لبنان في دائرة الاستهداف منذ سنوات طويلة، وساحته تعج بالطواقم الاستخبارية من جنسيات مختلفة، وتضم ركائز لأنظمة الشر والردة على هيئة أحزاب وحركات ومجموعات، لكن، في الوقت ذاته هذه الساحة تحتضن المقاومة التي أفشلت العديد من المخططات وتتصدى للاحتلال الاسرائيلي، وفرضت عليه الكثير من المعادلات الصعبة.
لبنان منذ سنوات يتعرض لحصار اقتصادي شرس، وتدخل في شؤونه الداخلية من أكثر من طرف اقليمي ودولي، وفي مقدمتها، المملكة الوهابية السعودية ومشيخة الامارات، تمولان الجهات المعادية للمقاومة، اشغالا وتآمرا وتحالفا مع أعداء لبنان لضرب المقاومة، وهذا الحصار الشرس الهدف منه، دفع اللبنانيين الى تحميل المقاومة مسؤولية الوضع المعيشي الصعب.
اندلعت الاحتجاجات في لبنان، وهذا من حق مواطنيه، يريدون تحسين ظروف العيش، وتحقيق انجازاتى على هذا الصعيد، ومكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، وهذا المطلب نادت به من قبل الحراك، المقاومة والرئيس اللبناني، وبدأت بالفعل عملية وضع التشريعات الخاصة بذلك، في حين واصلت أمريكا والرياض والامارات حصارها المالي، وتحشيد ادواتها، للانقلاب على هذا الحراك وتسييسه وسرقته.
هذه المجموعات الممثلة بجماعة الحريري، وجعجع، ورؤساء وزراء سابقين، راعها ما جاء في خطاب الرئيس ميشيل عون في الامم المتحدة، عندما طالب المجتمع الدولي بعودة النازحين السوريين الى وطنهم متجاوزا الموقف الامريكي الذي يرفض ذلك، مستخدما ورقة النازحين لأهداف سياسية، وهذه المجموعات سمعت علانية وصراحة، أن وزير خارجية لبنان يدعو الى استعادة العلاقات وفتح الخطوط مع سوريا، مبديا رغبته في زيارة دمشق، لذلك، نزلت المجموعات المذكورة بدعم مالي اماراتي خليجي الى الشارع لحرف الحراك والتطاول على المقاومة، وجاءت استقالة سعد الحريري ترجمة وتنفيذا لرغبة محمد بن سلمان ومحمد بن زايد لادخال البلاد في فراغ سياسي لجر الساحة اللبنانية الى حرب اهلية لا تبقي ولا تذر، وهنا، تجلت حكمة المقاومة، لاحباط مساعي المجموعات المرتبطة بتل أبيب وواشنطن والمتآمرة على المقاومة، والحفاظ على الحراك نقيا بأهداف سامية بعيدا عن التسييس، والانزلاق الى دائرة المتربصين بلبنان شعبا وجيشا ومقاومة، المعادلة الذهبية التي تتمسك بها المقاومة.
ان التآمر على لبنان والمقاومة ليس وليد اللحظة فقد شهدت الرياض لقاءات الشخصيات المتهالكة، فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام مع محمد بن سلمان والطلب منه الضغط على سعد الحريري لفك علاقته مع حزب الله، والوطني الحر، في اطار التشكيل الحكومي ثم جاءت دسيسة القوات بزعامة جعجع بشأن العمال الفلسطينيين واعتبارهم اجانب، حسب القرار الذي أصدره وزير العمل وهو من جماعة جعجع.
المواطنون في لبنان لا شك يدركون ما يستهدف الحراك في الشارع، وبالتالي، رفضوا أي تدخل أو حرف له عن أهدافه، ومن حقهم مواصلة حراكهم لتحسين وضعهم المعيشي، وترجمة التشريعات الخاصة بمكافحة الفساد واستعادة الاموال المنهوبة، أما حزب الله، فقد أكد دعمه ومساندته لمطالب الشارع، الذي أدرك صواب موقفه وتوجهاته وتحذيراته، وهتافات الشارع واضحة، وكيف، تناولت أيضا الموقف السلبي لسعد الحريري الذي امتثل لتعليمات ابن سلمان باحداث فراغ سياسي، مع أن ولي العهد الوهابي السعودي يدفع من حول الحريري للاطاحة به عن زعامة تيار المستقبل وتحويله بالكامل الى اداة طيعة في يد الوهابيين بالسعودية.