نقلت القوات اليمنية بخبراتها العسكرية اللافتة المعركة إلى الداخل السعودي، مكرسة معادلة المطار بالمطار والعاصمة بالعاصمة والقادم أعظم.
وجهت العمليات اليمنية النوعية -باستخدام أسلحة نوعية كصاروخ «كروز»- باستهدافها منشآت ومطارات سعودية الأنظار إليها واستطاعت ورغم التهويل الأمريكي بحرب مع وضد إيران من جذب الأضواء وتسليطها على عجز الردع السعودي أمام القوة العسكرية اليمنية التي فرضت قواعد ردع واشتباك جديدة لا يمكن العودة إلى ما قبلها، مع دخول أسلحة نوعية واستراتيجية في قلب المعادلة، وكل أشكال الدعم الأمريكي- الغربي لـ«تحالف» العدوان السعودي على اليمن فشلت السعودية باستثماره مع فشل أهدافها، مقابل ترجمة الوعود التي أطلقتها القوى اليمنية إلى أفعال كان لها وقعها في إيلام العدوان.
ليس من المبالغة القول إن الاستهدافات اليمنية المتكررة للعمق السعودي التي انتقلت عبرها القوى اليمنية لاستراتيجية الهجوم أصابت العدو في مقتله وحشرته بين خيارات ضيقة مجدداً دفعته لطلب وساطات دولية لوقف الاستهداف اليمني للمنشآت والمطارات السعودية، الأمر الذي من الممكن جداً أن يلقي بظلاله على مسار العدوان، ولاسيما المسار المتعلق بالشق السياسي فلا أوراق يمكن أن تستثمر بها السعودية على طاولة أي مفاوضات سياسية، فإما استمرار العدوان بلا جدوى مع استمرار إرباك الداخل السعودي، وإما النزول عن الشجرة بأي طريقة وهو خيار من المفترض أن يأخذه النظام السعودي بالحسبان في خضم هذه التطورات.
العمليات اليمنية ومع إسقاط طائرة أمريكية مسيرة وباعتراف أمريكي أثرت على سمعة السلاح الأمريكي وأبرزت مواطن الضعف فيه، ولاسيما أن منظومة «باتريوت» الأمريكية عجزت غير مرة عن التصدي للصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية، والتأثير على سمعة تلك الأسلحة يعني حتماً اتجاه العديد من الدول إلى أسلحة ومنظومات أكثر موثوقية وفعالية كالمنظومات الروسية التي أثبتت كفاءتها وباتت تضاهي الأمريكية، ما يعني تراجعاً أمريكياً سياسياً وعسكرياً معاً.
أرادوا تدمير اليمن فدمرهم اليمن واستنزفهم أمنياً وسياسياً واقتصادياً، ونقل المعركة إلى مدنهم وعواصمهم وسلب بصناعته العسكرية المتواضعة أحلام العدوان في السيطرة ليبقوا محشورين في خيارات أياً تكن فإن أحلاها مرٌّ.