الادارة الامريكية لم تعد تفوت اية فرصة على الاطلاق دون ان تؤكد ماهية وطبيعة الولايات المتحدة والبلطجة التي تمارسها الطبقة السياسية الحاكمة والقوات الامريكية في المنطقة والسياسة الخارجية والاهداف الرئيسية من تواجدها في المنطقة وهي ببساطة الاستيلاء على مصادر الطاقة من نفط وغاز والسيطرة على طرق إمدادها الى الاسواق العالمية وحماية ربيبتها الكيان الصهيوني, وهذا ما تصرح به الادارة الامريكية وزبانيتها بكل وعلنية ووقاحة متناهية. الفارق الوحيد بين هذه الادارة وغيرها من الادارات هو انها اي هذه الادارة لا تستحي ولا تخجل من إعلان ماهية وطبيعة هذه الدولة المارقة بأنها دولة قراصنة تعمل على نهب ثروات البلدان الاخرى ومقدراتها وتحويلها الى تابع ذليل لاستراتيجيتها الكونية التي ما زالت تقوم على محاولة إنشاء الامبراطورية الامريكية.
وما تصريح الرئيس ترامب حول حجز الاموال العراقية المتواجدة في الولايات المتحدة والتي تقدر بما يقرب من 35 مليار دولار وحرمان الدولة العراقية من عائدات النفط العراقي بمنع وصول التحويلات عن طريق البنوك إذا ما أقدمت الحكومة على طرد القوات الامريكية من العراق الا دليل آخر على هذه البلطجة والقرصنة والسرقة الامريكية العلنية. ونقول العلنية لان الولايات المتحدة كانت وما زالت تعمل بهذه السياسة منذ عقود من الزمن ولكنها الان اكثر وضوحا وأكثر عدوانية وأكثر علانية وخاصة بعد ان إنكشف وخبت دور العملاء والادوات وفاحت منهم رائحة الخيانة والانبطاح للمستعمر بشكل لم يعد خافي حتى على الناس البسطاء. وبالتالي نجد أن الاصيل ممثلا بالادراة الامريكية قد دخل الساحة وبشكل عنيف ووحشي بدل من العميل. والادارة الامريكية وزبانيتها تعلن وعلى الملأ ان القوات الامريكية متواجدة في المنطقة للحفاظ على المصالح الامريكية من اي تهديد يعرض أمنها القومي أو امن حلفائها في المنطقة وهو أمن الكيان الصهيوني. وللاسف هذا ما لا تفهمه السعودية والامارات وغيرها من الدول الخليجية اللذين يدفعون الجزية للبيت الابيض والذي تتعامل معهم الادارة الامريكية كأدوات وعملاء وأبقار حلوب في اللحظة التي يصور بعض قادتها انهم حلفاء للولايات المتحدة. والامر لا يقتصر على العراق فقد اعلن ترامب ان قواته متواجدة في سوريا في المناطق التي تحتوي على الابار النفطية لجني الاموال عن طريق تصديرها حرمان الدولة السورية من “استغلال” هذه الابار وكأن هذه الابار ملكا لامريكا وعملاؤها في سوريا المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية.
ذكرنا سابقا أن الولايات المتحدة لن تخرج طوعا من العراق وهي التي استثمرت بشريا من خلال تواجد قواتها وماليا ومن خلال بناء وإقامة المعسكرات والقواعد التي بلغ عددها الرسمي ما يقرب من عشرة قواعد وقامت ببناء مطارات لاستقبال طائراتها المقاتلة والقاذفة وكانت تنوي توسيع قاعدة عين الاسد الجوية وذلك ببناء مدرج لطائراتها العملاقة ب-52. وهذا بالتاكيد ليس لحماية العراق ولا أمنها بل لحماية المصالح الاستراتيجية الامريكية وإستخدام العراق كنقطة إنطلاق للاعتداء على الدول الوطنية في المنطقة وربما أبعد من ذلك.
إن إحتلال العراق كان وما زال يهدف الى هذه الاهداف والمرامي الامريكية ولم يكن للتخلص من ” اسلحة الدمار الشامل” التي فبركت وجودها المخابرات الامريكية والبريطانية على وجه التحديد لاسقاط نظام صدام حسين وتدمير البنى التحتية للعراق بالكامل وفرض نظام مبني على المحاصصة الطائفية والمذهبية والعرقية لتقسيم العراق وإبعاد إحتمالات نهوض العراق مرة أخرى ليلعب الدور والمركز الذي يستحقه في المنطقة, ولمنعه من أن يشكل اي تهديد مهما يكن قدره للكيان الصهيوني. وتماشيا مع هذه السياسة فقد تم إغتيال مئات من العلماء العراقيين والكفاءات العراقية في محاولة لتدمير المعرفة التي تساعد على التقدم والتنمية والنهوض بالبلد. وعمدت الولايات المتحدة الى نشر الفساد في المؤسسات الحكومية الرسمية وبناء مراكز قوى لها ضمن هذه المؤسسات وأكبر دليل على هذا عدم تصويت البعض في مجلس النواب مؤخرا على طرد قوات الاحتلال الامريكي. كيف لإنسان ان يصوت على بقاء قوات محتلة لبلده؟ اليس هذا هو قمة الخيانة؟
واليوم نرى وبأم العين المزيد من استباحة العراق وأراضيه والتعدي على ما تبقى من سيادته (هذا إذا ما إفترضنا وجود هامش من السيادة بعد إحتلال العراق عام 2003) وبشكل فج وبكل رعونة من الطرف الامريكي الذي يتعامل مع العراق على انه “دولة” تقع كلية تحت الوصاية والاستعمار الامريكي التي تسرح وتمرح في ربوعه البساطير الامريكية دون رادع حقيقي وتحلق في سماؤه من اقصى الشمال الى أقصى الجنوب دون علم او معرفة او إخبار الحكومة العراقية أو الجيش العراقي بذلك. والذي لا تتردد القوات الامريكية في عملية إغتيال ممثلين رسميين عراقيين وغير عراقيين وإرتكاب مجزرة أدانها العالم على اراضيه والاعلان وبكل علانية أن طائراتها قامت بذلك. كما وقد عملت الادارة الامريكية الى جلب المزيد من قوات المارينز الى الاراضي العراقية تحت حجة حماية السفارة في بغداد والتي هي بمثابة ثكنة عسكرية بأمتياز. هذا الى جانب الزيارات لمسؤولين امريكيين من الصف الاول الى بغداد أو شمال العراق دون حتى إخبار الحكومة العراقية بهذه الزيارات المفاجئة كما حصل مع زيارة ترامب ونائبه بنس. أي عراق هذا وأي وقاحة فجة لدولة مارقة اسمها الولايات المتحدة؟
لقد ادت هذه السياسة الرعناء وخاصة لهذه الادارة الامريكية التي أزالت اللثام عن وجه امريكا القبيح في تعاملاتها مع دول العالم كافة الى ردود فعلا من العديد من الشعوب والدول وحتى تلك التي تعتبر من الدول الحليفة تاريخيا ومرتبطة عضويا معها مثل الاتحاد الاوروبي, وولدت كراهية شديدة على مستوى العالم للادارة الامريكية والمؤسسة الامريكية ولا نقول للشعب الامريكي الذي فهم الان قطاعات واسعة منه الاجابة على السؤال الذي طرحه المجرم العتيد جورج بوش الابن وغيره من الزعماء الامريكيين الا وهو لماذا يكرهوننا؟