المعارك الطاحنة حاليا في ادلب، تمثل صراع أرادات حقيقي، قد تكون نتائجه محددة لمستقبل الشمال السوري، البؤرة الأخيرة التي تجمع فيها المقاتلون ممن قدموا من أصقاع الأرض لاسقاط النظام في سوريا في عام 2011. بين أصوات هدير الطائرات والمدافع والصواريخ هناك تتكشف حقائق الميدان. تلك الحقائق التي استترت خلف مسارات سياسية ومفاوضات ثنائية بين روسيا وتركيا، وجماعية في جولات استانه .
ما كشفته ايام من التصعيد على تخوم إدلب، يؤشر أولا إلى سقوط القناع التركي، وظهور النوايا الحقيقية لانقرة في الأرض السورية. كل كلام الرئيس أردوغان أمام نظيره الروسي عن الإرهابيين في ادلب، والالتزامات التي قدمها، لعزل التنظيمات الإرهابية، وسحب كل الفصائل من منطقة تم التوافق عليها باتفاق مكتوب في سوتشي وقع عليه الرئيس أردوغان بنفسه. كل هذا لم يكن سوى قناع تركي سقط خلال الأيام الماضية ، وظهر الوجه التركي الحقيقي وبانت النوايا والأهداف .
في المعارك التي تجري حاليا بين الجيش السوري وجبهة النصرة ومن معها، انخرطت تركيا بشكل مباشر الى جانب النصرة وكل المنظمات الإرهابية الآخرى، والاكثر تطرفا من النصرة نفسها ،” مثل حراس الدين ”، “والحزب الإسلامي التركستاني” ، وغيرها من تشكيلات القاعدة التقليدية التي رفضت الانخراط بجبهة النصرة، وابقت على الصلة المباشرة بقيادة القاعدة المتمثلة ” بايمن الظواهري .
المعلومات الواردة من الجبهات تتحدث عن قيادة ضباط أتراك لغرف العمليات، فضلا عن قرار تركي خلال الساعات الماضية بنقل مليشيات تابعة لها مباشرة وهي مليشيات ما يسمى ” درع الفرات ” وغصن الزيتون ” من عفرين وجرابلس إلى ريف حماه لقتال الجيش السوري. هذه المليشيات جمعتها أنقرة من مختلف المجموعات المهزومة في عموم سوريا، وقامت بتسليحها وتدريبها ووضعها تحت إمرة الجيش التركي مباشرة لقتال “وحدات حماية الشعب الكردية” . واليوم لأول مرة تدفع بها أنقرة لتكون كتفا بكتف مع جبهة النصرة والتنظيميات التي وافقت تركيا سابقا على تصنيفها إرهابية لقتال الجيش السوري .
الصور الواردة من جبهات ريف حماه، لمقاتلي النصرة والآخرين توضح العتاد التركي الذي يستخدمه هؤلاء، العربات المصفحة وعربات” بي ام بي” كلها تركية الصنع وحديثة . والأدهى الصواريخ الموجهه والمضادة للدروع التي حصلت عليها الفصائل المصنفة إرهابية وفق اتفاق سوتشي واتفاقيات أستانا الموقع عليها التركي بنفسه. تقول مصادر عسكرية أن هذه التنظيمات امتلك إعداد كبيرة من هذه الصواريخ والأسلحة .
الأسلحة والصواريخ حسب مصادر ميدانية بيد جبهة النصرة حصلت عليها في وقت قريب .
إذا الروس والسوريون والإيرانيون وكل الأطراف التي جلست على طاولات الحوار والاتفاق مع أنقرة، أمام حقيقة اليوم، وهي أن تركيا والرئيس أردوغان كان يخدعهم. فماذا هم فاعلون أمام هذه الحقيقة. هاهو يقتلهم مع النصرة في المنطقة التي من المفترض أن ينزع هو سلاحها حسب اتفاقه مع بوتين .
وزير الدفاع التركي “خلوصي آكار ” قال أمس أن تركيا لن تنسحب من الشمال السوري. ماذا يعني هذا التصريح، هل ستبقى تركيا في ادلب والارياف الشمالية إلى الأبد ؟! نعتقد انهم يفكرون بهذا بالضبط. تركيا لديها نوايا انتزاع إدلب من الجغرافيا السورية، وكل تأكيدات مسؤوليها في الاجتماعات الدولية عن التزامهم بوحدة الأراضي السورية هو قناع وكلام لخداع الأطراف. هل سيدرك الرئيس بوتين هذه الحقيقة ؟
الحقيقة التي يجب على كل الأطراف إداركها هي أن الرئيس أردوغان متحالف تحالفا عضويا مع التنظيمات الإرهابية في ادلب والشمال السوري، وأنه لن يسمح بهزيمتهم تحت أي عنوان، لان ذلك سوف يعني مغادرة قواته الأرض السورية وإغلاق الباب وراءها إلى غير رجعة. وإذا اردتم أن يخرج من سوريا فهناك طريق واحد، وهو أن تنزل الصواريخ السورية على رؤوس جنوده وضابطه المتواجدين في ادلب وريف حماه وريف حلب وباقي المناطق السورية .
كاتب واعلامي فلسطيني