الأحد , 24 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

مقولة “الشعب يريد تجريم التطبيع” … لماذا لا يريدها قيس سعيد؟… بقلم صلاح الداودي

في البداية وكما هو معلوم في كل مواقفنا ومنشوراتنا السابقة، نحن غير معنيين بالتصويت في الدور الثاني لكلا المرشحين لعدم ايماننا باي منهما ولعدم ايماننا بالمسار الانتخابي الذي نراه فاسدا برمته ولعدم ايماننا بمقولة السيء والاسوا وايماننا بضرورة البحث عن مخارج أخرى للوضع الحالي ومالاته.

نكتب إذن، وفي الحقيقة هي كتابة مكررة، من زاوية اهتمامنا فكرا وممارسة بتجريم التطبيع مع كيان العدو الصهيوني لا غير ومحاولة التساؤل عن حقيقة تهرب المرشح قيس سعيد من مطلب نضالي وطني وشعبي هو الأهم على الإطلاق بالنسبة إلينا. نستطيع هنا التدارك والتصحيح واستعمال عبارة أخرى حتى لا يكون استخدامنا للفظ التهرب حكما على الرجل. لنقل مثلا يرفض أو لا يريد أو يعرض أو لا يهتم أو ينكر أو لا يستمع أو لا يوافق… الخ. نعم لا يوافق كملة مناسبة تاكدها مناظرة الدور الأول وتعززها مناظرة الدور الثاني حيث يصر المرشح المذكور أعلاه على التأكيد ان الأمر لا يتعلق بالتطبيع وان عبارة التطبيع خاطئة والخ.

اولا، وكما في العنوان نذكر المرشح ان هذه المقولة وهذا المطلب وهذا الشعار وهذا القانون أو مشروع القانون هو فعلا يتضمن جملة “الشعب يريد” التي يستعملها قيس سعيد كشعار مركزي لحملته وان مقولة “الشعب يريد تجريم التطبيع” هي حقيقة وواقع يواصل غالبية التونسيين الاهتمام به أو على الأقل الاستماع اليه على مدار كل هذه السنوات الفارطة وبشكل دائم وفي كل الاطر من الشارع إلى الإعلام إلى البرلمان، وها قد وصل النقاش إلى كل اطوار الانتخابات الرئاسية والتشريعية وأصبح الموقف من العدو اساسا للفرز بوجه عام.

ثانيا، عندما يكرر الرجل عبارة ان الأمر خيانة عظمى فهذا موقف طبيعي وبديهي أخلاقي وسياسي تجمع عليه الغالبية وهو روح الدستور أيضا وروح إرادة الشعب قطعا وروح اي مستقبل ثوري حتما. ولكن وماذا بعد والكل يعلم ويعتقد منذ عقود ان “التطبيع خيانة وليس وجهة نظر” وتغص وسائط التواصل الاجتماعي من سنين بهذه العبارة المعروفة والتي لها خلفية معروفة من الأفضل أن تعترف بها كاملة لان كل من يعرفها ومن يقفون وراءها يتشرفون بذلك بل هم شرف هذه الأمة وهم هنا تيار مقاومة واسع وموحد ومتنوع.

ثالثا، عندما نطالب بتجريم التطبيع مع العدو فلا يمكننا أن نقول ان عبارة التطبيع خاطئة وإنما سياسية التطبيع مع العدو هي الخاطئة وليس عبارة التطبيع وهذا أمر بسيط جدا وبديهي جدا ولا يحتاج كلاما ولا خطابا خاصا بك.

رابعا، إن من يريد تجريم التطبيع مع العدو يريد ذلك طبعا ويقول ذلك ويعتقد في انه خيانة وخراب وعدوان وعمالة واستلام وتفريط وغدر واعتراف بالعدو وتهديد وخطر…. ووو حتى مطلع الفجر. ثم ان الأصل ان تقول التطبيع خيانة عظمى وانت لم تستطع عدم قول ذلك بداهة أيضا وليس رفض كلمة تطبيع والاحتفاط بعبارة خيانة عظمى وفيما تتمايز وعمن تتمايز حقيقة؟ إذا ماهو الشيء الذي يعتبر هنا خيانة أليس التطبيع، أليس التعامل مع العدو، أليس الاعتراف به، أليس أليس أليس حتى مطلع الفجر؟ ثم أليس دخول الصهاينة تطبيعا ومن ثمة خيانة أو خيانة ومن ثم تطبيعا؟ لنقل انت مجرد عناد أو تمنع شخصي لان الأمر يتجاوزك ويسبقك رغم انه ليس أمرا شخصيا أو سجلا خاصا بأحد وان من يناضل من أجله يريد أن يتبناه الجميع.

خامسا، نحن طلبنا من هذا المرشح بالكتابة والسؤال المباشر عن طريق احد إخوتنا ان يتبنى الأمر وإذن ما رأيك وماذا تريد أن تفعل؟ هل ستساعد على تمرير قانون تجريم التطبيع ام ستقدم مبادرة تشريعية أخرى بعنوان تجريم الخيانة العظمى أو مقاطعة العدو… أو أي عنوان تختارة المهم أن تكون مبادرة تشريعية لحسم ملف اختراق العدو لارضنا ووطننا وشعبنا؟ هل ستقرر التدخل على مستوى الخارجية لمنع التعامل مع العدو في كل مستويات العلاقات الخارجية والديبلوماسية والعلاقات الدولية… ام ستمارس ضغوطا من نوع آخر لمنع التعامل مع العدو في ميادين التبادل التجاري مثلا وفي مستويات الفلاحة والملاحة والصناعة… ام ستنادي الشعب من أجل الانتفاض ام ستستعمل صلاحيات الدفاع والأمن القومي لقطع دابر التعامل مع العدو بصفة أمنية وعسكرية… ام ستقاومه بالثقافة ام ستعلن عليه الحرب لا بصيغتها العسكرية ولكن بكل الصيغ الأخرى ومن بينها المذكورة أعلاه ام انك ستكتفي بالجانب الأمني الصرف وتسعى إلى محاكمة كل خائن بالقوانين الجاري به العمل! ولكن الا تعلم أن كل المحاولات التي كنا وغيرنا نقوم بها طوال سنين دائما ما تصطدم بحقيقة انه لا يوجد قانون يجرم التعامل مع العدو حتى ان اجتهادات القضاء التونسي المحمودة في هذا المجال يعيقها حتى الآن غياب هذا القانون الصريح… ربما كنت تفكر في أمر ما يتعلق بمرفق القضاء ونحن لا نعلم… فما هو يا ترى؟

سادسا، نحن نعلم ان الاكتفاء بتوصيف التطبيع كخيانة عظمى يحيل مباشرة على مؤسسات الأمن والدفاع الموجودة في تونس اليوم ويحيل على عقيدة الشعب وعلى العقيدة الأمنية والعسكرية التي لم تحسم صراحة في هذا الموضوع. ربما كنت تفكر في القضاء العسكري أو في تغيير العقيدة الأمنية والعسكرية إلى الحد الذي يجعل مؤسسات الدولة ذات العلاقة بالامن القومي تعمل مباشرة وتلقاءيا دون قانون خاص في هذا المجال كما المحنا أعلاه. ممكن ولكن لا جواب واضح ولا خيار واضح حتى الآن وحتى بعد الإلحاح الصحافي المتكرر عليك في هذا المجال فضلا عن علمك بما يجري في الشارع التونسي وفي البرلمان التونسي منذ سنوات ولا نعرف لك لا موقفا ولا حضورا لا في الإعلام ولا في الشارع فيما مضى في خصوص هذا الشأن بالغ الأهمية والمصيرية. ربما لا تعجبك العبارة ولا حقيقة تطبيع هذه الأنظمة من سنين وباتفاقيات معروفة وربما لا تعجبك مقررات الجامعة العربية القديمة التي تجرم التطبيع ولا تنفذه الان في غالبيتها وربما لا تعجبك مكاتب المقاطعة المستمرة حتى الآن والتي لا تعمل غالبا وتعمل احيانا… ما الحل الذي تقترحه في النهاية؟ كيف السبيل إلى الثقة العملية بمقدرتك ومن سيحاسبك وكيف؟ نحن ناسف، انت لا تقترح شيئا سوى العبارات وسنجاملك بالقول انها ليست فارغة وليست انتخابية وليس مجرد رفع للصوت التاثير في الرأي العام. ومع ذلك فالسؤال الذي نطرحه عليك يبقى قائما وملحا حتى لا نقول مدينا لك.

سابعا، نحن نعرف أيضا حدود صلاحياتك ونعرف مدى الضعف الذي ستجد فيه نفسك إذا فزت ولكن الموقف موقف وانت الذي تتحدث لغة المقترحات لماذا لا تقترح شيئا؟ ولنفترص جدلا اننا خرجنا في اليوم الموالي وصرخنا “الشعب يريد تجريم التطبيع” أو حتى “الشعب يريد محاكمة الخونة” أو الشعب يريد مقاومة الصهيونية أو أو أو… ماذا ستقول وماذا ستفعل؟ وماهي الضمانة لعدم التطبيع والاختراق والتجسس… الخ حتى إذا لم تقع جرائم تطبيعية في المستقبل، هذا اذا كان الجهد بما في ذلك التجريم كافيا؟

ثامنا، توجد فرصة كبرى لاحترام إرادة غالبية الشعب التي تنادي بتجربم التطبيع ولنقل حتى ترضى مقاومة الخيانة وهل استعداد غالبية الشعب ووجود نضال طويل ومستمر حول هذا الأمر حتى ان المنظمات الكبرى تنخرط فيه وكتل محترمة صعدت إلى البرلمان تنادي بذلك وعملت عليه سابقا… إذن ماذا انت فاعل؟

تاسعا، في الحقيقة، أحببنا أم كرهنا، في العالم اجمع انطلاقا من كل المقاومات الفلسطينية بكبار قادتها وشهداءها وكبار مفكريها الكبار فعلا وحقا، كلها تنادي بتجربم التطبيع وترفض التطبيع وكل أحرار العالم مشرقا ومغربا وفي العالم بأسره يستعملون هذه العبارة ويعملون على ذلك ويستشهدون ويسجنون وتدمر دول وشعوب من أجل ذلك. واحببنا ام كرهنا تحسب مقولة تجريم التطبيع على الأطراف الوطنية الموجودة في البلاد من أحزاب وجمعيات ومنظمات وشخصيات… الخ فما المشكل؟ واختلفت عليها هذه القوى مع قوى أخرى ترفضها من 2011 وحتى اليوم فهل يعيقك ذلك وهل هذا سبب كاف لئلا تتخذ موقفا واضحا بالتجريم؟ تقع مقولة تجربم التطبيع في قلب عمل المقاومة العالمية وهي أقرب أو لنقل هي محسوبة صراحة على ما نسميه محور المقاومة، فهل يوجد مشكل في ذلك؟ وهي، اي تجريم التطبيع مقدمة ضرورية لزوال الكيان من الوجود وإزالة احتلاله وإنهاءه اصلا، أليس ذلك واضحا وهل هو مقبول بهذا المعنى؟ هذا ونترك جانبا قصة اليهود وإلى ما هنالك.

عاشرا، ان مقولة تجريم التطبيع وتجريم التطبيع مدخل رئيسي مقاوم وعظيم لفرض السيادة والتحرر ولذلك تأثير كبير على قوى المقاومة في المنطقة وعلى الشعوب أيضا وأثر بالغ في اضعاف العدو الصهيوني ومحاصرته وهو الذي يبني أحلامه على سياسة التطبيع التي يفرضها على عدة أنظمة ولذلك تأثير كبير على الخارجية والدفاع والأمن القومي وبالطبع على الثقافة والداخلية والاقتصاد وعلى العلاقات الدولية والإقليمية وعلى القوانين المحلية والعالمية وعلى المؤسسات الإقليمية والدولية وكذلك على الدول كافة… ما الأمر؟ هل هذا ضحك على الذقون؟

مرة أخرى وللتذكير، نحن نرفض هذا المسار ونقاطع التصويت لأي منكما ونرفض الاوهام الظاهرة فيه وندعو للعمل على خيارات جدية مع اهل الجدية مهما اخفقوا ونحن منهم ومنهم من نجح أيضا، ولكننا نحن الذين نعمل بما استطعنا ونستعد للتضحية ولا نبيع الاوهام التي لا تريدها وتريد ان يتبنى الاوهام من تريد أصواتهم أو من يراهنون على صوتك وهما.

كل الامل المقاوم قائم فاما النصر واما الشهادة. وان غدا لناظره لقريب.

 

 

شاهد أيضاً

كتب صلاح الداودي: ندعو الغنوشي للاستسلام الهادئ

  كان الغنوشي وأتباعه ينوون دفع النهضة إلى النهاية في الشارع أو عن طريق الشارع …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024