على النخبة السياسية ان تغلب المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية الضيقة و يرتقوا إلى تغير جديد و بعقول جديدة و مسار عقلاني ناضج منبعث من روح وطنية و مراجعة الذات و الأدوار بعزيمة عالية تصب في مصلحة الجميع.. إلى متى يتصارع هؤلاء الساسة من أجل مكاسب شخصية رخيصة و آنية على حساب هذا الوطن المنكوب بنخبته المتآمرة عليه .. يجب ان نعترف بجدية الأزمة السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و ندرك ان الوضع السياسي يتجه نحو نفق مظلم و لا احد يستطيع أن يتنبأ بما ستنتج عنه من إنعكاسات سلبية على البلاد وطنيا و إقليميا و دوليا .
مرت 9سنوات على الثورة و مزال الشعب التونسي ينتظر تحقيق جزء من ثورته التي عجزت الطبقة السياسية عن تحقيقها ٠
أعتقد أن أهداف 14 جانفي تحققت و لاتزال مطالب 17 ديسمبر في قائمة الإنتظار منذ 9 سنوات و ربما قد تظل مجرد وعود و أحلام شعب دفع شهداء مقابل صعود أطراف ركبت على الأحداث بما يسمى بالثورة المضادة ،
سنوات تمر و الشعب يحتفل بمرور الأعوام و تغيير في الأرقام لاغير ، مشاهد سياسية معتمة و حكومات متتالية و لا جديد يذكر و لا قديم يستحق الذكر ٠٠
ضباب كثيف يخيم على المشهد السياسي التونسي على إثر إسقاط حكومة الجملي و التي تعتبر عرس ديمقراطي و حدث تاريخي تعيشه البلاد و يبقى السؤال مطروح: كيف ستكون الحكومة المقبلة ” حكومة الرئيس”؟ و ماهي التوافقات و التنازلات التي ستقدمها الكتل البرلمانية و الأحزاب ؟
أعتقد أن الحكومة القادمة ستمر بدون أي شك و بأغلبية مطلقة حتى لا يتم حل البرلمان لأن أغلب النواب يخافون من حل البرلمان وهذا ليس في صالحهم، و أعتقد أيضا إذا نجحت هذه الحكومة فستكون حكومة ضعيفة جدا، وسيكون من الصعب أن تمرر قوانينها أمام مجلس نواب الشعب و امام الكم الهائل من الأزمات و الملفات العالقة التي خلفتها الحكومات السابقة و ربما عدم مرور الحكومة سيزيد في تعقيد الأزمة السياسية و الإقتصاديةو الإجتماعية و خصوصا الأحداث الإقليمية المتسارعة ، التونسيون سئموا من التجاذبات في المشهد السياسي و البرلماني و أصبح تشكيل الحكومة مطلب شعبي و على الطبقة السياسية تجاوز الخلافات و تغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة ..
بعد سقوط حكومة الحبيب الجملي والمرور الى الخيار الدستوري الاخير لتشكيل الحكومة ، رئيس الجمهورية هو من سيعين الشخصية الأقدر ومن يختار الكتل التي سيتفاوض معها حول “حكومة الرئيس” و على شخصية وطنية متفق عليها وبقيادة جماعية للبلاد ووفق برنامج واضح وبتوافقات مع كل الأطياف السياسية للخروج من هذا المأزق السياسي ، و يبقى السؤال مطروحا : بعد إسقاط البرلمان لحكومة الجملي : ماهي حظوظ نجاح ” حكومة الرئيس” ؟