف فريدمان: ثم جاء في الآونة الأخيرة تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان لعام 2019 ليتجاهل وصف الأراضي التي تسيطر عليها «إسرائيل» بالمحتلة، وهذا يعني عدم اعترافه بأنها محتلة منذ عام 1967 سواء في الجولان العربي السوري أو في الضفة الغربية، في حين أنه أشار إلى أنها محتلة في التقرير السنوي السابق لعام 2018.
كما أن التقرير الأمريكي عام 2019 لم يذكر شيئاً عن الاستيطان والمستوطنات أيضاً وكأنه يتعامل معها ضمن السيادة الإسرائيلية، والدليل على ذلك أن السفير الأمريكي في تل أبيب ديفيد فريدمان اعتاد زيارة المستوطنات والمشاركة في فعاليات سياسية فيها وتحديداً في مستوطنة أريئيل وهي أكبر المستوطنات.. وإذا كان هذا هو وضع القضية الفلسطينية على جدول العمل الأمريكي- الصهيوني فما الذي بقي للتفاوض عليه أولاً، وما الذي يمكن تحقيقه بالصمت ثانياً، وما الذي ينتظره أصحاب القرار في الضفة الغربية من المسؤولين عن السلطة الفلسطينية أخيراً؟
الكل يرى أن السقوط في اتفاقات أوسلو منذ عام 1993 جر إلى المزيد من السقوط والعجز والتسليم بالصمت أمام سجان أوسلو الأمريكي– الصهيوني، ولم يبق هناك من فعل وقول ومقاومة إلا عند الشعب الفلسطيني وفصائله الرافضة لأوسلو، وهذا الشعب كان أكثر عزماً حين استمر بمقاومته مؤمناً بمحور المقاومة وتعاظم دوره في حماية المنطقة من أي توسع صهيوني برغم الظروف التي سادت في بداية التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وسيطرة القوة الأمريكية كقطب وحيد على العالم.
وإذا كانت إدارة ترامب تتبنى الآن علناً الخطة الصهيونية للتوسع على حساب الجولان العربي السوري والأراضي الفلسطينية المحتلة بموجب ما تكشفه فريدمان، فإن القيادة الصهيونية نفسها تدرك قبل إدارة ترامب أن الزمن لم يعد يعمل لمصلحة هذه الخطة بعد انتصار سورية وحلفائها وتعاظم قدراتهم العسكرية، ولذلك كان المختصون في عدد من مراكز الأبحاث الإسرائيلية قد أشاروا في تحليلهم الوضع السوري بعد هذا الانتصار إلى أن «سورية ستعمل بكل جهودها لزيادة قدرة جيشها من ناحيتي الكمية ونوعية الأسلحة خصوصاً الصاروخية»، ويُشير البروفيسور الإسرائيلي في مركز «دايان» للدراسات السياسية وهو من المختصين بشؤون سورية إلى أن «دمشق سوف تظل تتطلع في هذه الظروف إلى زيادة قدرة سورية أكثر من أي وقت مضى»، فـ«إسرائيل» تعرف أن تعزيز القوة العسكرية سيظل من أولويات جدول عمل القيادة السورية لأنها الدرع الحاسم في حماية سيادة أراضيها واستعادة الجولان السوري المحتل وفي إحباط كل أشكال التدخل في شؤونها وفي تقديم كل أشكال الدعم لحقوق الشعب الفلسطيني ولا شك في أن انتصارها سيشكل أهم عامل في إحباط «صفقة القرن» المُعدّة لكل المنطقة وليس لتصفية قضية الشعب الفلسطيني فقط.