شنّت دول تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات حرباً جائرة على أبناء الشعب اليمني في 25 مارس 2015 ولا تزال مقاتلات الجو ومدفعيات تحالف العدوان حتى هذه اللحظة تقوم بهجمات شرسة ضد الأبرياء في مختلف المدن والمحافظات اليمنية.
ولقد أدّت هذه الحرب التي شاركت فيها العديد من الدول كأمريكا وفرنسا وبريطانيا وقدّمت الكثير من الدعم السياسي واللوجستي والعسكري بشكل مباشر للسعودية والإمارات، إلى مقتل وجرح الآلاف من أبناء الشعب اليمني المظلوم ومشاهد التعاون السعودي مع الدول الغربية في اليمن تعتبر جزءاً من مسلسل طويل من التنسيق الأمني والسياسي أساسه مصالح مشتركة ظهرت بشكل علني في السنوات الأخيرة.
وحول هذا السياق، نشرت مواقع إخبارية بعض الوثائق الدفاعية السرية، التي تحتوي خرائط ومعلومات حول حجم السلاح الفرنسي المورّد لتحالف العدوان السعودي – الإماراتي وليست هي المرة الأولى التي تسلّط فيها هذه المواقع الإخبارية الضوء على فضائح فرنسية مرتبطة ببيع السلاح لكل من الإمارات والسعودية وفي 28 سبتمبر الماضي، وفي إطار ملف عن حرب اليمن، كشفت هذه المواقع عن وثائق حصلت عليها “ويكيليكس” وتشاركتها معها، تفضح الفساد المختبئ داخل صفقات بيع مدرعات فرنسية لأبو ظبي، ومن ضمن الملف، برزت مقالات عدة تتحدث عن صمت باريس في وجه جرائم الحرب المحتملة في اليمن، وفي 16 فيفري الماضي، انتقدت هذه المواقع السلطات الفرنسية لمواصلتها الوقوف إلى جانب السعودية في الحرب على اليمن ودعم جيشها، ليس فقط بالعتاد، بل بتدريب عناصر لها في باريس.
اليوم، يعيد موقع “ميديا بارت” فتح الملف وتحت عناوين ثلاثة، الوثيقة السرية التي تكشف أسماء الأسلحة الفرنسية المستخدمة في الحرب، وتوقيت وصول شحنة سرية، وحرب التجويع التي تساهم فيها باريس، واعتبر الموقع أن عقود صفقات السلاح التي لا تزال تبرمها باريس مع الرياض تغذي جدلاً أخلاقياً وسياسياً وقضائياً داخل فرنسا.
فالسؤال البديهي: “هل بإمكان فرنسا بيع سلاح لزبون يواصل منذ أربع سنوات استخدامه لقصف المدنيين في اليمن؟”، لكن الموقع يستعيد بتهكّم جواب وزيرة الدفاع “فلورانس بارلي” عن السؤال بقولها “لا علم لدي أن أسلحة فرنسية تستخدم مباشرة في الصراع”.
مدافع القيصر
أفاد معهد “سيبري” السويدي المتخصص في رصد حركة نقل الأسلحة في العالم بأن فرنسا سلّمت 123 من مدافع القيصر للسعودية، ولفت ذلك المعهد بأن السعودية تنتظر خلال الأشهر المقبلة المزيد من عمليات التسليم الفرنسية لهذا النوع من المدافع. وتشير بعض الخرائط الميدانية إلى أن 48 من مدافع القيصر السعودية توجّه أفواهها نحو ثلاث مناطق في اليمن مزروعة بالقرى والمزارع والمدن والمنازل الريفية، لكن هل تقصف هذه المدافع فعلاً المناطق المدنية؟ يقدّم التقرير في صفحته الرابعة جواباً على السؤال بالقول إن مدافع القيصر تدعم قوات “هادي” والقوات المسلحة السعودية في تقدّمها داخل الأراضي اليمنية، بمعنى آخر إنها تقصف اليمن لفتح الطريق أمام المدرعات التي تغزو البلاد.
هل هذه المناطق السكنية هي هدف للأسلحة الفرنسية؟
في الصفحة الرابعة من هذه الوثائق التي كشف عنها مكتب الاستخبارات العسكرية الفرنسية، تم التأكيد بأن السعودية تقوم باستخدام مدفعية القصير لمصلحة المرتزقة الموالين لحكومة هادي والقوات المسلحة السعودية للتوغل في الأراضي اليمنية، بمعنى أن هذه الأسلحة الفرنسية تستخدم لقصف المناطق السكنية في اليمن وفتح الطريق أمام الدبابات والعربات المدرّعة السعودية وتنص هذه الوثائق على وجود حوالي 436 ألف يمني في خط النار المباشر لمدفعية القيصر.
مدرعات “لوكلير”
بحسب هذا التقرير، فإن 70 مدرعة “لوكلير” تنشط في هذه الحرب، ومنها 40 تستخدمها الإمارات في مديريتي المخا والخوخة وذكر التقرير بأنه قد تم استخدام مدرعة “لوكلير” في عمليات هجومية كبيرة لتحالف العدوان السعودي الإماراتي، منها هجوم عبر الخوخة وزبيد باتجاه الحديدة.
وأما الهجمات الأكثر دموية التي ينفذها هذا التحالف الغاشم، فتتم عبر الجو، لكن “لودريان” وزير الخارجية الفرنسي قال إن فرنسا لا تقدّم شيئاً للقوة الجوية السعودية، وهو ما يكذّبه موقع “ميديا بارت” استناداً إلى وثائقه التي يقول إن النواب الفرنسيين لا يزالون غير مطلعين عليه.
جراب “ديموقليس” وصواريخ “بلاك شاهين”
تؤكد الوثائق أن مقاتلات الجو السعودية مجهزة بـ”جراب ديموقليس”، وهو جراب استهداف من الجيل الثالث عالي الأداء، يتميز بمحدد ليزر، وتنتجه مجموعة “تاليس” الفرنسية وتستخدمه السعودية على عدد كبير من المقاتلات التي تملكها، خاصة الأمريكية، كما تستخدم هذا الجراب مقاتلات إماراتية صنعت في فرنسا، منها “ميراج 9- 2000″، فيما يذكر التقرير كذلك أن القوة الجوية الإماراتية اشترت صواريخ موجهة فرنسية – بريطانية الصنع من نوع “بلاك شاهين” وصواريخ “أي أي إس أم” الذكية.
فرقاطتا “لافاييت” و”بينونة”
على الرغم من أن وزيرة الدفاع الفرنسية “فلورانس بارلي” تؤكد دائماً أن رفع الحصار المفروض على اليمن يشكل أولوية بالنسبة إلى الدبلوماسية الفرنسية، إلا أن الوثائق السرية التي كُشفت مؤخراً، تؤكد أن سفينتين من صنع فرنسي تشاركان مباشرة في الحصار هما الكورفيت” الإماراتية من فئة “بينونة” والفرقاطة السعودية من فئة “مكة” التي بنيت على نمط فرقاطات “لافاييت“
وفي الختام، تظهر نتائج هذه التحقيقات بأن حوالي 30٪ من الغارات الجوية لمقاتلات تحالف العدوان السعودي تستهدف المدنيين اليمنيين مباشرة ولقد قامت تلك المقاتلات أيضاً بشن أكثر من 1140 عملية جوية على المناطق الزراعية ومراكز الإمدادات الغذائية وإمدادات المياه والمصانع وموانئ الصيد والموانئ البحرية ومن هذا المنطلق يمكن أن نستنتج بأن هذه التحالف الغاشم يستهدف عمداً البنية التحتية اليمنية، ما تسبّب في حدوث مجاعة إنسانية في هذا البلد.
لقد قام النظامان السعودي والإماراتي، بالاستعانة باستراتيجية خلق مجاعة في اليمن، ورفع أسعار المواد الغذائية بنسبة 150 في المئة و200 في المئة في أسعار الوقود وذلك من أجل قتل المزيد من أبناء الشعب اليمني ووفقاً للأمم المتحدة في عام 2019، لا يمكن لحوالي 16 مليون يمني الحصول على مياه صالحة للشرب وهذا الأمر أدّى إلى تفشي وباء الكوليرا في معظم الأجزاء الغربية من البلاد.