هذا برسم العرب الذين لا يجد معظمهم غير الندب والتنديد وحملات الاستنكار والإدانة ردّاً على السياسات الأمريكية بشكل عام والمؤيدة والمنحازة لـ«إسرائيل» على وجه الخصوص، والتي لا تقيم وزناً للعرب وحقوقهم.
فبعد أن أصدر الرئيس الأمريكي قراراً بعدم استيراد الهواتف الخلوية الصينية جاء رد الصينيين سريعاً فقرروا مقاطعة مطاعم كنتاكي الـ600 الموجودة في بلدهم، بحملة مقاطعة لم يسبق لها مثيل، فوقفوا أمام المطاعم ينشدون النشيد الوطني، وذلك في خطوة عملية لتأييد الموقف الوطني للحكومة الصينية.
وكانت إدارة ترامب قد وضعت في 15 أيار المنصرم شركة «هواوي» الصينية و68 شركة أخرى تابعة لها في 26 دولة على ما سمته «القائمة السوداء» أو «قائمة الكيانات» ما يعني أن عملاق الاتصالات الصينية لا يمكنه شراء معدات تكنولوجية أمريكية.
الخطوة التصعيدية هذه من جانب ترامب جاءت بعد فشل المفاوضات بين أكبر اقتصادين في العالم لإنهاء حالة الحرب التجارية المستمرة بين الجانبين منذ ما يقارب العام والتي هددت سلاسل التوريد الجاري والنمو الاقتصادي العالمي بسبب التعريفات الجمركية على البضائع من كلا الجانبين.
واشنطن وكعادتها في خطوات كهذه لم تكتف بالحرب بمفردها على بكين، بل طلبت من حلفائها أيضاً وعلى رأسهم بريطانيا، عدم استخدام التكنولوجيا والمعدات التي تقدمها «هواوي» بسبب مزاعم من أنها قد تمكّن الصين من التجسس على اتصالات وبيانات حساسة.
كما نقلت الاستخبارات الأمريكية ادعاءاتها هذه في وقت سابق من العام الجاري إلى أستراليا وكندا ونيوزيلندا لكي تحذو حذو واشنطن في العقوبات.
الموقف الذي عبّر عنه الصينيون في التضامن مع الشركة ومن خلفها الحكومة الصينية جدير بالتوقف عنده واحترامه، فهو سلاح سلمي فاعل في المقاطعة والرد على العنجهية الأمريكية والغطرسة التي لا تعرف حدوداً، ولو سلكت كل الشعوب الطريق نفسه لأجبرت واشنطن وغيرها على التفكير ملياً قبل أي خطوة من شأنها الاستخفاف بحقوق الآخرين.
نسوق هذا ونحن نستذكر التصريحات الأمريكية الاستفزازية بشأن ضم مناطق من الضفة الغربية إلى كيان الاحتلال وبعض ردود الفعل العربية والفلسطينية على ذلك وعلى ما سبقه من خطوات عدوانية أخرى تتعلق بالقدس والجولان المحتلين في سياق تنفيذ إدارة ترامب لما يسمى «صفقة القرن».
نشعر بالخجل والمرارة ونحن نتحدث عن بعض المواقف العربية الرسمية، تطبيع وهرولة غير مسبوقين مع كيان الاحتلال ومؤتمرات للترويج للصفقة تارة اقتصادية وتارة أخرى سياسية لطمس الحقوق العربية وحرف البوصلة بالاتجاه الخاطئ، فضلاً عن إقبال منقطع النظير على المنتجات الأمريكية والسلاح والقائمة تطول..