لم يجف الحبر الذي كتب به قرارات “الجامعة العربية” بعدم التعاون مع الادارة الامريكية في تنفيذ الاتفاقية و “غضب” رئيس “السلطة” الفلسطينية وإعلانه عن قطع العلاقات والتعاون الامني مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة لتنقل لنا وسائل الإعلام الاسرائيلي على زيارة سرية لمديرة وكالة المخابرات المركزية الامريكية الى رام لله وإجتماعها مع أبو مازن وربما مع مسؤولي التنسيق الامني الذي يدفع البنتاغون رواتبهم فهؤلاء أولاد دايتون المدللين الذي لا تنقطع رواتبهم على الاطلاق. ومن الواضح ان “موقف” القيادة تغير بين ليلة وضحاها فقد تناولت وسائل الاعلام ان الرئيس قد هدد بوقف التنسيق الامني بمعنى انه لم يقطعها كما أشير سابقا.
ماذا تسمى هذه الحركة؟ وكيف لنا أن نطالب الغير بالوقوف معنا والقيادة لا تملك اية مصداقية لا أمام شعبها ولا أمام العالم وخاصة الدول المناصرة لقضيتنا؟ كيف تريد لشعب ان يقف ويلتف حول هكذا القيادة تتبدل وتتلون حسب الطلب ولا تملك قرارها؟ ويحق لنا أن نتساءل لماذا البعض ما زالوا يدافعون عن مثل هكذا قيادة؟ ويحلمون بأن مواقفها قد تتغير وتلتزم بقرارات الشرعية الفلسطينية وتكف عن سياسة الهيمنة والاستئثار الفردي المطلق؟
وهذه لم تكن الحادثة المشينة والمدانة الوحيدة التي حصلت بعد إجتماع وزراء الخارجية العرب في مصر يوم السبت الماضي. فها هو رئيس المجلس الانتقالي في السودان يجتمع “سرا” مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني المجرم نتنياهو في أوغندا ليلحق بركب المهرولين والمطبعين من العربان. وسائل الاعلام الاسرائيلية هي من كشفت عن كلا الحدثين وخابت آمال ومحاولة عباس وبرهان من الاختفاء خلف أصابعهم.
من الواضح من كلا الحالتين وغيرها أنه متى بدأ السقوط فلا نهاية أو قعر له. وهذا ما شهدناه وخبرناه على أرض الواقع بتدني سقف المطالب الفلسطينية بإستمرار وبتسارع وخاصة منذ أوسلو ولغاية الان. لا يغرنك المواقف والتصريحات التي تطلق من هنا وهناك ” عن دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية شاء من شاء وأبى من ابى”. ولا أدري عن اي قدس يتحدثون فحتى أبو ديس التي كان يحلمون بها ذهبت.
الشيء الوحيد الذي من الممكن ان يوقف هذا السقوط المشهود والمتدحرج ويعيد لنا الكرامة والعزة والارض المغتصبة هو اللجوء الى الشعب وقواه الحية والمقاومة. فهل سنشهد تحركات جماهيرية لكنس هذه القيادات؟ أم ان نستكين ونتمترس في خندق الفئوية والحزبية والفتن الطائفية؟ عندها لا يحق لنا ان نلوم الغير ونجلس نحتسي القهوة والشاي ونشرب الاراجيل وننظر ويذهب كل منا الى بيته بعد ان أفرغ الشحنة العاطفية وليستقبل يوما جديدا وكان شيئا لم يكن. إذا كان الامر كذلك فلا يحق لنا ان نقول ان فلان وفلان هم من باعوا الوطن. وستقول عنا القادمة انكم انتم من بعتوا الوطن والقضية لانكم لم تتحركوا لتنقذوا الوطن في وقت المحنة وعندما تكالبت عليه الذئاب. فماذا نحن فاعلون؟.